23 ديسمبر، 2024 5:30 م

التحالف الرباعي الروسي الايراني السوري العراقي..أمريكا تستنجد بالحصيني وبنات آوى وأبو الجنيب لتخليصها من ورطتها في العراق!!

التحالف الرباعي الروسي الايراني السوري العراقي..أمريكا تستنجد بالحصيني وبنات آوى وأبو الجنيب لتخليصها من ورطتها في العراق!!

ما ان تم الاعلان عن وجود تحالف رباعي ( روسي ايراني سوري عراقي ) حتى راحت الشكوك والوساوس تدور في رؤوس كثير من العراقيين ، وحتى من شعوب دول المنطقة وقواها السياسية ، من أن عهدا جديدا قد بدأت ملامحه تظهر من جديد يتمثل بـ ( محور شر) آخر ، وهو المصطلح نفسه الذي إستخدمه الامريكان لوصف أي تحالفات من هذا النوع في سنوات سابقة ، يوم كانت كوريا الشمالية وايران وروسيا تمثل من وجهة النظر الامريكية إحدى تشكيلات هذا المحور قبل سنوات!!
لكن المفارقة الكبرى التي ربما أذهلت الكثيرين حتى بضمنهم محللين ومتابعين ذوي خبرة ودراية بحركة السياسة الدولية، أنهم لاحظوا ان الولايات المتحدة بدت ترحب بهكذا (محور) ، وإن كان هذا الترحيب على مضض، لكنها لم تعارضه هذه المرة، ما يظهر لأي متتبع ان الولايات المتحدة قد تراجع دورها كثيرا في المنطقة بعد الدرس العراقي ، وان قضت على معالم الخطر الذي كانت تدعي ان العراق كان يشكله على العالم ، بالطريقة التي أثار الغرب زوبعتها في ذلك الوقت وشنت ضده حربا عالمية شاركت فيها أكثر من 33 دولة ، انتهت بإحتلاله وتسليم السلطة الى سياسيين كانوا يوالون ايران او يتخذون منها مركزا لانطلاق تحركاتهم المضادة للعراق في الثمانينات والتسعينات وحتى الى مرحلة عام 2003 يوم سلمتهم امريكا مقاليد السلطة في العراق، وهم من اوصلوا العراق الى هذا التشرذم والانقسام والى حالة الافلاس الرهيبة التي هو عليها الان بحيث ضاع دم العراقيين بين القبائل وتحولوا الى مشردين داخل بلدهم وفي بلاد الغربة يستجدون عطف العالم عله يقبل بهم كلاجئين وهم بمئات الالوف وقد توزعوا على كل مدن الدنيا للخلاص من فرق الموت ونظام سياسي لايعرف كيف يتصرف وقد أضاع هيبة بلادهم واوصلهم الى حالة عيش متدنية ليس بمقدور حتى الحيوانات ان ترضى بعيش ذل على هذا المنوال من المآسي والالام والنكبات.
ولا يخفي محللون من ان يتوصلوا الى قناعة انه بعد ان واجهت أمريكا كل هذه المصاعب في العراق وآخرها في المواجهة مع داعش ، على أرض العراق ، وامتداداتهم في سوريا ، فأن الولايات المتحدة سعت بعد عجزها هذا واعترافها على لسان رئيسها أوباما في خطابه في المنظمة الدولية الى توريط جهات دولية كبرى في المستنقع العراقي، مثل روسيا وايران الساعتين الى دور في المنطقة ، علهما يواجهان انتكاسات كالتي اعترف الرئيس الامريكي أوباما بها صراحة في الأمم المتحدة عندما قال ان الولايات المتحدة تعلمت من تجربتها في العراق درسا صعبا توصلت من خلاله الى ان القوة العسكرية ليست هي الخيار الوحيد في حل الأزمات وان الحلول السياسية ينبغي ان ترافق أي عمل عسكري لحل المشكلات المتفاقمة.
ولكن دول العالم وشعب العراق وكثير من قادته السياسيين ربما كانوا اكثر من تفاجأوا بهذا التحول الغريب في مجريات الحرب والمواجهة مع داعش، بحيث تبدو الولايات المتحدة والتحالف الغربي عموما وقد أظهروا عجزهم عن مواجهة هذا الغول الذي يهدد ليس مستقبل العراق وسوريا بل مستقبل دول المنطقة التي وان لم يصلها خطر داعش بعد لكنها تستشعر وجوده عن قرب وهي تحسب له الف حساب، وراحت حتى بريطانيا والدول الاوربية يشجعان روسيا وايران على الاشتراك في هذا الجهد الدولي، بالرغم من انه حتى هذا الاشتراك واضحا للعيان في مسرح الاحداث