18 ديسمبر، 2024 8:04 م
من ضمن أساليب الهيمنة التوسعية لدى الدول، هو جعل الدولة الاضعف تابعة سياسياً للدولة الاقوى، فتمسي الدولة المستهدفة تابعة للدولة الهادفة في الجوانب السياسية التي تحقق اغراض تلك الدولة.
ومن أبرز أنواع التبعية والتي نشهدها الان على الساحة السياسية هي:
النوع الاول: وأستطيع ان اسميها بالتبعية الساذجة، وهي ما تفرضه الدولة القوية على الدولة الضعيفة من اسلوب سياسي يصب في صالح الدولة المتبوعة، وبه تكون تبعية الدولة الضعيفة قهرية واضطرارية، اي ان الدولة الضعيفة لديها رؤى وقناعات سياسية لكنها مجبرة على التخلي عنها بسبب هيمنة الدولة المتبوعة.
وهذه المرتبة من التبعية فيها مساحة ـ وان كانت ضيقة ـ للدولة التابعة لتمرير بعض غاياتها او رؤاها من خلال ثغرات السياسة المفروضة.
النوع الثاني: والذي ينشأ بإرادة الدولة الضعيفة وليس فرضاً عليها، وذلك من خلال دوافع الصعود لمصاف الدول الكبرى، أو لاجل زيادة قيمتها في المحافل الدولية الخاصة، فتنسخ هذه الدولة الاصول السياسية لاحدى الدول الكبرى وتحاول السير عليها، فتكون تابعة من جهة الاصول السياسية لتلك الدولة التي اتخذتها قدوة لها. وهنا ستفقد الدولة التابعة الشكل السياسي المناسب لها.
النوع الثالث: ويكون من خلال مساعدة الدولة الضعيفة او الدولة الناشئة من قبل الدولة الأقوى؛ لاجل نهوضها سياسياً، وذلك عبر رسم مسار سياسي محدد للدولة الضعيفة.
وفي هذا النوع هناك مساحة للدولة التابعة، حيث إذا تمكنت هذه الدولة من التقدم ولو بمقدار صغير تستطيع ان تغير بعض تلك المسارات التي رُسمت لها.
النوع الرابع: وأستطيع ان اسميه التبعية المحكمة. وهي مبنية على زرع أفكار وثوابت كلية وشمولية من قبل الدولة المهيمنة في عقول ساسة الدولة التابعة، فتخلق عقلاً سياسياً يلائم اهدافها وسياستها.
فيتحرك عقلاء الدولة التابعة على ما تُوَلّده عقولهم من أفكار وآراء وحلول، يتوهمون أنها مستقلة من أي تأثير خارجي، لكن الواقع أن هذه الأفكار متولدة من الثوابت التي زُرعت في عقولهم. وبالتالي من الصعب عليهم ان يتحرروا من طوق هذه الثوابت. فكل فكرة وكل مخطط وكل نظام يصدر عنهم يصب في صالح الدولة المتبوعة.
وهذا النوع من أخطر انواع التبعية السياسية، والذي يعيشه الان –مع شديد الأسف – أكثر ساسة دولنا العربية.