الأول : الشاعرة فليحة حسن
الأول : ثلاث قصائد لتحرير الايروتيكية العربية من الدنس والزيف والكبت للشاعرة فليحة حسن
كلما حاولت استدراج مدركاتي الثقافية ، لأعزف لحن أغنية الدخول إلى عالم فليحة حسن الشعري أتردد كثيرا ، كون الشاعرة خلقت لنفسها منطقة خاصة ، لايمكن لأي كان دخولها بسلام ، ولكني مسكون بالمحاولات وتغرني مناطق الشعر والتي تؤرق حالي .. وهذه المرة تهيبت أكثر ، كون العنونة أخافت رؤاي الذوقية : (قصائد خاصة جدا) ولولا إعلان الشاعرة لها لما كنت قبالتها في العلن الجماعي ، ثم إني وجدت الحشد الهائل من الرؤى ومبادئ حفظ الأمن الذوقي ضمن السياقات الأدبية ، والظاهر أن الشاعرة فليحة حسن تعمد غالى الصورة التي تتكامل فيها الرؤية ، حيث (تمثل الصورة الكلية في القصيدة واحدة من اعقد نماذج الصورة الفنية ، لما تحتاجه من قدرات أبداعية متنوعة ومستوى متقدم من الوعي الفني والرؤيوي ، اذ اصحب للصورة دور فعال ” في تحديد ماهية الشعر ، حتى غدت القصيدة تقرأ صورة ، صورة واصطبحت عنصرا رئيسيا من عناصر شعرنا المعاصر ” ، يتدخل هذا العنصر في ادق جزئيات النسيج الداخلي للقصيدة التي لم تعد تخضع للقيم الفنية القديمة المتشكلة من البيان والبديع والمجاز التقليدي حسب ، ” بل اصطبحت تحتوي على بعض الفوارق والمتناقضات والصياغات الجديدة التي تحتوي على اشتقاقات جديدة وعلامات وموزا وسيمياء وموسيقى وعاطفة ” ، تتداخل فيما بينها على نحو جمالي مدهش يرتفع بالصورة غالى اعتلى مراحل كليتها.)*ص103 عضوية الاداة حيث حاولت الشاعرة هنا تقديم صورة فيها محددات اجتماعية اخلاقية الغاية منها كما أرى تحرير الجنسية (الايروتيكية) من الشعور بالآثم والخطيئة والكبت والحرمان والضعف الذي شابها واحتاط بها ، وقد استطاعت الشاعرة نوعا ما منح نفسها حرية التعبير الهادئ من خلال رؤية متوازنة والتحرر من نظرة الاحتقار لهذه الحاجة الماسة ، للتحرر من ربقة الكبت والحرمان المفروضة بسلطة تعسفية غير واعية وطرحها بلغة تلقائية وبصور ثلاث تقاربت في الإيحاء بعلامات دالة ، أظهرت جمالية المحبة والعاطفة النقية ، في هذا قد يحق لي تسميتها بالجرأة الأخلاقية في الشعرية العربية . ففي الصورة الأولى لن تتخلى الشاعرة عن القيد الديني ، فعنونة القصيدة الأولى بـ(أبرئني الذمة) وذلك لآني (حين يجن الشوق) (أتسلل خوفا من وان تبصرني عيني) استعملت فعل التسلل ، بسبب القيود الداخلية أي الأخلاقية والقيود الخارجية أي الاجتماعية ، وهو صراع مفروض على ذات الشاعرة التي تتحلى بالنقاء والالق الروحي وهذا الصفاء صنعته لذاتها من ذاتها ، رغم ان تسللها كان صوب ثيابه ولم تقم باي فعل مشين سوى فعل الشم الذي يعيد الى نفسها فعل التوازن الروحي ، وكل هذا حدث خارج منظومة الجسد أي بغياب الاتصال الحسي ، وهذا الدفق بالعبارة ورشاقتها أعطى جمالية بلاغية مريحة في بثها اتصفت بالهدوء المناقض لحالة الانفعالات العاطفية السرية .. اما في الصورة الثانية تدفقت التلقائية بانسيابية راقية جدا ، ككشف عن سرية العلاقة التي تتم وراء ستار وهذه الورائية ، هي محل نقاش وجدل وذات بث مختلف تنطوي بانطواءات الذات المتلقية ، غير انفنا أمام مشهدين : مشهد الانفعال ومشهد الهدوء ، مشهد العنونة (أنا وحبيبي بعض حيوانات) ، ومشهد المتن (نلعق أصابع نشوتها) و (لكني
مثل فراخ الطير الجائع
أترقبه ؛)
و(و يغدو نمراً
حين الغضب)
وهذه الصورة ، هي الأكثر استقرارا من الأولى والثالثة ..
