23 ديسمبر، 2024 1:22 ص

التجربة اكبر برهان ..سليم الجبوري أنموذجا!!

التجربة اكبر برهان ..سليم الجبوري أنموذجا!!

على الرغم من أهمية دور النخبة والثقافة السياسية في تحقيق الإصلاح السياسي ودعم التحول نحو الديمقراطية، يظل دور المؤسسات السياسية  هو الأقوى والأكثر أهمية، نظرا لما تلعبه تلك المؤسسات من دور ملموس فى المجتمع يتزايد بتزايد وتنوع الأنشطة التي تقوم بها الدولة كسلطة عامة. وبهذا تصبح مسألة “بناء المؤسسات” أو إعادة بنائها في حال وجودها، واحداً من المداخل الحيوية لتحقيق الإصلاح السياسي والتحول نحو الديمقراطية.

وطالما أن الديمقراطية هي مجموعة قيم ومبادئ أساسية فقد يكون إصلاح المؤسسة التشريعية (البرلمان) باعتبارها المؤسسة الحاضنة لتلك القيم نقطة الانطلاق الأكثر ملائمة لتحقيق الإصلاح السياسي بمعناه الشامل، إذ يضم البرلمان بصفته التمثيلية ووفقا لإطار قانوني محدد الأفراد الذين حملهم الشعب مسؤولية تمثيلهم، ليتولوا صنع القوانين، ومتابعة رسم السياسات العامة فى ضوئها، ومراقبة أعمال أجهزة الدولة التنفيذية في تنفيذها لتلك السياسات.

وللبرلمان العراقي  ثلاث وظائف أساسية هي (التمثيل، والتشريع، والرقابة) وفشل في جميعها بسبب “الفساد  والأجندات الخارجية “،والبرلمان العراقي هو صورة معكوسة للواقع السياسي ما بعد 2003 بكل ما تعنيه هذه الصورة من شرعنه الفساد وتكريس الطائفية والقومية والمناطقية والظلم وظلت الـ”آه” مفوهة عند المواطن حتى أصبحت فجوة كبيرة بينه وبين الشعب.

 ومن سلوك مجلس النواب العراقي المنافي لأبسط قواعد المنظومة القيمة والسياسية  جاء تصويته  على حزمة إصلاحات “الاخواني” سليم الجبوري وما هي إلا ذر الرماد في العيون ولن تخرج من خانة التوافقات والصفقات ،وإصلاحات البرلمان تكونت من (25) مادة جاءت مباشرة بعد صدور حزمة إصلاحات العبادي “الورقية” لامتصاص نقمة الشارع  تماما مثل (وعود المالكي الإصلاحية  المائة يوم )والشعب العراقي يعرف جيدا من هو سليم الجبوري ومن هم  النواب ،ولم تنفذ ولا واحدة من إصلاحات الجبوري لحد ألان .

بل أصبحت إصلاحات العبادي والجبوري موضوع  تأويلات وخصام كعنوان بذاته، وإذا كانت بعض الإصلاحات تحتاج إلى تعديلات دستورية لماذا لا نذهب إلى ذلك  ولا معنى للتخوف من فتح موضوع التعديلات الدستورية ارتباطا بإصلاح معين هنا أو هناك يحظى بالتوافق أو الإجماع.وبهذا فان المظاهرات التي انطلقت في العراق من 7 أب 2015، وشملت اغلب محافظات العراق، كانت تنادي بإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي وإصلاح القضاء والأجهزة الأمنية ومكافحة الفساد في الدولة بعد أن أصبح العراق يتربع على عرش الفساد عالميا طيلة 12 سنة حتى وصل  إلى حدوث أزمات وكوارث أودت بحياة الآلاف من العراقيين، واختلاس المليارات من الدولارات من المال العام، وتقسيم الحكم على أساس طائفي وقومي، وقد تقود في نهاية المطاف إلى تقسيم البلاد.

إن مجرد طرح شعار الإصلاح هو اعتراف ضمني بوجود قصور في بنية الدولة العراقية منذ 2003 إلى الآن، وتقصير في أداء الحكومات العراقية المتعاقبة، واعتراف في الوقت نفسه بقدرة الشعب على التغيير، كذلك اعتراف بدور المرجعية الرشيدة في توجيه الحكم في العراق بما يضمن امن واستقرار البلاد.

المطالبة بالإصلاحات هي ليست جديدة على الشارع العراقي في ألفاظها، إذ أن البسطاء وحتى من لا يفقه بالسياسة يردد هذه المطالب، والكل يعلم بحجم الفساد الإداري والمالي في الحكومة ومؤسساتها بسبب الثغرات القانونية والتدهور الأمني، فالحديث عن الإصلاحات في العراق ذو شجون لا حصر لها، فتحقيقها بات أشبه بالمعجزة بعد مرور أكثر من اثني عشرة سنة على فوضى أمنية وسيطرة داعش على أجزاء واسعة منه، وانهيار اقتصادي وشيك بسبب استشراء الفساد المالي والإداري الذي لم يشهد مثله العراق في تاريخه الحديث، وانهيار في مؤسسات الحكم بسبب المحاصصة الطائفية والقومية.

 

 

كما إنه من الواضح لأي متابع سياسي يرى إن إصلاحات العبادي والجبوري  لم تصل لحد الآن إلى ضرب التوافقات السياسية، أو المساس بجوهر الدستور، وكانت عبارة عن عملية ترقيع لا أكثر، فالدستور مثلا لم ينص على عدد الوزراء أو عدد المستشارين أو عدد نواب الرئيس أو رئيس الوزراء، وبهذا فان تقليصهم ليس مخالفة دستورية، كما إن توفير الخدمات والأمن هي جوهر عمل أي حكومة في العالم، ولم نرى عزل الوزراء غير الكفوئين وتعيين غيرهم من ذوي الخبرة والاختصاص خارج التوافق السياسي، ولم نرى أي إصلاحات في مواد الدستور، ولم يقم رئيس الوزراء بعزل أي نائب أو محافظ أو حل أي مجلس محافظة أو المجالس المحلية الأخرى، وهي ضمن الإصلاحات التي أعلن عنها، كما هي مطالب أساسية من قبل المتظاهرين، كما نرى أن تقليص الحمايات لم تنفذ لحد الآن.

 

إن بقاء الوضع هكذا من خلال المماطلة بتنفيذ مطالب المتظاهرين بالإصلاح وإطالة أمدها، قد يقود إلى احتمال تطور الوضع إلى المواجهات بين المتظاهرين والحكومة، وقد تخرج عن السيطرة، خاصة وان اغلب الكتل السياسية أبدت معارضتها لهذه الإصلاحات بعد سنوات من التخبط السياسي وسوء الخدمات واستشراء الفساد.

فهل يتمكن “الاخواني” سليم الجبوري  الذي يقود البرلمان  من القيام بذلك حقاً، أم أن ما يطرحه لا يعدو أن يكون فصلاً جديداً من المزايدات التي بات يتقنها السياسيون؟ أم إن هناك سندان الدستور والتوافق السياسي الذي سوف يكون حجر عثرة بوجه هذه الإصلاحات، والعكازة الذي سوف تعتمد عليها الكتل السياسية المتنفذة لإيقاف الإصلاحات؟.فاذا كانت إصلاحات العبادي “ورقية” فان إصلاحات الجبوري “هوائية” ، واعتقد لايوجد هناك من يثق بدعوات أو تصريحات  سليم الجبوري لان التجربة اكبر برهان.

[email protected]