23 ديسمبر، 2024 3:26 م

التجربة الأبداعية بين التنزيل والاكتساب – 3

التجربة الأبداعية بين التنزيل والاكتساب – 3

فهذا الصيني يسعى للتروحن والاستغراق الواعي في احضان الطبيعه الحيه والافلات من اوهام التفارقات الحاجبه عن واحدية المنبع وفهم حركة التحولات من المعاني الى المباني ومن الفصوص الى النصوص ومن الطاقات الى المواد وفهم رحلتها القافله, كل ذلك من اجل الابداع وترك بصمته على لوحتي الزمان والمكان.
وهذا البوذي يدخل غرف التامل من اجل الاستجلاء وفهم ابداعات الرب عبر تلوينات كونه واصوات مخلوقاته مستنطقا المكان بكل ما يحتويه من ماء وهواء , من نار وتراب ومنبهرا ازاء تشكلات تلك العناصر في الطيور المغرده والافلاك والفراشات ذات الالوان , التامل المفضي الى الصمت , الصمت المستشرف على ايقاعات الدواخل الخالقه للحياة , الصمت الذي يمثل الفراغ بين صوتين … الفراغ الذي يمثل المدخل الى كل الابداعات البصرية والسمعية.
وهذا الغربي الذي دخل هو الاخر المختبرات العلمية التي تمثل مناسباته الابداعية  ومدخله الى كل المبتكرات والمخترعات والذي عمد الى حجب اسرارها عن الاخر.
الغربي الذي لم يستطع الانفكاك من اسر التجسيد ولذلك فانه لايفهم الطاقه الا مجسده  وهكذا لم يستطع فهم الله الذي ليس كمثله شئ الا مجسدا …  الله هو المسيح وفرية الثالوث!
الغربي الذي لا يتناول الا الملموس وما تراه العيون وللذك لم يستطع الا تسليع المعرفه وبيعها في الاسواق! الجشع المقرف!
الغربي الذي دك اسفينا غليظا بين الله وخلقه وافترى على الله الكذب! واخذ يستخدم العلم الذي امده الله به ضد الله ولا غرابه ان يحصل هذا من احفاد من اعطاه الله الايات فانسلخ منها… نفس الانسلاخ ونفس عملية الافتراء على الله … هكذا الكون خلقته الصدفه والانسان لم يخلق بل تطور من حيوانات دنيا  وليس هناك حساب ولا مساله وان الدين ومطروحاته ما هي الا اساطير الاولين.
الطروحات الكفريه التي ليس فيها جديد سوى انها صيغت بنظريات تحت ما يسمى بالعلم  , بمعنى ان اوثاننا المعاصره اوثان فكريه وليست اوثان ماديه. وثن الحداثة العربية الجديدة وعرابها الذي غير اسمه الى اودونيس آله الخصب الاغريقي الذي تحول في المنطقه التي ارضعته الى آله جدب يصب الامطار المحرقه ليهلك الحرث والنسل , هكذا يتوهم؟ ويرى في كل الماضي العربي الاسلامي وصمة عار وسواد لا بد من التخلص منها.
أئمة كفر وأئمة خير من زمان والتدافع قائم , ومن امثال هؤلاء كثير!
ثم نقطة قبل الاستمرارالا وهي ان يكون الانسان ابن وقته ويستخدم طاقاته في بناء ذاته ومجتمعه بعيدا عن الاستخدام السلبي للتاريخ ويقف عند تعريف الله  بالقاعدة الذهبيه في استخدام التاريخ  المتمثله … تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون.
نعود!
هذا الغربي الذي ساح في الارض قاتلا وناهبا … مفسدا ومضللا متبرقعا بستائر الحضاره ومتخفيا خلف مطروحات البديع و الجميل بسياقيها المادي والمعنوي.
هذا الانسان الذي منحه الله هذا القدر من العلم و الجمال فساح يعتدي على اخيه الانسان ويتفنن في ادخاله متاهات الالم  والعذاب ويرسم بدماء الابرياء لوحات  من الويلات والمظالم وياكل السحت ويلتهم اموال الناس بالباطل ويشهد بالزور , شهادة الزور التي تتجلى بأخس  صورها عبر ايهام العالم بانه كان يغط في الظلام حتى جاء عصرالنهضه الذي اخرج العالم من الظلمات الى النور متجاهلا بالكامل  انوار الحضارة العربية الاسلامية , بل ناسيا نور الله الذي علم الانسان ما لم يعلم … الانسان الذي فقد توازنه فانداح مرعوبا يجلب لنفسه ولغيره الخراب.
الغربي الذي استخدم اليات التنزيل وكفر بمنزل التنزيل! انتباه!
فكون ربك بالمعارف يتفجر! والمنطقه بمعارف كنزها المدفون لا بد ان تتفجر وهي فعلا تتفجر … الارتحال من قل الى فهم وتفعيل ما قيل.
ولكن  قبل ان ننتقل الى المشهد العربي الاسلامي الذي يدعو الى الاسى والحزن  لا بد من الاشاره الى وجود تيار روحي ناهض داخل الساحة الغربيه يعمل على تشخيص الاختلال و يرسم مخططات الخلاص قبل حلول الظلام. و تحول الانسان بالكامل الى مجرد اضافه تكميليه الى عالم الكهروميكانيكيا الممغنط الذي يلتهم كل شئ.
 تيار لايزال يتلوى في احضان تصورات لم تعرف دربها الى الواحد الذي احاط بكل شئ علما الواحد الذي لايغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها الواحد الذي يضع موازين القسط ليوم القيامة !

[email protected]