أما الصورة الثالثة ، وكانت مشحونة باللهفة والجوع ، وكاستنهاض للذاكرة التي تحاول آن تضع حدين : حد البراءة وحد التجربة الواقعية
* / كتاب (عضوية الأداة الشعرية) أ.د.محمد صابر عبيد / كتاب جريدة الصباح الثقافي رقم 14 ص103
الثاني : الشاعرة افين ابراهيم
التجليات الجسدية في قصيدة (أستعجُلكَ شتاءاً لصقيعي)
كانت الالوان المشكلة والمتصلة مع بعضها في لوحة اخذت مكانها فوق الزاوية العليا من رأس الشباك ، هذه اللوحة كثيرا ما اخذتني بعالم الوانها التي تعانق بعضها في انسجام وايقاع ، اللون الاحمر الوحيد الذي بدأ يمزق وحدتي راكضا كبقع ضوء فوق جسد ، يتوتر ، ينفعل ، يتصاعد ، قد تكون (امرأة تستلقي كشهاب) ذات اقدام عارية جميلة ، قد تقوم وتخطو باستعجال نحو شاطيء الرغبة ، كانت قصيدة الشاعرة افين ابراهيم (استعجلك شتاءا لصقيعي) قد حملت اشارات باثة التقت بكثير من النقاط مع اللوحة اعلاه ، وكانت سيلا من العلامات حملتها تلك الحروف والجمل في طاقة زاخرة بالحركة والانفعال والتوازي والتضاد بين النار والثلج بين اللون الاحمر واللون الابيض كل هذا تجسم في قولها :
(ستأتي شتائيَ ، راكعًا لصقيعي
بعد أن ..
أحرقَ الصيفُ عرقَ الفرحةِ ، في استعجالِك
تحضُنكَ الضحكة ُ في ثلجي ،
تغُطيكَ حدوديَ..
بسمة ًلعيونيِ الأخرى ثمَ أرميكَ
نارًا.. تحرقُ مدفأتي المنطفئةََ
منذُ حريقي الماضي أليكَ..
ورقة ٌ واحدة ٌ، تكفي لأسقط َ من عينيَّ
على شظاياَ وجُودِكَ الأحمرِ
فيا رملاً يعصفُ وجدي :
صفني غبارَ لوعة ٍ..
يختبئُ في طياتِ جفنيكَ)
وكانت حالات التداخل السحري الأسطوري ، قد خلقت مناطق شعرية ضاجة بالحركة والتصاعد برمز اللون الأحمر …
(أحمرُكَ الفاقعُ استأصلَ قرونَ اسِتشعاري
فبتُ فراشة ً على قارعةِ العمرِ
تتحسسُ أضواءَكَ العمياءَ
هكذا أطفئك
إشارة أخرى حمراء
بحثتُ جدوايَ لأبصرَ لا جدواي
أضيءَ برزخُ الروحِ لعُوالمَ مبتسمة ٍ
في موتـِنا الجديدِ
أعلننيَّ.. السرابُ
محاربَه ُالكئيبَ ؟؟؟
نَسيتُ في حضرَتِكَ أنوثتي المسنودة َ بقشيَّ
بدا لي كلُّ شيءٍ قليلا ً..
العشقُ / الألمُ / الجدوى / الدمعُ
حتىَ الشعرَ بدا بقليلـِناَ ،
أسعفني التأملُ ، حدَّ الذوبان
كقطعةِ ثلجٍ منكَ وفيكَ)
هذه الحرارة في التعبير أعطت دفق وغذت المتلقي بشريان الحياة وجعلت الأفكار في حالات بين الانطفاء والتوهج ، وحينما تكون حالة التوتر في أوج درجتها ، يكون البحث عن الجدوى واللاجدوى عن الروح ، هو العنوان المفقود في جهود الشاعرة وهي تدخل معترك تيه الشعر كمعادل موضوعي لرغباتها المكبوتة ، لتكون الحرب وهذه المتضادات التي تدفعها للإعلان عن قولها :
(بدا لي كلُّ شيءٍ قليلا ً..
