شهد التاريخ الاسلامي نكسات كبرى مثل سقوط غرناطة وضياع الاندلس ويعد سقوط بغداد بيد التتار بدون قتال وانهيار الدولة العباسية أحد أكبر المآسي في التاريخ.
وقد بلغ عدد القتلى بعد استباحة بغداد ما يربو على مليون قتيل وكان لضعف الحاكم العباسي المستعصم بالله وجبنه مع امتلاكه الجيش والمال و القوة أحد أهم اسباب سقوط الخلافة العباسية التي استمرت اكثر من 500 عام وكانت التتار تحاصر بغداد وهو يلهو في ملذاته مع جاريته ! فلم يأمر ابدا بخروج الجيش للحرب رغم ما كان لديه من القوات !
ومن العوامل الأخرى هو وصول الصراع بين موظفي الخليفة العباسي قمته في سنة 653 / 1255م عندما أتهم الوزير الشيعي محمد ابن العلقمي خصمه ( الدو يدار الصغير وهو تركي جلف كان يملك تحت ادارته قيادة مماليك الخلافة وكان أحد عملاء الدولة العثمانية في قصر المستعصم ) اتهمه بالتآمر مع ابن الخليفة الأكبر الأمير أبي بكر للإطاحة بالخليفة الأب المستعصم واحلال ابنه مكانه . وكانا متفقان على عدائهما ضد الشيعة ولابن العلقمي !! ولكن الخليفة المستعصم نفسه عرف بتقديره واحترامه لرأي العالم والوزير محمد ابن العلقمي ، وعندما قدم هولاكو خان على رأس حملته وهو في طريقه الى الأراضي العباسية أدرك العالم والفيلسوف والوزير ضعف الخليفة العباسي وهشاشة دولة الخلافة فأشار الى المستعصم باسترضاء العدو الغازي بارسال الهدايا لكي تخف وطأته على بغداد والخليفة العباسي بعدما بات من المستحيل ايقاف هذا الهجوم البربري فاغتنم الدوايدار الفرصة واتهم (ابن العلقمي ) بالتآمر مع المغول ضد الخليفة وقد أشاع أتباع المذهب السني هذه الاتهامات وهذه الكذبة وانتشرت على نطاق واسع لتصل الى يومنا هذا بان الشيعة الروافض هم من أسقطوا دولة الخلافة العباسية وهم من سلموا بغداد الى هولاكو !! وعندما تسأل معظم أبناء العامة فانه يردد قصة الخيانة والاتهام من دون أن يقرأ التاريخ ويعرف حقيقة الخبث التركي والطائفية المقيتة التي تحملها الدولة العثمانية وعلماء السوء الى يومنا هذا ضد المسلمين الشيعة !! علما ان من زور التاريخ نسي أن يذكر هذه الرواية وهي ، بعد دخول هولاكو الى بغداد ونهبه الكنوز والغنائم أمر بقتل المستعصم ثم بعث على الوزير ابن العلقمي فسجنه وعذبه أشد العذاب وقتل في سجنه بعد 3 شهور من شدة المرض ..
من المهم جدا ربط الماضي بالحاضر ودراسة التاريخ وأخذ العبر لان تربية أتباع أهل بيت النبوة هي تربية عرفانية ورحمانية ، وتربية الآخرين من أبناء النواصب وأتباع بني أمية هي تربية شيطانية ودنيوية والفارق بين الاثنان كبير جدا … والمراد من الاشارة اليه هو الأحداث الأخيرة في محافظة نينوى وسيطرة مغول العصر والتتار في مخطط رهيب يشترك فيها محور الشر التركي ، السعودي ، والقطري وللاسف الشديد انساق اليه أبناء الوطن ورفقاء الأمس الزعماء الكرد وعلى رأسهم زعيم الاقليم مسعود البرزاني بالتنسيق مع النواصب من سنة العراق لتحقيق مكاسب قومية وطائفية !! ومن المؤكد ان ما حدث بالأمس من خيانة وتواطئ من قبل قيادات عسكرية وسياسية ودينية داخلية وخارجية تؤكد هذا المخطط الرهيب ! وعند تحليلنا واستقرائنا الأحداث منذ بدايتها أي منذ اسقاط النظام الصدامي البائد واشراك السنة ومساواتهم بنظرائهم الشيعة بل تفوقهم العددي في الكثير من مراكز الدولة الحساسة يفسر لنا ان هنالك مخططا وأمرا مفروضا علينا من قبل قوى دولية واقليمية ! فكيف يفسر ان تصبح الاغلبية الشيعية الى أقلية حتى بعد اسقاط النظام البائد وهم يمثلون 68 % من عدد السكان !! وكيف يفسر التقسيم الغير منطقي في توزيع مراكز القرار السياسي والحكم بتمثيل الشيعة برئاسة الوزراء وتمثيل السنة برئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان !! الا يعد هذا انتهاكا لحقوق الأغلبية ؟ ومع ان الشيعة ارتضوا بعقلانيتهم ونهجهم وانتمائهم ولكن وللأسف الشديد أصر اخواننا السنة في ادعائهم بالمظلومية وضعف تمثيلهم النسبي وكأنهم درسوا التاريخ جيدا ليتعلموا من بني اسرائيل في الاستمرار برفع هذا الشعار الى السقف الأعلى للحصول على المكاسب ! حتى لو تم تزوير التاريخ وتشويه الحقائق ! ..
