سبق و أن اشرنا في مقال سابق لنا بعنوان ((إيران و الفتوى وراء تأسيس التحالف الإسلامي العسكري)) إلى الأسباب و المبررات التي أدت إلى تشكيل التحالف الإسلامي بمحوره العسكري و كما ذكرنا فانه ردة فعل للتدخل العسكري الإيراني في العراق و سوريا و اليمن أما بالمباشر أو عن طريق المليشيات المسلحة .ومع إن هذا التحالف بمحوره العسكري خطوة جيدة يطمح لها كافة المسلمون لكننا نجد و في نفس الوقت أن هناك محورا أخرا يجب أن يسير مع هذا المحور و هو المحور الفكري و الذي سيكون فيما لو تم تفعيله وفق المنهجية الإسلامية المعتدلة العنصر الأكثر حسما حتى من المحور العسكري بل انه سيختزل الوقت و الجهد و يستعجل النتائج بالنسبة للمحور العسكري , و إن مسارات التحالف الفكري تتمثل بمعالجة المشاكل الفكرية التي ولدت التطرف و الغلو و التكفير و الذي انتقل من ظاهرة فكرية إلى سلوك ميداني تستباح على أساسه الدماء و تنتهك الإعراض و أصبح عقيدة راسخة لدى جهات تكفيرية و مليشياوية سيطرت على المشهد في العراق و سوريا و اليمن و ليبيا و ليس باقي البلاد العربية و الإسلامية بمنأى عنه ما لم يتم معالجة أسبابه . و إذا كانت الدول المشكلة للتحالف الإسلامي بكل إمكانياتها السياسية والاقتصادية و العسكرية و البشرية قادرة على توفير عناصر نجاح التحالف الإسلامي بمحوره العسكري فان المحور الفكري هو من مسؤولية علماء الأمة و فقهائها و مفكريها من أصحاب الفكر المعتدل و الخطاب الإسلامي الواضح ممن لم يكونوا طرفا مباشرا أو غير مباشر في الصراعات الحالية و الذين تقع على عاتقهم مسؤولية طرح التاريخ الإسلامي و مسائله الخلافية في الجانب العقائدي و الفقهي و السياسي بروحية علمية و رؤيا موضوعية بعيدا عن منهج التكفير و السب و الشتم و اللعن و الطعن الذي يسود الساحة الإسلامية في الوقت الحاضر و الذي اطر المسلمين بتوصيف كل منهم للأخر بتوصيف الروافض الصفويين للشيعة و النواصب التكفيريين للسنة .و تعتبر شخصية المرجع العراقي الصرخي الحسني من ابرز إن لم يكن أول الشخصيات الإسلامية التي يمكن الاستفادة من فكرها و طروحاتها في المحور الفكري لان الخط العام لمرجعيته و منذ تصديه للمرجعية قبل خمسة عشر عاما كان و ما يزال هو محور الوحدة الإسلامية القائم على قراءة التاريخ الإسلامي بشقيه الشيعي و السني قراءة موضوعية تحليلية و محاولة تنقيته من الشوائب و لذلك نجد انه بادر إلى تأييد التحالف الإسلامي تأييدا مشروطا من خلال بيانه الأخير ((التحالف الإسلامي ..بين الأمل و الواقع )) بتاريخ 18/12/2015 و سبق أن أشار إلى المحور الفكري لمعالجة المشكلة جذريا من خلال بيانه رقم (56) ((وحدة المسلمين في نصرة الدين ))بتاريخ 20 ربيع الثاني 1429 هـ و الذي قال في أخر فقراته ((…أبناءنا أعزاءنا أهلنا السنة والشيعة لو تنازلنا عن كل ما ذكرناه ..ولو سلمنا بحقيقة ما موجود في كتبكم السنية تجاه الشيعة … وكذا العكس أي لو سلمنا بحقيقة ما موجود في كتب الشيعة تجاه السنة …فما هو الحل حسب رأيكم نبقى نتصارع ونتقاتل ونكفر بعضنا بعضا وتسفك الدماء وتنتهك الأعراض و تسلب الأموال ويبقى يتفرج علينا الأعداء بل يزداد الأعداء بنا فتكاً وانتهاكاً وسلبا وغصبا …إذن، ما هو دور العلماء والمجتهدين من الطرفين فهل يرضون بهذا التناحر والشقاق وسفك الدماء المتأصل لقرون عديدة والذي زاد ويزيد فيه أعداء الإسلام …إذن ، ليعمل المجتهد باجتهاده لمليء الفراغ وحل المتزاحمات وتقديم الأهم على المهمات وليراعي ويلاحظ العالم المجتهد المصالح والمفاسد ويعمل بالاستحسان أو أي دليل يعتقده … فالمهم والمهم والاهم الدماء والأعراض والأموال.)).