العشقُ / الألمُ / الجدوى / الدمعُ
حتىَ الشعرَ بدا بقليلـِناَ ،
أسعفني التأملُ ، حدَّ الذوبان
كقطعةِ ثلجٍ منكَ وفيكَ
لأدرِكَ..
امرأةٌ واحدةٌ لا تكفينيِ ، لأكونَ لك كلَ النساءِ)
وهي تصريحات موحية للعلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة ، لكن الشاعرة افين تنأى بتحرير الايروسية وتحرير التناسلية من الشعور بالإثم والخطيئة والكبت والحرمان والضعف الذي يحيط بها وبالتالي منحها حرية التعبير من خلال جنسية متوازنة ، أي تحريرها من نظرة الاحتقار والدونية والقذارة إلى التعبير عن نفسها ضمن جنسية مؤنسنة ، فبدون هذا لاتبلغ غايتها الحقيقية أي إنها تتأنسن في نطاق المحبة ، فالتفتح الذي تنشده الشاعرة تمثله دوائر المركز حيث تقبع التناسلية ثم تتسع إلى نطاق المحبة والمحبة إلى نطاق الجمال والجمال إلى نطاق الحقيقة ، والحقيقة تعني بلوغ المحبة ، لترفض الإباحية وهي الجنس الغير مبرمج أي غير مؤنسن ، كي يرقى الفعل الجنسي إلى فعل طاهر ومقدس ، وتكون العلاقة سامية في حضورها الجسدي والروحي معا بعيدا عن (الهزائم الهشة) ، وهنا لابد من مناقشة قضية ، قد تتلاءم مع المعاني التي طلبتها الشاعرة افين إبراهيم بإلحاح ، وهي أن الشعر كما نعلم متشابه لدى كل شعراء الكون مثلما هو الجسد متشابه ، إلا إن لكل شعر معالمه الخاصة كما للجسد ، وعلى ذكر الجسد كعلامة في القصيدة نعثر له على انتشار فيها وله مطالبه الملحة ، لأنه ينشد للسلطة وينشد للحرية وأي قمع مهما كانت له تجلياته الجسدية ، فمثلا حصار حرية الكلام أو التجمع أو الجنس هو حصار للسان والإذن والعقل أي انه حصار للنزوعات التي يهفو إليها الجسد الذي ينشد لإشباع جوعه وهذا الجوع يؤدي غالى خلق جديد والنزوع إلى المثالية .. تقول :
(أكمل ِالليلَ
أيُها البقاءُ العذبُ
كوجعِ طفلٍ
لا يجيدُ المجازرَ البيضاءَ .
بقايا خائفٍ
يطاردهُ ظليَ العاري
في صدرِ الهواءِ
تمرُ الوجوهُ ونمرُّ بها
ليسَ مهُمًا..
الحقيقة ُ.. أن لا ننسىَ أرواحنا،هناكَ تحتَ أحجارِنا
ولنذكرَ هناكَ دومًا نقطةَ َماءٍ
لم نسمعْ صدىَ صوتِها على بقايا أرواحِنا)
وهنا ظهرت هذه التجليات بالظل العاري لان (الحقيقة .. ان لا ننسى ارواحنا) وتستمر التجليات التي تزيد التوتر بين مطالب الجسد ومطالب الروح ، ليكون الأصلح للبقاء هو النزوع الإنساني نحو المثالية في نطاق المحبة والطهر الروحي (فالموت قابع في حانة العدم
يرثي ضريح فاجعتي بك و بنفسي…
ظلال الروح تنفر العشق،
ثم تتوسل إعجاز سؤال،
يلملم أحشاء نهاية بلا لون…
آآآآآآآه ….)
لان الموت عدم للجسد ، لذا تكون الروح ظلال ، بل هي تعّجز أي سؤال عن الجواب ، فتصبح النهاية بلا لون .. هذه النتيجة جعلت الشاعرة تتوجع وهي تردد (آآآآه) .
إذن الجسد ينشد التحرر من كل ركام قوانين القمع ، فمن غير المعقول الحديث عن حرية نفسية في جسد مقموع ، فمشروع القصيدة وأي مشروع شعري سيكون مرتبطا بالتجليات الجسدية وتكون في مواجهة مع تعدد الأسئلة ، بينما كلام الآخر أعمى لا يجدي نفعا أمام أسئلة الكون وانفعالات الإنسان في نزوعه نحو واحة الحب وهو يعيش ( في وحولة الجسد) ….
