23 ديسمبر، 2024 5:43 ص

التحالفات “السنية” الجديدة … أحلام تجدد وآمال تتبدد

التحالفات “السنية” الجديدة … أحلام تجدد وآمال تتبدد

تتصاعد حدة الخلافات والمناكفات بين الكتل السياسية في العراق بشكل كبير قبيل الإنتخابات البرلمانية والمحلية على حد سواء ولعل المتصارعين أكثر من غيرهم قادة المكون “السني” فكل منهم يسيد نفسه على قومه وعشيرته وأتباعه وينصب نفسه زعيماً عليهم بحجج واهية دون الرجوع الى رأي الجمهور “السني” من الأساس.

العملية السياسية الهشة في البلاد والمحاصصة المقيتة التي جرت عليها العادة منذ اكثر من ستة عشر عاماً اذكت التصارع للظفر بمنصب ما هنا وهناك او وزارة او سفير بل وصل الأمر الى مدراء الأقسام ومسؤولي الشعب، ما أفقد السياسيين ثقة الشارع والناخب بهم وبات لا يصدقهم أحد.
لقـد أصبـح التكلم والتطرق للممارسـة الديمقراطيـة في العراق بعد عام ٢٠٠٥ يقـضي بالاعـتراف بالتعدديـة أولاً ثـم الاعـتراف بحـق الخصـم في المعارضـة وعـدم الإقصـاء “أسميا” ووجوده فعلياً، وقـد غـدا الاحتـكام لهـذه المبادئ هـو الفيصـل عنـد حـدوث التجاذبـات بـين القـوى الفاعلـة في الشـأن السـياسي، أمـا الخـروج عليهـا فهـو تهمة كـبرى لا يكاد يـبرأ منها فاعلهـا، وبلاء الحـركات الإسـلامية في هـذا المجـال بـلاء كبير.
تحالف النجيفي الذي اعلنه قبل يومين والذي ضم تحالفات وقوى سياسية”غير فائزة” و “منتهية الصلاحية” يظن ويحاول جاهداً الإبقاء على ما تبقى من “بريقه” الذي فقده بعد الإنتخابات الأخيرة التي جرت في البلاد في العام 2018 بعد ان فشلوا في تقديم اي شيء يذكر للمواطن العراقي البسيط وضربوا عرض الحائط كل ما وعدوا به قبيل الإنتخابات ليعيدوا هذه الشعارات في مؤتمرهم الأخير سالف الذكر دون ان يفكروا ولو للحظة بأن الشارع العراقي بات أكثر وعياً وتفهماً لما جرى ويجري على الساحة السياسية.
قبل تحالف النجيفي انطلق تحالف برئاسة رئيس مجلس النواب ومحمد الكربولي عضو المجلس والذي أعلن انه الممثل “الشرعي” للمكون السني المدمر نفسيا والمهدم “منزليا” والمهجر والمنفي “واقعياً” وهذا نفس ما تحدث به تحالف السيد النجيفي ايضاً بانه الممثل الشرعي للمكون، فلسان الشارع العراقي وعلى رأي الكثير منهم لا الحلبوسي ولا النجيفي ولا الكربولي الممثل للمكون المنسي المشرد دائماً والمعزز والمكرم من قبل السياسيين فترة “الإنتخابات”.
بعد ان تم توزيع المناصب والمكاسب تشظى الكل وتفرق العديد من الشركاء بل وصل الأمر لحد القطيعة والحرب الغير معلنة رسميا بينهم ، ليبقى من التكتلات فقط عدد من صقور تحالف البناء امثال خميس الخنجر وابو مازن وغيرهم قليل على عدد الأصابع ممن لم يعلنوا انسحابهم او ينظموا لاي حزب سياسي او تكتل جديد.

أحد معضلات التحالفات السياسية(السنية) أنها لا تعرف بالضـبط مـن تواجهـه أو بـالأحرى لا تعـرف بصـورة واضحة حجم خصمها الرئيسي أي التيار الاخر.
وهذا ما تحدث به الكاتب هشام الهاشمي الذي تساءل بشأن الحزب الإسلامي العراقي وحزب الوفاق وجبهة الحوار الوطني: هـل سيترشـحون كحزب وباسمهم الصريح في الانتخابات؟ وهل بشكل علني أو مستتر، وما هو وزنهم الحقيقي، وهـل سـيقدمون مرشـحين غـير معـروفين أو يتفاهمون مع أحزاب موجودة؟ كل هذه تساؤلات تجعل المنافس الحقيقي للحلبوسي والنجيفي والخنجر والكربولي غير ظاهر وهو ما يمثل أحد العوامل التي تساعد على عدم وجود تحالف قوي كبير وواضح بسبب عدم وجود هذا المنافس القوي الواضح.
واقعياً يظن البعض ان حـزب تقدم (بزعامة الحلبوسي) هـو المنافس القوي الواضـح، والواقـع يقـول إن الحزب الإسلامي وعلاوي والمطلك وسليم الجبوري لا يجدون غضاضة في أن تتحالف احزابهم وكياناتهم مع الحلبوسي، والبعض الآخر يجـده أقـرب له مـن النجيفي والخنجر والكربولي.
في الضفة الأخرى هناك تحالف عطاء الذي يضم بشـكل أساسي أعضـاء معظمهـم انتمـى إلى الأحزاب السنية سـابقا، وتحالف البناء الذي لا يزال يضم قوى وتيارات سنية فاعلة وليبرالية محسوبة بالكامـل عـلى العرب السنة والحقيقة أن هذه التحالفات “السنية الشيعية” عادة ما تنهار بعد اكتمال المحاصصة وتتقلص حتى تندثر.
المؤكد أن أزمة التحالفات السنية في نينوى وديالى والانباروحتى صلاح الدين كبيرة، ومشاكلها متعددة وهي جزء من مشاكل المجتمع السني، حتى أصبحت بعض هذه التحالفات جـزءا مـن حالة التجريف السياسي التي دمرت مدن العرب السنة.
جرت العادة في العراق ان تنهار الاحزاب وتتمزق بعد الانتخابات وتوزيع الثروات لتأتي كتل وأحزاب اخرى حاملة مشاريع ورافعة شعارات جديدة لجذب الانتباه وجمع الجمهور حولها لتتقاسم الثروات والمناصب والمكاسب على مدار السنوات الأربعة اللاحقة ليكون الحال كما هو عليه منذ العام 2003 لغاية الأن بإنتظار شيء جديد يحدث يغير المعادلة العراقية والواقع الهش الذي سئمه الشارع العراقي ونقم عليه دون ارادته.