ضربات قاصمة أجهزت بها كتلتي الأحرار والمواطن على جسد التحالف الوطني الشيعي المريض , فهذا التحالف ولد مريضا منذ أن رأى النور , والهدف الوحيد الذي من أجله تشكّل هذا التحالف هو لقطع الطريق على القائمة العراقية في تشكيل الحكومة وفقا لمفهوم الكتلة الأكثر عددا الذي أقرته المحكمة الاتحادية العليا في تفسيرها للمادة 76 أولا من الدستور العراقي .
والجميع يعلم علم اليقين أنّ مكونات هذا التحالف الرئيسية الثلاث يمقتون بعضهم البعض بسبب صراعهم على تمثيل الشارع الشيعي العراقي , في ظل انحسار دور القوى الديمقراطية والليبرالية في المجتمع العراقي برمته وليس فقط في الشارع الشيعي فهذا التحالف ولد غير منسجما ولم يعرف الانسجام قط , ولولا قرار المحكمة الاتحادية ببطلان الجلسة المفتوحة لمجلس النواب , لما استطاع أن يقدم مرشحا له لرئاسة الوزراء .
ولو أمعنا النظر جيدا في أسباب عدم الأنسجام بين مكوناته , لوجدنا أنّ هذه الأسباب لا تمت بصلة لاختلاف البرامج والرؤى السياسية , بقدر ما هي خلافات تعود لأسباب حزبية وشخصية وحتى أسرية على زعامة هذه الأسر للمرجعيات الدينية , فمشاركة هذه الكتل في الحكومة هو من أجل إفشالها وإسقاطها , وليس من أجل المساهمة بتنفيذ برامج الحكومة وتقديم أفضل الخدمات للناس , وقد حاول تيار الأحرار إسقاط هذه الحكومة بالتنسيق مع التحالف الكردستاني والقائمة العراقية, ولكنّه لم ينجح , فاّصبح يضع العصى في دواليب الحكومة حيثما سنحت الفرصة بذلك .
والإنجاز الذي حققته كتلتي الأحرار والمواطن في انتخابات المجالس المحلية الأخيرة وفقدان تحالف دولة القانون للأغلبية المطلقة في بغداد ومحافظات الفرات الأوسط والجنوب , قد أتاح لهاتين الكتلتين توجيه ضربات موجعة لهذا التحالف المريض , خصوصا عند تشكيل حكومتي بغداد وديالى المحليتين , والحقيقة إنّ موت هذه التحالفات الطائفية المريضة يصب في مصلحة الديمقراطية والنظام الديمقراطي في العراق , فهذه التحالفات الطائفية والقومية كانت ولا زالت هي السبب الاساس فيما وصل إليه البلد من خراب وفساد ودمار وفوضى .
فإذا كان تحالف دولة القانون جادا من أجل الخروج من شرنقة هذه التحالفات الطائفية المريضة , فعليه الانفتاح على القوى الليبرالية والديمقراطية في المجتمع العراقي واستغلال هذه الفرصة لتعبئة القوى الديمقراطية باتجاه تشكيل تحالف وطني حقيقي بعيدا عن الاستقطابات الطائفية والقومية , خصوصا ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية جديدة في العام القادم .
وكما يقول المثل ربّ ضارة نافعة , وبغض النظر عن اهداف كتلتي الأحرار والمواطن في تشكيل حكومتي بغداد وديالى , فإنهم قد دقوّا المسمار الأخير في نعش هذا التحالف المريض , فهذا التحالف قد مات سريريا وسيشيّع إلى مثواه الأخير غير مأسوف عليه , فدولة المواطنة لا تبنيها أحزاب دينية طائفية متخلفة , وأي خلاف بين هذه الأحزاب على السلطة سيؤدي إلى نهاية هذه التحالفات , فشكرا لكل من دقّ مسمارا في نعش هذه التحالفات المريضة .