23 ديسمبر، 2024 2:38 ص

التجربة الشيعية … أنظمة ومسارات ؟!! 

التجربة الشيعية … أنظمة ومسارات ؟!! 

الحديث عن العراق ومستقبله هوًحديث الساعة والساحة ، وليس ذلك ترف فكري ، وإنما بسبب حساسية المرحلة وخطورتها ، خصوصاً وان البلاد تواجه منعطف سياسي خطير ، بعد تعطيل البرلمان ، ومحاولة سرقة دوره التشريعي والرقابي ، اذ ان اغلب الأحزاب والتيارات في البلاد تعمل من منطلق مصلحي حزبي ، وتعد اي عمل سياسي يجب ان يَصْب في مصلحتها ، اذ ومن خلال الاستقراء الموضوعي لأغلب هذه التيارات لا وجود لهم المواطن ، او البحث او الدفاع عن مصالحه ، والشعور بالانتماء الوطني العراق وشعبه ، الامر الذي ولد شرخ وحاجز بين هذه الأحزاب والتيارات ، وشيوع مبدأ عدم الثقة ، واتهامها بالفئوية والحزبية .الآحزاب الشيعية عموماً يمتلك كُلُّ منها ايدلوجية فكرية ، فالتيار الصدري يسير خلف روى وافكار السيد محمد الصدر ، وهو لا يؤمن كثيرا بالمرجعية الدينية العليا ، بل يسير وفق منهج الصدر ، ويعده مرجعاً فقهياً وفكرياً ، وأما حزب الفضيلة فهي الآخرة. أنتجت رجل معمم منها لتسير خلف رُواه وهو اليعقوبي ، وهي الاخرى لا تؤمن بشي اسمه المرجعية الدينية العليا ، وتعتقد ان مصلحتها منوطة   بوزارتها التي هي مصدر بقائها ، وأما منظمة بدر فهو التشكيل العسكري الذي تأسس في الثمانينات في ايران ، ويكون القوة الرديفة للجيش الإيراني في حرب الثمانينات بين نظام صدام وإيران ، وعاد بعد السقوط ليسير خلف الرؤية التي يعتقد بها ، وهي ولاية الفقية ، وأما حزب الدعوة ، فهو الاخر لا يختلف كثيرا عن سابقة من التيارات الاسلامية وتحديدا الشيعية منها ، فهو لا بؤمن بالمرجعية ، ويعتقد ان المرجع يمكن ان يكون ضمن الحزب ، فإذا اصبح المرجع حزبياً ، جاز لأفراده السير خلف فتواه ورواه ،   وأما المجلس الأعلى فهو الاخر في زمن المعارضة في الخارج ، وكان السيد محمد باقر الحكيم ، الشخصية العلمائية التي اكتسبت الحضور اللافت في المحافل الدولية ،فهو ابن زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم ، اذ سعى الى تشكيل المجلس الأعلى ليكون  خيمة المعارضة في الخارج ، كما يعد من أهل العلم والاجتهاد ، وممن أشار بمرجعية الامام السيد السيستاني عندما تصدى للمرجعية في تسعينيات القرن الماضي ، الامر الذي جعل خارطة التيارات الشيعية تتوضح ، وتنكشف رواها ، ومتبنايتها الفكرية ، وحتى بعد سقوط النظام ورجوع السيد محمد باقر الحكيم الى العراق ، أعلن عن وقوفه مع المرجعية بمطالبها وأهدافها ، وانه جندي مخلص لهذه المرجعية الكبيرة والواسعة . من هذا السرد المرحلي والتاريخي للتيارات الشيعية ، نجد ان حركتها تختلف باختلاف أهدافها وأيدلوجيتها ، وكان خير دليل على اختلاف حركة هذه الأحزاب ، هو وقوف حزب الدعوة بوجه المرجعية الدينية ، ومطالبها بإجراء التغيير ، وإعلان رفض الولاية الثالثة ، الامر الذي قوبل بالرفض من حزب الدعوة ، وتمسكها بالمالكي للولاية الثالثة ، ولولا تحرك بعض الأطراف الشيعية ، وإعلان مرشحها العبادي ، لكنا لليوم نعيش أزمة الولاية الثالثة ، ناهيك عن التحرك الغير منضبط للتيار الصدري ، وقرارات زعيمه التي عبرت عن اهواء ورغبات ، وعكست تخبطه ، كما انها عكست انفلات الجمهور الصدري ، ولا يمكن السيطرة عليه او توجيهه توجيها يَصْب في مصلحة المشروع الوطني ، والعمل السياسي في البلاد .من هنا لا يمكن ان تتوحد جهود ومواقف هذه التيارات ، ما دامت كُلُّ منها يملك الاجندة والمسار والأيدلوجية ، كما لا يمكن ان تتفق هذه التيارات حول موقفاً واحد ، وسيبقى الخلاف والاختلاف هو سيد الموقف ، وربما اذا حصل اتفاق فسيكون فقط لمصالح ألكيانات والأحزاب ، ومع هذا الخلاف والاختلاف تبقى البلاد تعيش دوامة الصراع السياسي ، والذي اعتقد وكما يراه المحللون سينتقل الى الشارع ، وهو ما يريده الذين يعتاشون على الصراعات والازمات ، ولا يمكن لأي طرف شيعي ان يمسك زمام المبادرة مع وجود هذا الانقسام الخطير في المواقف ، والذي انجلى واضحاً في هدم المؤسسة التشريعية (البرلمان ) ومحاولة إنهاء اي دور لها ، وكان المتصدي لهذا الامر هي نفسها التيارات الشيعية ، والتي رفعت شعار الإصلاح ، لتأتي اليوم وتعبر عن إصلاحها ونواياها بتعطيل البرلمان ، وتهديد الديمقراطية في العراق الجديد ، وما لم يبادر الى خلق نخبة جديدة تقود العمل السياسي ، وفق مبدأ الأغلبية السياسية ، فان البلاد لا يمكن لها ان تسير نحو الاستقرار والنهوض التنموي والسياسي .