19 ديسمبر، 2024 12:25 ص

التحالف الوطني .. الخاسر الأكبر

التحالف الوطني .. الخاسر الأكبر

بفضل قانون “سانت ليغو” المعدل، حصل “التحالف الوطني” على نسبة غير مسبوقة في الانتخابات الماضية، وحاز على 60% من مقاعد البرلمان، وهي التي يطلق عليها في عالم السياسة “الأغلبية المريحة” التي تسمح بتمرير كل القوانين وتشكيل الحكومة وتعيين المناصب المهمة في إدارة الدولة. هذه النسبة كفيلة بتوفير الجو الصحي لتشكيل حكومة “مُرشقة” وبعيدة عن المحاصصة والضغوط، وتتكفل بتنفيذ رؤية التحالف الوطني وجميع مكوناته الواسعة. إنه عدد من المقاعد لم يتكرر ولن يتكرر، فخلال السنوات الماضية حصلت الأحزاب الشيعية على 50% تقريباً أو تحقيقاً من مقاعد البرلمان، لذلك كانت مفاوضات تشكيل الحكومة في 2005 و2006 و2010 صعبة جداً وماراثونية في ظل تهديد القوى الأخرى بالانسحاب، يُضاف إليها خشية فوات التوقيتات الدستورية.
مع الوفرة العددية للتحالف الوطني بعد انتخابات 2014، فإنه يبدو متخاذلاً متمسكاً بأذيال اتحاد القوى والتحالف الكردستاني، بل انه على استعاد للموافقة على التخلي عن نقاطه الانتخابية ليغري الاخرين بالمشاركة، وعلى استعداد للتضحية بابرز قادته (هاي العامري مثلاً) والالتفاف على برنامجه الحكومي الذي كانت أول فقراته ترشيق الحكومة الى 18 أو 20 حقيبة وزارية، المهم رضا الاخوة الشركاء في العملية السايسية، والذين تبدو انقساماتهم البينية ومطالبهم لاتنتهي ولاينخفض سقفها، انطلاقاً من زيادة ميزانية اقليم كردستان وليس انتهاء بالغاء قانون اجتثاث البعث، مروراً بكل الأفكار الاستفزازية التي يصمت امامها قادة التحالف الوطني.
يدور سؤال بين جمهور التحالف الوطني: لماذا هذا الموقف الضعيف؟ ومنه تتفرع الأسئلة الأخرى: على ماذا يدلل هذا الموقف الركيك؟ وكيف يمكن للعبادي قيادة حكومة قوية منصفة عادلة في ظل هذه الضغوط التي لاتعرف حداً تتوقف عنده؟ وما جدوى الفوز العريض للتحالف الوطني إذا كان العمل تحت قبة البرلمان يتحرك ضمن ترويكا شيعية ـ سنية ـ كردية متكافئة القوة؟ لا أظن أن الحكومة المقبلة ستكون بالقوة التي رسمها رئيسها، ولن تستطيع حل الأزمات المتوالية، انطلاقا من نقص الطاقة مروراً بوجود تنظيم إرهابي يبسط سيطرته على مناطق واسعة وستراتيجية مهمة من البلاد. أداء التحالف الوطني لم يكن بمستوى المسؤولية الانتخابية أو الشعبية.