17 نوفمبر، 2024 9:43 م
Search
Close this search box.

التبكير خير من التأخير

التبكير خير من التأخير

(اعبر الشط ماطوله ضيگ) مثل دارج في لهجتنا، يحثنا قائله على تفادي خافيات الدهر وبنيات الليالي، مادامت أمامنا فسحة زمنية ومكانية تتيح لنا فرصة البقاء في بر الأمان. اليوم أمام العراقيين محطة حرجة فيها تحديات كبيرة وكثيرة، محطة قد تبدو بعيدة زمنيا، إلا أن التبكير باستحضاراتها يضمن لنا تجاوز عقباتها ومساوئها، تلك المحطة هي الانتخابات. من تلك الاستحضارات السؤال عن ماهية الشخوص الذين سيرشحون لمسك دفة سفينة العراق، التي تتقاذفها أمواج الأجندات الخارجية، فضلا عن الداخلية التي تهيجها أعاصير سياسيين ورؤساء كتل وأحزاب، ناسين أنهم أول الغرقى على ظهر السفينة في حال غرقها. ومن الأسئلة الأخرى التي يعرض عن إجابتها الكثير من العراقيين حتى مع أنفسهم، هي تلك التي تضمن مصداقية مايدعي المرشحون به من وطنية وشفافية ودعوة للإصلاح، وأخرى للبناء وثالثة للقضاء على مخلفات النظام السابق، وتداعيات الساسة اللاحقين وسلبيات سياساتهم المتبعة في قيادة البلد، وغيرها من (كوكتيل) السلبيات التي استجدت في ظل الديمقراطية. وأخذ أغلبنا يستذكر عبارات لطالما رددتها ألسنتنا حين تعترينا ظروف تستوجب المقارنة والمفاضلة بين شخصين أو أكثر، منها عبارات: البقاء للأقوى.. البقاء للأصلح.. البقاء للأفضل، وما ترديدنا تلك العبارات إلا تحصيل حاصل ما أملته علينا أحداث ووقائع عشناها، او أخرى قرأنا عنها او سمعنا روايتها، خلال عصور تتالت على دول دالت، وأخرى قلبها سلاطينها حيثما شاءوا، والتأريخ ليس بغافل عن تلكم الأحداث، فهو يحدثنا أحيانا بصراحة شديدة، ويكشف لنا بكل أمانة صورا من ذكريات مريرة، وحقائق درست واختفت حقبة من الزمن، إلا انها لم تُمح من ذاكرتنا. حيث بات كل فرد منا له من سني عمره مايكفي ان يكون شاهدا حيا على أحداث عجيبة غريبة. ففي السنوات الأربعة عشر الأخيرة، شهدت الساحة العراقية أحداثا، لم نكن نسمعها في روايات وقصص (ألفريد هتشكوك) أو (أجاثا كرستي) او (ستيفن كنغ) مع فارق الزمان والمكان، وتكرار الأبطال القائمين بأدوار رئيسية.
وبنظرة سريعة على سيناريو الأحداث التي مرت على العراق مؤخرا، نرى أن أبرز ما شغل الساحة السياسية والاجتماعية بشكل عام وأربك البلاد والعباد هما الوضع الأمني والفساد الإداري وتداعياتهما. فالوضع الأمني ضعضع من ثقة المواطن بقادة حكومته وأجهزتها المسؤولة عن توفير الامن والأمان. والفساد الإداري أضاع على المواطن فرص العمل المناسب والمستقر، وبالتالي بقي محصورا بين البطالة والعمل اللامجدي، وهذه طامة كبرى. إذ معلوم ومعمول به في دول العالم كلها، أن من أولويات واجبات أية حكومة هي حماية المواطن، وتوفير بيئة آمنة له، وضمان معيشته اليومية وفق نظام اجتماعي واقتصادي تكون مفاتيحه بيد الحكومة حصرا. والحديث عن هذا الجانب لوحده يتطلب مجلدات وأضابير لها أول وليس لها آخر. والحل للخلاص من الخلل في الجانب الأمني هو القوة ثم القوة ثم القوة، ولاشيء غير القوة، وذلك ببسط سطوة القانون وهيبته، وهذا لايتم إلا بالانضباط الصارم لمؤسسات الدولة الأمنية، وجدية العقوبات، وحتمية تطبيقها بحق المتسببين بأي خرق، مهما كان صغيرا، وإلا فالخروقات تكون حينذاك قابلة للنمو، وهذا مايحدث كما نرى.
وعلى هذا، فإن إرهاصاتنا المبكرة في اختيار من سيمثلنا في الانتخابات المقبلة، يجب أن تأخذ جادتها الصحيحة من الآن، وعلينا ترجيج كفة المتمكن والقادر على التغيير الفعلي لا الاكتفاء بالوعود والعهود، وعليه يجب أن يكون الأصلح والأفضل والأنسب في المرحلة المقبلة، هو الأقوى والأقدر على قطع دابر العنف في العراق، واستئصال خلايا الإرهاب التي يحلو للبعض ان يسميها (النائمة) وهي في حقيقة الأمر متيقظة تمارس نشاطاتها بتكتيك عالٍ. وبعد هذا كله يتسنى قطع دابر باقي المسببات والمعوقات، دفعة واحدة لا تباعا او بالتقسيط المريح.

أحدث المقالات