منذ ان أطل الامريكان بجيوشهم على أرض العراق وتقاسموا اللقمة مع الإيرانيين ، كي يبتلعوا العراق ، وما ان يئسوا من الوصول الى هدفهم في الامساك بالملف العراقي حتى تم الاعلان عن تحالف رباعي جديد بمشاركة روسيا وايران وسوريا والعراق ، وهو وان كان تمثيلا إستشاريا أمنيا لتبادل المشورة والخبرات والمعلوماتية كما تم الاعلان عنه الا إن مجرد دخوله كواجهة للتحرك بهذا الاطار الذي ظهر به يؤكد وجود ( مخاوف مشروعة ) من كل الاطراف من ان ( مطامع ) من هذا النوع بدت واضحة المعالم يخشى من آثارها العراقيون الذين اكتووا أكثر من غيرهم بنيران تحالفات دولية كان بلدهم من أكثر ضحاياها تأثرا واضمحلالا في الدور والمكانة وضياع هيبته التي بقيت محفوظة لقرون.
إن عتب العراقيين شعبا وقيادات ليس على روسيا ولا على ايران ولا على غيرها من الدول، ولكن العتب الكبير يبقى على الولايات المتحدة والتحالف الغربي عموما يوم أوصلوهم الى هذه المكانة غير اللائقة بهم عندما أحالوا العراق الى ركام وحطام من الالام والنكسات والخسائر الباهضة في الارواح والبنية التحتية وتشتيت ثروته وايصاله الى مرحلة الاستجداء من الدول الصغيرة والكبيرة ، للحفاظ على بقايا وجوده المنهار ، في وقت كان العالم كله يعرف مقدار قيمة مايشكله العراق من قوة ومكانة وهيبة ،ولم يقف حتى بوجه الدول الكبرى ومصالحها المشروعة في المنطقة، لكن غطرسة الغرب وامريكا الفارغة هي من اوصلت العراقيين الى هذه الحالة التي لايحسد عليها، بل انه حتى هيبة الولايات المتحدة قد ضاعت هيبتها وتراجع دورها كثيرا امام دول ومنظمات صغيرة لاتشكل شيئا في موازين القوى ، حتى راح كل من هب ودب يلعب بذيله مع دولة كبرى مثل الولايات المتحدة تدعي انها أقوى دولة في العالم بلا منازع، واذا بقوى وجماعات مسلحة مثل داعش ومثيلاتها من ايران وقد مرغت انفها في الوحل العراقي، حتى راحت تستنجد بـ (أبو الحصيني وبنات آوى وأبو الجنيب ) كما يقال في المثل العراقي، علهم يكون بمقدورهم أن  يخلصوها من ورطة أزمتها المتفاقمة في العراق.
ان العراقيين الذين تحملوا وزر كل تلك المآسي والنكبات امام إمتحان آخر، لابد وان يراقبوا هذا المشهد بكل حذر وريبة من انتقالات هذا المشهد التراجيدي الرهيب، وعلى القوى والشخصيات العراقية التي تدعي انها ( وطنية ) او هكذا أطلقت على نفسها ان لاتذهب بعيدا في هذا الرهان، لانه خاسر منذ بدايته، وهم وحدهم ان استعادوا وحدتهم وتكاتفهم واظهروا قدرة على التصدي والمواجهة واعادة تنظيم صفوفهم من جديد، بان يدرك الجميع من كل الاطياف العراقية والطوائف والقوميات والاديان أنهم بوحدتهم وتضامنهم القوي بوجه كل تلك المخاطر لابد وان يضعوا حدا لكل تلك المخاطر ويضعوا أقدامهم على الطريق الصحيح بإعادة ترتيب بيتهم العراقي، وتأكيد حقيقة وان كانت مرة ، بل وأشد من العلقم في مرارتها، انه لن يخلص العراقيون من هذا الجور والطغيان والظلم وكل هذه المطامع والاحتلالات الا بتوحيد ارادات قواهم الوطنية الحقة، واظهار مشاركتهم جميعا بوجه كل تلك التحديات حتى وان كانت قاسية وأليمة، وان يتذكروا ان العراق يمتلك كل هذا الارث العريق من البطولات والامجاد، عندها لن يكون لداعش او امريكا او روسيا او ايران أو ابو الحصيني وبنات آوى مكان لها في العراق ويعيش العراقيون سعداء على ارضهم، وبغير هذا العيش المشترك لن يكون هناك وطن إسمه العراق كما يخطط كل هؤلاء الطامعين الشامتين بنا حد ذبحنا بسكاكين مطبخنا، لكي يقضوا على آخر عراقي ، ظنا منهم ان وجود عراقي واحد سيعيد العراق الى مكانته الأولى عندما يولد فجر الحضارة من جديد.