تجري مطالبات عديدة من قبل بعض النواب والكتل السياسية لتشريع قانون الخدمة الالزامية لكونه يمثل واجب وطني معمول به في اغلب دول العالم . كما ان هذا القانون كان ساريا في العراق قبل الاحتلال الامريكي عام 2003 حيث تم حل الجيش العراقي بقرار من الحاكم المدني سئ الصيت بول برايمر , وعلق العمل بقانون الخدمة الالزامية . والى يومنا الحاضر
اثار مشروع القانون هذا نقاشات كثيرة . حيث يلقى ترحيبا من بعض الكتل ورفضا من كتل اخرى . كما يدعي المناهضين له انه يؤدي الى عسكرة المجتمع . وعلى مايبدو فان معظم الكتل والاحزاب الحاكمة لاترغب فعلا باصدار مثل هذا القانون رغم ادعائها بالحرص على الجيش العراقي واعادة تنظيمه . حيث ان مثل هذه الخطوة تمثل خطرا على ميليشياتها المسلحة , كما انها لاترغب في وجود منافس قوي لها , اضافة الى ان بعض القوى الدولية والاقليمية تعارض تشريع مثل هذا القانون ايضا خشية على مصالحها التي تتعارض مع وجود دولة عراقية قوية يحميها جيش محترف متمرس كالجيش العراقي
ان التجنيد الالزامي يخدم الفرد والمجتمع . حيث يتعلم الافراد الشعور بالمسؤولية ازاء الشعب والوطن , ويعودهم على الانضباط والالتزام بالواجب واحترام الوقت وتسلسل المراجع ويبعدهم عن الكسل والتسكع ويجعل منهم رجالا قادرون على خوض معترك الحياة . وهو على خلاف الميليشيات والفصائل الحزبية التي تفتقر الى المسؤولية والانضباط , والتي يراد لها ان تكون بديلا عن الجيش العراقي او مرادفا له على وفق رغبات الاحزاب السياسية المشاركة في الحكم لضمان بقاء فصائلها المسلحة . اما فيما يخص تشكيلات الحشد الشعبي فهي الاخرى لايمكن ان تكون موازية او بديلة عن الجيش النظامي كما يراد لها . ويقول الاستاذ داخل حسن جريو عضو المجمع العلمي العراقي في مقاله الموسوم بعض تداعيات قانون الحشد الشعبي , ان الحشد الشعبي حالة طارئة اقتضت تشكيله ظروف استثنائية , يفترض ان ينتهي دوره بانتهاء تلك الظروف وان تشكيلات الحشد الشعبي لاتخضع لهيكلة الجيوش النظامية ولا تتوفر في قادته شروط القادة العسكريين . ثم يردف قائلا ولا يصح كذلك جعلها قوات عسكرية نظامية باستنساخ تجربة الحرس الثوري الايراني حيث البيئة السياسية مختلفة بين البلدين
ان التجنيد الالزامي يحقق اندماج وتجانس افراد المجتمع الواحد , ولا يفرق بينهم على اساس الدين او الطائفة او القومية , هذه التفرقة المصطنعة من قبل الاحزاب السياسية الحاكمة لضمان بقائها في السلطة , وما تبعها من اجراءات غاشمة مثل عزل كثير من مدن وضواحي العراق بالجدر الفاصلة , وكذلك العاصمة بغداد التي قطعت اوصالها باحياء منعزلة تشبه الغيتو والفصل العنصري الذي كان سائدا في جنوب افريقيا وحاليا في اسرائيل
كما ان التجنيد الالزامي يحقق التآلف والتآزر بين ابناء الشعب الواحد حيث يكون التدريب والنوم المشترك والعرضات والاستراحات والمناورات فرص للتآلف والشعور بانهم ابناء وطن واحد واجب الدفاع عنه والتفاني في سبيله وفي سبيل رفاق السلاح . ويكون الولاء للوطن بديلا عن الولاءات الحزبية او العشائرية او المناطقية
السائدة الان مع الاسف
اما ادعاء بعض الكتل السياسية والمنظمات الاجتماعية من ان التجنيد الالزامي يزيد من عسكرة المجتمع فهذا مردود من اساسه حيث اننا نعاني الان من العسكرة اكثر من اي قت مضى . فهناك عسكرة العشائر , وعسكرة الفصائل المسلحة الحزبية , وعسكرة الحشد الشعبي . اضافة الى المافيات والعصابات المسلحة التي تجوب الشوارع في كل وقت وحين
ان حصر السلاح بيد الجيش والشرطة فقط يعزز هيبة ومكانة الدولة ويحقق الامن والنظام في المدن وعلى الحدود ويقلص من عسكرة المجتمع الجاري الان بحجج شتى , كما انه يحقق وحدة القرار العسكري , هذه الوحدة المفقودة الان لتنازع النفوذ والسلطة بين التشكيلات المسلحة المتعددة الحالية ، وكذلك بين الاحزاب الحاكمة وفصائلها المسلحة , والتي ادت الى تضارب في القرارات كل حسب اهوائه وتسببت في ضياع المسؤولية القانونية والوطنية
تتولى بعض قطعات الجيش حاليا مهمة اعادة بناء وترميم المدارس والطرقات في بعض المحافظات بعد عجز الحكومة ومجالس المحافظات من القيام بهذه المهمة للفساد المستشري فيها . . وهكذا فان الجيش سيكون قادرا ليس فقط للدفاع عن الوطن وقطع الايادي الطامعة فيه , وانما وسيلة للبناء والنظام في اوقات السلم ايضا
ان الجيش العراقي الباسل كان وسيظل حارسا امينا مخلصا لوحدة الاراضي العراقية وحاميا لامنه وحدوده , لكونه يجمع كل العراقيين في مؤسسة وطنية واحدة , تجمع ولاتفرق ، تحمي ولا تتخاذل , ولنا في تاريخه المجيد شهادات وعبر لكل اولئك الحاقدين على الجيش العراقي في الداخل والخارج.