(دعوني أنام عراء الاحتمال،
بحق لعنة الذنب.. لا توقظوني،
لا تفسدو حماقة العقاب
دعوني…
أترنح بين جدران الباطل،
لتكتمل قوارير دمي الفاسد فيك
فأدمن تبغ كلامك الأعمى ،
حين تغمده بإتقان
في أقاصي ذاكرة
تبحث عن منفى غبار،
تدثره بسخرية الابتسامة…
لتكررني هيكل فراغ لاستفهامي الأول،
سحابة خضراء تحمل جثمان الحب
لجنازة حضورك الغائب)
قد نحتاج لحديث طويل وتحليل أكثر لهذه القصيدة وقصائد اخرى للشاعرة القديرة افين إبراهيم ، كونها تعمل بهدوء وهي تسعى لإكمال مشروعها الشعري …
* قصيدة (أستعجُلكَ شتاءاً لصقيعي) للشاعرة افين إبراهيم
الثالث : الشاعرة سلوى فرح
من (اشتعال النرجس) إلى (كوخ الحب) كانت رحلتها في البحث عن جمال الحب
كان يسكنني التوق إلى التجول من نافذتي عبر المرج الأخضر الذي يمازح شواطئ النهر ، كانت عيناي مفتوحتين (تقنعني بالفضاء العميق ، وعليّ ان اكتشفه بشغف) وهناك فتاة تحاول أن تتعرى في مساقط الظل على آخر التوهج ، خصب ذلك المرج الأخضر يزهو من الفرح (واشتعال النرجس) قرب كوخ أسمته الشاعرة سلوى فرح بـ(كوخ الحب) تقول عنه : (اهو حلم الحقيقة أم حقيقة الحلم؟) وكان التوق يسكنني أن أتجول بمرج الشاعرة سلوى فرح ، لأجد أنها تعتمد على الصورة المتحركة في تصوير انفعالاتها ودفق عواطفها فـ(غالبا ما يتكئ الشاعر على “الفعل” في تحريك مفردات الصورة وتشعيرها بوصفه الأدلة الأولى الفعالة في تحريك مفردات الصورة الشعرية ، اذ يشكل “الوجه الظاهر لحركة الصورة ، ومن ثم فان افتقار الصورة غالى الفعل يسلبها دون شك تلك الطاقة على الحركة ويكسبها نوعا من السكون” ، لتستقر في القصيدة على أنها صورة ثابتة تنعدم فيها قابلية الحركة والتفاعل . لذلك فان انتشار الأفعال المتوازنة والمتكاملة في أدائها على مساحة الصورة التي تكتسب بوساطة هذه الافتعال “حيويتها في القصيدة وبالتالي تعكس هذه الحيوية على جو القصيدة ” ، يمنحها طابعا ديناميا تتناسب فعاليته الحركية الشعرية مع مستوى الضغط الروحي والتوتر النفسي لتجربتها.) تقول الشاعرة سلوى فرح :
(أفتقر إليك يا قمري
أمطرني ولا تختصر القبل
مرَّ ليلي وأنت عني بعيد ُ
كيف يحلو لي السهر؟
أنت نهاري وليلي..
وفصولي الأربعة
آه ما أحلاك..
و أنا أرنو إليك في السمر
يا توأم روحي الأزلي
أتوق لبوحك..
ولقطف الرُطبِ من شفتيك..
أحنُّ إلى غَمَراتِ صدرك
وتشعلني أنفاسك النرجسية
يا ليتني أحترق بين ضلوعك
وأتصبب من مُزنِ روحك
أيا فارسي الأسطوري..
نجمك المتوهج..
يداهمني في سُهدي..
وفي منامي
احملني على صهوة جوادك..)
حيث جعلت صورتها مشحونة بانفعالاتها المتحركة من خلال أفعال : (افتقر ، أمطرني ، ولاتختصر ، يحلو ، أرنو ، أتوق ، احن ، أتصبب) ، وهكذا تنقل لنا اشتعال ذاتها بوهج الحب واللقاء ، حتى تقول : (احملني على صهوة جوادك ..) ، كي ترسو على شطآن الفرح ، هناك وسط المرج الأخضر ، حيث (تدثرنا ضفائر الشمس) ، ثم ..
(لنحلق بأجنحة الحب..
ونعانق ملكوت الحرية
آه كم أهواك يا فردوسي
على ضفاف كوثركَ أزهرُ
وبفيض هواك أغرق
بالقداسة الخلود في أتونــك.)
