23 ديسمبر، 2024 2:54 ص

التحالف العربي الجديد … رحمة أم نقمة ؟!‎

التحالف العربي الجديد … رحمة أم نقمة ؟!‎

يعد تشكيل تحالف إسلامي عسكري مناهض للإرهاب، وغرفة عمليات مشتركة للتنسيق مقرها الرياض، كان مفاجأة غير عادية للعديد من الدول حتى من ذكر اسمها ضمن ذلك التحالف كلبنان, وكذلك فاجئ هذا الإعلان بعض الدول الأخرى الإسلامية التي لم يتم ضمها له كإيران والعراق وسوريا وسلطنة عمان, فيا ترى لماذا أضيفت دول وألغيت دول أخرى ؟! وهل سبق إعلان هذا التحالف اجتماع أو تنسيق على مستوى وزارات الخارجية ؟!.

لم يتم عقد أي اجتماع دولي سواء على شكل قمة أو مؤتمر أو غيرها بين دول التحالف الدولي ولم يعلن عن أي اتفاقات بين تلك الدول, وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على انه قرارا أتخذ بسرعة والسعودية أعلنت عنه وفق توجيه من دولة عظمى كأمريكا وما يؤكد ذلك هو تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي سبق إعلان التحالف الإسلامي بثلاثة أيام والذي أشار فيه إلى تغيير الإستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب والتي ستتضمن إنشاء قواعد دولية لضرب الإرهاب في كل دول العالم, وهذا يجعلنا نرجح إن التحرك السعودي جاء وفق أمر أمريكي.

أما بالنسبة لعدم ضم إيران والعراق وسوريا لهذا التحالف, فالسبب واضح جداً وهو ليس كما يراه بعضهم بان سبب طائفي بل السبب هو إن حكومتي العراق وسوريا خاضعتان بشكل وبإخر للإرادة الإيرانية, هذا من جهة ومن جهة أخرى هو الممارسات الإجرامية التي تقوم بها المليشيات العراقية المرتبطة بإيران بحق العراقيين – سنة وشيعة – وإجرام النظام السوري بحق الشعب السوري بالإضافة إلى إن إيران زجت بمقاتليها – نظاميين وغير نظاميين – في سوريا والعراق, ويضاف إلى ذلك هو اتهام إيران بالتعاون مع التنظيمات الإرهابية وكالقاعدة وداعش, وبنظر العالم اجمع إن المليشيات والنظام الإيراني لا يوجد فرق بينهم وبين داعش, فكيف يتم ضم دولة متهمة بالإرهاب إلى تحالف أسس من أجل مكافحة الإرهاب ؟!.

وبالنسبة لضم لبنان لهذا التحالف دون علم حكومتها, فهذا وحسب ما نتوقعه هو بسبب إن الحكومة اللبنانية غير مرتبطة بإيران وتتمتع بسيادة كاملة, وبما إن حزب الله اللبناني من التنظيمات المدرجة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية فسيكون دور الحكومة اللبنانية هو مطاردة عناصر حزب الله وستحظى بدعم دولي في ذلك, وهذا سيبقى رهناً بموافقة الحكومة اللبنانية أو رفضها للانضمام للتحالف الدولي الإسلامي.

هذه الأمور ستولد فكرة بأن هذا التحالف هو تحالف طائفي, وهذا ليس بصحيح, لأن هذا التحالف أسس من أجل ضرب المنظمات الإرهابية, وهذه المنظمات الإرهابية اغلبها سنية متشددة كالقاعدة وداعش, ومن يقول بأنه طائفي فانه ينظر لعدم ضم إيران لهذا التحالف, وقد بينا سبب عدم ضمها, بل إن تدخلات إيران في المنطقة بصورة عامة هي التي دفعت بتلك الدول بتشكيل هذا التحالف, فهي من تسببت بظهور داعش في العراق وسوريا من خلال دعمها للأنظمة الحاكمة في البلدين – بشار الأسد ونوري المالكي – والتي عملت على إشاعة الفساد والطائفية والقتل والتقتيل والتمييز العنصري والطائفي, وبسبب تعنتها وعنادها وأطماعها التوسعية وقفت وساندت هاتين الحكومتين الظالمتين الأمر الذي تسبب بظهور تنظيم داعش.

لكن يبقى هناك سؤال يدور في الأذهان وهو ؛ هل هذا التحالف رحمة للعرب والمسلمين أم إنه نقمة عليهم ؟! وجواب ذلك يكون وفق إحتمالين, إن كان هذا التحالف تأسس وكما توقعنا بتوجيهات غربية أمريكية فلا خير يتوقع منه لأنه أسس من أجل خدمة مصالح الغرب ويراد منه زج العرب والمسلمين بحرب بالنيابة عن أمريكا والغرب, وهذا ما سيكلف العرب الكثير من الأرواح والأموال تضاف إلى ما فقدوه طيلة تلك الفترة المنصرمة, وسيكون نقمة على العرب وعلى الإسلام والمسلمين, وهنا يتوجب علينا تحذير الشعوب العربية والإسلامية من هكذا أمر ونذكرهم بمقاله المرجع العراقي الصرخي خلال الحوار الصحفي الذي أجرته معه صحيفة الشرق حيث قال …

{{… لأبنائي وأعزائي الشعوب العربية أقول: احذروا الفتن احذروا الفتن احذروا قوى التكفير المتلبسة باسم الدين والمذهب والطائفة كذباً وزوراً، احذروا منهج التكفير القاتل مدعي التسنن، واحذروا منهج التكفير الفاسد مدعي التشيع، احذروا الإمبراطوريات وقوى الاحتلال التي تؤسس وتؤجج تلك الفتن، وعلى الجميع الوقوف بوجه هذه الأمواج الفكرية المنحرفة الدخيلة على الإسلام والمشوّهة لصورة الإسلام ومبادئه وأخلاقياته….}}.

أما إذا كان هذا التحالف أسس وفق رؤية ورغبة وتوجه عربي خالص هدفه هو الحفاظ على هيبة الإسلام والمسلمين وتطهير الإسلام من كل الدخلاء الذين تستروا به, وبعيداً عن الطائفية والمذهبية, فسيكون رحمة للناس أجمع.