23 ديسمبر، 2024 6:49 م

التجربة الرائدة تدشن عامها الرابع عشر

التجربة الرائدة تدشن عامها الرابع عشر

استطاع العراقيون العودة بكل ثقلهم المعهود الى منظومتهم الدولية واخذ مكانهم اللائق بين المنظمات الانسانية ومؤسساتها الدولية وشاركوا في كل المؤتمرات والفعاليات والأنشطة الدولية والعربية خلال السنوات الثلاث عشرة المنصرمة ولعبوا دورا مؤثرا وفاعلا فيها. واستطاعت الدبلوماسية العراقية الجديدة بجهودها الحثيثة اعادة العراق الى مكانته المعروفة واستطاعت اطفاء أكثر الديون المترتبة على العراق جراء السياسات السابقة حيث تم اطفاء ما يصل الى نسبة 80% من المستحقات في نادي باريس كما اطفئ كل الديون للدول الاخرى. هذه الديون التي كانت تثقل كاهل الشعب العراقي وتعرقل اقامة مشاريع صناعية وخدمية في العراق. وبرغم اضطراب الساحة العراقية أمنيا- وما تشهده من تكالب قوى الشر المتمثلة بالارهاب الخارجي والجريمة المنظمة- تم عقد مؤتمر بغداد بمشاركة أكثر من مائة هيئة ومؤسسة دولية وحضور الأمين العام للأمم المتحدة والذي خرج بتوصيات هامة من شأنها المشاركة في عملية بناء واعمار العراق واعادة استقراره من خلال استعداد الدول المشاركة وتعهدها الاستمرار بدعم العراق وتجربته الرائدة.ان ما حصل ويحصل في العراق من فوضى واضطراب نتيجة طبيعية ومحسوبة، فسقوط سلطة دكتاتورية دامت أربعة عقود- وأقامت كيانها على العديد من المنظومات المخابراتية والأمنية وشكلت لذلك آلاف الشبكات السرية الخارجية والداخلية وجندت فيالق من المنتفعين والمستفيدين وربطت بقاءهم ومصيرهم بوجودها- لا يعني سقوط تلك المنظومة والتجربة بكاملها، ولا يعني سكوت واستسلام اتباعها بيسر وسهولة، ولا يمكن طي صفحات عنفها واستبدادها بفترة وجيزة، بقدر ما يعنيه من ولادة متعسرة لمخاض مرهق طويل اسس لبدايات عهد جديد بما يصحب البدايات من مشاكل وما يلازمها من أخطاء وما يواكبها من تلكؤ وعثرات. ولذا وجد العراقيون أنفسهم وجها لوجه قبالة واقع مأساوي فضيع، وحالة مستهجنة خطيرة لم يعهدوها ابتدأت بنهب وتخريب مؤسسات الدولة وتدميرها وحرقها والسطو على المال والثروات الوطنية الحضارية على يد مئات الألوف من المجرمين المحترفين الذين تم اطلاق سراحهم قبل شهر من سقوط السلطة، وبدعم وتحريض خارجي. ممهدة لدورة العنف الدموي من تفجير وخطف وذبح تساهم فيه قوى الارهاب العالمية الممولة والمدعومة من جهات معروفة، حيث استمرت هذه الدورة المتوحشة لتطال كل ما وقعت عليه يدها دون تمييز بغية اسقاط التجربة العراقية الجديدة والعودة بالعراق الى فترات التسلط والتعسف والاستبداد.وها هي التجربة الرائدة تدشن عامها الرابع عشر متجاوزة مرحلة الخطر، متخطية عوائق ومصدات الاستمرار والبقاء، عابرة معرقلات ومطبات مسيرة بناء النظام الجماهيري التعددي، مدعومة بجماهيرها المليونية المصرة على انجاح وترسيخ قواعد النظام الديمقراطي الحر بما قدمته وتقدمه من تضحيات جسام فاقت التصورات وحيرت العقول وأذهلت شعوب العالم. وبهذا يكون العراق مؤهلا لاستثمار تجارب الشعوب الحية التي جعلت من الاحتلال سببا للنهوض والرقي، ومدعاة للتوحد والتلاحم، حتى تحدت محتليها وفاقتهم تقدما وتطورا في جميع حقول العلم والمعرفة والعيش الحر المرفه الكريم في ظل أنظمة دستورية تعددية تكفل حقوق مواطنيها وفق معايير العدل والمساواة.