ومن حيث ان نص (اشتعال النرجس) عكس ثبات الشاعرة على الحب وأنها غارقة بقداسته كخلود ينشده كل الناس الانقياء ، بيد إنها في نص (قبطان شطآني) تبدي تخوفها بقولها :
(أحقا غدا .. تفصلنا المسافات؟؟
كم من الوقت باقٍ على الرحيل..؟
كيف التقينا..؟؟
أهو حلم الحقيقة , أم حقيقة الحلم؟
كأنها أسطورة مرآتها المغامرات ..
فراقك المحتمل ..ينهش أحشائي)
أي إنها تبحث في الحب جمال الاستقرار والاطمئنان ، ولان الشعر عندها رسالة تحمل مبادئ النفس المطمئنة والتواقة لحالات الهدوء وحب الحياة ومثالنا قولها :
(أحبك الآن وغداً
وعلى طول المدى..
حناني .. يختصرا لأمهات في النداء
أنت ندى عمري، وقبطان شطآني
مالي أراك حائراً بحياضي.. ؟
اقتحم ..
تراجع..
أو تأنَّ..
فأمواجي عاتيةٌ وشوقي ثورة !
ياقبطان الحب حدد دفة السفينة ..
واتجه صوبي ..
فعشتار هي برق الشتاء..وومض الأزل
ولا وقت نضيعه هباءً..
حبيبي ..
ابجر في عيني ..
وأطعم نوارسي الحالمة
وألثم شفتيّ الناهمة
شهب الشفاه أسرار ..
وراقص ملائكة الأمل , على مدخل شرياني
غجرية..أفلاطونية.. أنا)
فعمق حنانها كحنان ام وبين توضيح معاني العمق الصادق تتوهج الكلمات بالانفعال والثورة وان لا طريق ولا وجهة إلا أن نحدد دفة السفينة مع الشاعرة ونتجه صوب الحب والحبيب ، وبمعنى إنها تقول أنا عشتار وما ادراك ما عشتار؟ تلك التي دُفنت مع حبيبها حية في سرداب وبقيت تعزف جمال الحب والحياة ، حتى نفد الأوكسجين ، فسمت روحها الطاهرة وتسامت بالحب .. وبهذا تتجه سلوى فرح بعتب هاديء بقولها : (ادرك /تجاربك في الحب كثيرة) (لكن عشقي ملحمة ..) ، فانا لا اطلب منك ذهبا ولا فضة او لباس الحرير والديباج فقط .. (خبئني في كوخ المحبة
أهدابك غطائي
وعيناك فراشي
ضمني إلى حنانك
أكثر.. فأكثر)
فـ(روحي ظمأى تلتهب
وقلبي صحراء تحترق
إغمرني حبيبي بكامل إحساسك
أغرق وأتوه في عبق أنفاسك
وأحلق حمامة بيضاء إلى حيث القمر
خبئني في مساماتك..سوسنة.. نرجسة
ذوبني في شرايينك .. دماً
لكن.. لكن لا تدعني أرحل
فأنا أعشق الانصهار في روحك
أنظر إليك.. فأتوه بين غابات الجوز
ما أجمل الضياع في عينيك)
وهنا تبدأ التساؤلات تترى ، أولها هل اكتمل(اشتعال النرجس) في داخل (كوخ الحب) ، قد يحدث هذا وهو يرتقي بالصور الشعرية المتحركة ، كي تعانق الحلم وتهامس سر النجوم ويكون عزف سيمفونية الحرية ، وقالت العرب هنا بيت القصيد ، بان الشاعرة تؤكد بقولها : (ياليتني أبقى تائهة في غابات الجوز / ولا أحيا إلا في عينيك) بمعنى الالتزام الأخلاقي بمسارات الحب الحقيقي وإلا فاني انفلت ثائرة منفعلة على قيود العارض محلقة في سماء الحب الحقيقي ، لأني ما خلقت إلا كي تكتمل بي أنشودة الفرح هكذا هي رؤى الشاعرة .. وقد تنثال المعاني بين السطور في قراءات أخرى لنصوصها وهي دعوة للقراء أن يتمعنوا في نصوص القصائد النثرية الحديثة فهي عصية على القراءة الأولى …
* كتاب(عضوية الاداة الشعرية) أ.د.محمد صابر عبيد كتاب جريدة الصباح الثقافي رقم 14 بغداد العراق طا لسنة 2008م ص98