كنت مولعا في صغري بقراءة لوحات التوعية والارشادات و النصائح اوالتحذيرات والتي كنت تجدها في كل مكان, احدى تلك اللوحات المستفزة هي تلك التي كان يضعها العطارون امام دكاكنيهم و التي تكتب بخط اليد ” المباع لايرجع” وهي اكثر استفزازا من عبارة مثل “الدين ممنوع والعتب مرفوع والرزق على الله” المستفز في اللوحة الاولى هو انك تجد فيها غبن وظلم كبيربين للمشتري وتطاول على حقوقه كمستهلك.
لقد اطلعت على قانون المستهلك ويعمل به في اغلب الدول الاوربية ويسمي قانون الندم وهذا القانون يقول المباع يرجع و يجيز للمشتري اعادة مااشتراه بفترة يحددها البائع تبدأ بأسبوع وتنتهي بشهر. هذا القانون عاد بالربح الوفير للمتاجر الصغيرة والكبيرة على حد سواء رغم ان البائع يلزم المشتري بالحفاظ على المنتج واعادته في حال سليمة واحيانا تكون الشروط اكثر صرامة حين يطالب البائع بان تكون علبة المنتج مغلقة كما كانت عليه عند الشراء. اما لماذا عاد بالربح الكبير فذلك لانه يشجع الزبون على الشراء ولايجعله يشعر بانه يبعثر ماله على اشياء ربما لاتساوي ثمنها ولاقيمة لها , بل من حق الزبون ان يفحص المنتج بان يكون في متناول يده لبضع ايام وحتى اسابيع لاشباع فضوله ومراجعة قراره . في الدول العربيه تذبحه ولاتقل له ارجع لي فلوسي . لم تعجبني بضاعتك. ربما يفسر لنا هذه لماذا المشاريع الصغيرة تبقى صغيرة.
ولكي تكسب الشركات ود الزبون فهي لاتحذره من عبارة الدين ممنوع بل تجد له البديل فمن يتعلل بقلة الحيلة وضيق ذات اليد وجدت له الحل بعقد مع بنك يدين المشتري سعر المنتج ثم تقسطه عليه شهريا, مثل هذه التسهيلات موجودة في الدول العربية ولكن تختصر على العقارات والسيارات . يبدو الامر وكأن هذه الشركات الأجنبية قرأت لوحات التحذير عندنا وقلبتها ففعلت عكس مانفعل ,هم يدللون الزبون وهو على حق حتى وان اخطأ وانتم لاتفعلون بل البائع عندنا في بلادنا المعمورة نافخ نفسه حتى ليكاد ينفجر, وكلما انتفخ جيبه ازداد احتقاره للناس ولمطالبهم وكأنه يعطيهم بضاعته مجانا, وكلما تحايل على زبائنه توسم في نفسه الشطارة والذكاء. الا نقول التجارة شطارة ولانقول مكر وخداع واستغلال مفضوح .
لم تعد الاعمال التجارية والمشاريع الصغيرة والكبيرة على حد سواء وراثة اب عن جد, الحياة تتطور والعلم يواكب التطور لذلك فان المناهج المدرسية الثانوية في العالم لاتخلوا من مادة ادارة الاعمال لأن هذه المادة العلمية التي يتعلمها الطالب الى جانب المواد الاخرى كاللغات والتأريخ والجغرافية لاتقل اهمية عن المواد الأخرى ويجب البدء
بادراجها في المدارس الثانوية. اني لااتحدث عن مادة الاقتصاد السياسي فهذه تشمل مبادئ عامة في الاقتصاد وتقتصر على طلاب دون اخرين ولكن ادارة الأعمال هي مادة حيوية
وضرورية لتنمية وتحفيز اقتصاد البلد ، فالطبيب سيدير ذات يوم عيادة والصيدلي سيفتح صيدلية والمحامي مكتب محاماة والمهندس مكتب استشاري وحتى من لم يكمل دراسته ربما سيتوجه لعمل خاص به فكيف سيدير هؤلاء هذه الاعمال أن لم تكن لهم خبرة كافيه في هذا المجال. دراسة هذه المادة في المدرسة لايخفف العبء عن مؤسسات الدولة في البحث عن وظائف للخريجين الجدد الامر الذي يستغرق في العادة سنوات طوال بل انه يشجع الخريجين الجدد على دخول سوق العمل والبدء باعمال حره بعيدا عن جهاز الدولة البيروقراطي.