23 ديسمبر، 2024 5:12 ص

التبعيّة السياسية والغذائية إلى أين..؟ أيها العرب..عسى أن يوحدكم إحتراق الخبز..!!

التبعيّة السياسية والغذائية إلى أين..؟ أيها العرب..عسى أن يوحدكم إحتراق الخبز..!!

ربما يكون إحتراق القمح الأوكراني هو الشعار الذي سيوحّد الدول العربية ويجمعها بحلول جمعية وأهداف مشتركة لمواجهة خطر الأمن الغذائي بعد محاولات السياسة التي أغرقتها متاهات التشرذم والتقسيم لتؤكد بالدليل القاطع أن التبعيّة الغذائية لاتقلّ خطورة وتهديم عن التبعيّة السياسية، بل قد تزيد عنها في التبّعات عندما يتعلق ذلك بالأمن الغذائي للشعوب وطرق المحافظة عليه وديمومته وإستقراره.
ماحدث مؤخراً من النزاع الروسي-الأوكراني قد يربك كثيراً مؤشر إرتفاع أسعار الأغذية في السوق الدولية وقبلها حسابات الحكومات العربية من الخليج إلى المحيط التي تحتفظ ليست بتبعات سياسية لكن تبعات غذائية تعوّل عليها هذه الحكومات في إطعام شعوبها لتكون من أكبر مستورديّ الغذاء في العالم وتستنزف فاتورة إستيرادها للأغذية والقمح من الخارج بالعملة الصعبة مع تزايد هذه النسبة من سنة إلى اخرى، حيث تشير إحصائيات تقرير قطاع الشؤون الأقتصادية لجامعة الدول العربية في آيار من العام الماضي أن فاتورة إستيراد الدول العربية وصلت إلى أكثر من (100مليار دولار) من الأغذية والقمح أي بزيادة قدرها (10%) عن قيمتها في سنة 2016 والتي كانت بنحو (90 مليار دولار).
المفارقة أن الأزمة الأوكرانية كشفت عن عورات الأمن الغذائي العربي وتهديداً في مصالحه الغذائية وإمدادات السلع الضرورية في مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى المجاعة ونقص الحبوب خصوصاً بعد التقارير الدولية التي تشير إلى إعتماد أكثر من عشر دول عربية على الأستيراد الخارجي من القمح والزيوت من بينها مصر والجزائر والعراق والسعودية والسودان والأمارات وتونس والمغرب والأردن ولبنان لتعلن هذه الحقائق أن حكومات هذه الدول كانت تُهدر كل حقوق الأمن الغذائي وإستقرار المواطن العربي وجعل إستقراره رهينة للأستقرار العالمي لتلك الدول المصدّرة للأغذية وجعله فريسة تصطاده سياسات تلك الدول وأحوالها ومتغيراتها السياسية.
العاصفة القويّة التي أُنذرت بوجودها الأزمة الأوكرانية-الروسية والتي تُنذر رياحها العاتية بأقتلاع ركائز الأمن الغذائي الذي تقوم عليه بورصات الأسواق العالمية حيث لازال القائمون غير مُدركين أخطارها ونتائجها ولا كونها تُمثّل ناقوس خطر يدّق أجراسه بوجه الدول لإعادة التموضع والتفكير في إستراتيجيات جديدة وبدائل توفر البديل الغذائي للشعوب عندما تواجهها أخطار إنقطاع إمدادات تلك الدول المصدّرة.
وفي حقيقة الأمر أن العالم أدرك أنه غير مستعد لمواجهة جديدة وأزمة في الطعام خصوصاً بعد فترات جائحة كورونا وما خلّفته من كساد وإزدياد مديّات الجوع للشعوب.
أوكرانيا ذلك البلد الذي تجري على أرضه أعتى المواجهات والمعارك يحتل المرتبة الثالثة في إنتاج القمح والمرتبة الرابعة في إنتاج الذرة على مستوى العالم، مايعني أن هذه الحرب ستقود إلى نتائج وخيمة على الصادرات الأوكرانية التي يعتمد عليها الشرق الأوسط بنسبة (40%) من صادرات القمح والذرة. إضافة إلى أن هذا البلد أكبر مصدّر من البذور الزيتية وبذور اللفت ليسدّ نصف حاجة العالم من صادراته لزيت عباد الشمس.
في كل هذا التشابك والتعقيد في المشهد الدراماتيكي لما يحصل في آتون الصراع العسكري في أوكرانيا ربما غاب مشهد أكثر عتمة وضبابية عن القادم وهو كيف ستتأثر الصادرات الزراعية في تدفقها وتصديرها عبر البحر الأسود خصوصاً إذا كان هذا هو المنفذ الرئيسي لتصدير مانسبته (12%) من السلع الزراعية والحبوب الأوكرانية-الروسية وإمكانية وصول هذه الشحنات إلى الدول المطلّة على البحر دون أي تعطيل أو تأزيم، إضافة إلى تدفقها إلى الأسواق العالمية والأقليمية بسلاسة ودون أي تعقيد خصوصاً بعد أن تحوّل حوض البحر الأسود إلى نقطة إشتعال حرب ممكنة بعد نوايا روسيا من السيطرة على حوض هذا البحر والقرم ومن يضمن أن العمليات العسكرية لن تؤثر على حركة التجارة وتسبب ضغوطاً ومخاوفاً على ممرات البحر.
في المحصلة وقع المحظور وبانت التوقعات التي أستنتجت من أن التبعيّة الغذائية لدول تعتمد في سلّتها الغذائية على غيرها ماهي إلا خلاصة مأساوية أنتجتها التبعات السياسية بل وتتخطاها في الأثر والتأثير وحان الوقت للبحث عن أستراتيجيات جديدة تعيد للعرب الأكتفاء الذاتي في الغذاء كما يحصل في الكثير من دول أفريقيا أو حتى الهند التي تعتمد بنسب كبيرة على ماتجود بها أرضها لأطعام شعبها الذي يبلغ أكثر من مليار نسمة وهو مايعادل مجموع سكان الوطن العربي.
طبول الحرب التي تجري رحاها الآن على حقول القمح الأوكراني هل يجعل العرب يتحررون من التبعات الغذائية..سؤال يُطرح بأنتظار الأجابة عليه؟