علينا أن ندرك حقيقة المؤامرة الكبرى التي لم يستوعبها الكثيرون وهي اننا ذاهبون الى التقسيم شئنا أم أبينا ولكن أي تقسيم ؟ التقسيم الذي أرادته القوى الكبرى .. التقسيم الذي أراده السيد مسعود البرزاني .. التقسيم الذي أرادته تركيا … التقسيم الذي تريده اسرائيل .. التقسيم الذي أرادته السعودية وقطر والدواعش أذناب اسرائيل .. دعونا نتعرف ماذا يخطط البرزاني والأتراك وماذا يريدون ؟
أولا : للوصول الى اعلان استقلال الدولة الكردية يجب الوصول الى الاكتفاء الذاتي من الموارد المالية من التجارة والنفط ، وبما ان الاقليم محاط بأسوار دول لا تتفق مع استقلال الاقليم واعلان الدولة الكردية وعدم وجود منفذ بحري يمكنه ايصال موارده وصادراته الا من خلال هذه الدول فقد بات على البرزاني الاتفاق الممنهج وتبادل المصالح مع العدو اللدود تركيا للوصول الى غاياته ولو على حساب أكراد تركيا ! .
ثانيا : مشاغلة الحكومة المركزية بمشاكل جانبية واجبارها بالدخول في نزاع مع الاقليم لخلق ذريعة كبرى لتمرير هذه المخططات ! .
ثالثا : تعطيل البرلمان العراقي من خلال تحالفات مشبوهة واجبار جميع الأطراف السياسية من دون استثناء بالعمل مع التحالف الكردي لانه بيضة القبان في كل العملية السياسية ولا يمكن تمرير القوانين من دونه .
رابعا : ايواء الهاربين من القانون والصادرة بحقهم مذكرات اعتقال قانونية كالهاشمي وعلي حاتم السليمان والكثير ممن تم تسهيل هروبهم من المنطقة الشمالية وأيوائهم فيها وكذلك القتلة والارهابين من أزلام النظام البائد وايجاد حواضن لهم كالنقشبندية وهيئة علماء المسلمين ومجموعة المحرضين في ساحات الفتنة في الأنبار وسامراء ومجموعات أخرى !
خامسا : الايقاع بين السنة والشيعة من خلال تحالفات ثنائية لإضعاف مواقفهم وابقاء حالة النفور والكراهية بينهم .
سادسا : للوصل الى اعلان الاستقلال الكردي يجب ضم كل من كركوك التي يعتبرونها الزعماء الكرد بقدس الأقداس وهذا ما صرح الي أكثر من مسؤول كردي رفيع المستوى واعلان عاصمتهم منها !
وهذا ما يتحقق اليوم للسيد البرزاني بعد اتفاق مشبوه اشترك فيه مع أطراف عديدة كما اسلفنا ودخلت قواته كركوك لتبقى هناك والى الأبد ! بعد ما تركوا الحكومة المركزية ورفضوا مساعدتها الا بشروط قاسية ومنها موافقة المركز على تصدير النفط المتنازع عليه وستأتي الخطوة التالية باحتلال كركوك ومواردها النفطية واعلان عاصمتهم منها، للأسف جائونا ليقولوا المايرضه بجزه ، جزه وخروف !! ولن تكتمل المؤامرة الا بعد مسرحية سيطرة داعش على الموصل وأخذ الرهائن الأتراك لتكون حجة وذريعة أخرى بتدخل تركي مباشر واقتطاع أجزاء كبيرة من الأراضي العراقية . والدليل على مانقول هو التنسيق العالي بين الأخوان النجيفي والأتراك في رسم الخارطة السياسية الجديد في العراق والذي يقرأ تاريخ عائلة النجيفي يعلم جيد الارتباط الوثيق لهذه العائلة بالدولة العثمانية ولكم ان تراجعوا التاريخ لتكتشفوا مؤامرة الموصل والأتراك منذ ذلك الزمان .
وأخيرا وبعد كل هذا التخطيط الشيطاني نجد البرزاني يتحدث باسم العراق والوطنية والميزانية ، ونجد الأخوان النجيفي يتشدقان بالوطنية وحقوق أهل السنة ! هكذا مررت المؤامرة الكبرى بغفلة شيعة العراق وهكذا سيكتبون التاريخ ويزورنه كما فعلوا من قبل مع أئمة أهل البيت عليهم السلام وكما فعلوا بالأمس البعض من أبناء المنطقة الغربية عندما استقبلوا القوات الأمريكية بنحر الذبائح وتقديم الزهور وادعوا الوطنية ومقاتلة المحتل وعلى عكسهم من أبناء الجنوب الذين ضلوا يدافعون عن العراق ويقاتلون القوات الأمريكية بحس وطني ومازال الأخر يكيل الاتهامات ويتصنع المظالم والأكاذيب ويتباكى على الماضي والحاضر … لقد بات أزلام النظام البائد على أسوار بغداد وابتلع شيعة العراق الطعم ولكن سرعان ما أدركوا وسرعان ما سيردون الصاع صاعين وماهي الا أيام ونزف البشرى للجميع ونقول رب ضارة نافعة ! فقد توحد الشرفاء وها هي جحافل المتطوعين تقض مضاجع محور الشر وتهز أركان المتآمرين وما النصر الا من عند الله .. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.