14 أبريل، 2025 11:57 ص

التجديد في المؤسسة الدينية

التجديد في المؤسسة الدينية

هنالك فرق بين التجديد في المؤسسة الدينية وبين تجديد الخطاب الاسلامي ، وللحوزة العلمية في النجف حصة من هذا التجديد . وهنالك من بحجة التجديد يغرد خارج السرب للنيل من تراث النجف الحوزوي .

الفرق بين التجديد ومواكبة مستحدثات العصر ، فالتجديد يعني الغاء القديم وهذا فيما يخص الخطاب الاسلامي مستحيل ، اما مواكبة مستحدثات العصر فان مرجعية النجف الاشرف اثبتت حضورها الفعال والحكيم والسليم في اصدار الاحكام الشرعية لمستحدثات العصر لاسيما مرجعية السيد السيستاني الله يحفظه .

اما على مستوى التنظيم الاداري وطريقة التدريس واضافة الدروس ووسائل التدريس فهذا نعم يستحق الالتفات اليه وان لم يكن ضمن اهتمامات القائمين على الدراسات الحوزوية فهذا لا يمس اطلاقا المناهج الدراسية للحوزة وجهودها التدريسية المثمرة.

ولكن عندما اقرا سيرة الشيخ محمد رضا المظفر لا سيما اوراقه التي تركها بعد وفاته ( 1964) حقيقة اقف وفي جعبتي مجموعة من الاستفهامات ، ان جهود الشيخ المظفر مميزة في منتدى النشر بدليل دعمه من قبل السيد ابو الحسن الاصفهاني والسيد محسن الحكيم والسيد ابو القاسم الخوئي قدست اسرارهم واليوم السيد السيستاني يجدد ويبني المدرسة المظفرية في النجف الاشرف عرفانا لهم بجهودهم التجديدية  وهكذا دعم من هؤلاء المراجع يكفي لان نقف باجلال لجهود المظفر .

من المضايقات التي تعرض لها المظفر وحقيقة حيرتني ان هنالك من انتقد المنتدى والكلية لانه استخدم اثاث جديد للادارة والاساتذة اي مكاتب وكراسي ، ومقاعد دراسية ( رحلة )  وذكر معاناته من المتشددين واشار الى عجيبة من العجائب ان احد الاعلام حضر في احدى المناسبات وصادف مع حضوره رنين جهاز التلفون فاستغرب من استخدام التليفون فوضع عباءته على راسه واصابعه في اذنيه ليمتنع من سماع رنين التلفون وخرج مسرعا .

حقيقة هنا يجب ان نقف بتامل ، الطالب الحوزوي يدرس سنوات ويبذل جهودا جبارة ويتعب في تحصيل العلم ومسالة انه لوجه الله وخدمة للدين هذا لا تشوبه شائبة ، ولكن المجالات التي يعمل بها بعد اكماله الدراسة هي مجالات رجل الدين ويتوقف راتبه على المؤسسة الدينية التي يعمل بها ومقدار الراتب يتاثر بالحقوق الشرعية التي تستلمها ، فالطالب راتبه ( 20 ) الف دينار عند فقيه معين و(450 ) الف دينار عن فقيه اخر لان الاول لا تاتيه حقوق كفاية والثانية بالعكس .

ومسالة منح الطالب الحوزوي شهادة معترف بها رسميا هذا امر عسير لان هذا الاعتراف يتطلب شروط وضوابط الجهات الحكومية وقد تتقاطع بل حتما تتقاطع مع طبيعة الدراسة في الحوزة .

هنا اقترح لم لا يكون هنالك قانون حكومي من قبل الوقف الشيعي بان الطالب الحوزوي الذي اكمل دراسة معينة في الحوزة ويرغب بالحصول على شهادة معترف بها ان يمنح تاييد من المرجع المشرف على دراسته الى الوقف الشيعي ليقوم بدوره اختبار الطالب في الكلية الحكومية المتخصصة بدراسته  وعلى اثر ذلك يمنح ان نجح شهادة البكالوريوس مثلا .

اما المناهج الدراسية فان ضرورة الدراسة لمختلف المناهج التجريبية والانسانية المستحدثة التي اصبحت من ضرورات التواصل العلمي مع بقية الثقافات العالمية امر مهم ومطلوب ، وهذا الامر لم يكن خافيا على الشيخ المظفر ومن معه في ادارة المنتدى  في حينها .

يقول الشيخ محمود المظفر عن الدورات التي اقيمت في المنتدى والخاصة بتعليم الرياضيات واللغة الانكليزية ” الملحوظ فيها انضم اليها اساتذة كلية منتدى النشر امثال الاستاذ الشيخ محمد صادق القاموسي( 1920 ـ 1988) حيث سجل في دورة الرياضيات العامة واللغة الانكليزية وكالاستاذ الحجة الحكيم ـ السيد محسن الحكيم( ت 1970 ) ـ الى دورة اللغة الانكليزية ، ولأكشف الى ما كان يتمتع به الاستاذ الحكيم والشيخ القاموسي ونظراؤهما من تفتح فكري وثقافي وجلوسهما الى جنب طلابهما الذين يدرسونهم ” ( كلية الفقه في النجف / ادوار واطوار / د علي خضير حجي ج1 ص117)

نعم الان الكلية تمارس نشاطها ونامل ان نستلذ بثمارها لانها حقيقة واجهة حضارية يستحق الشيخ محمد رضا المظفر ومن معه في تاسيس هذه الكلية كل التقدير والثناء .