وليد مبارك في جوف الكعبة المكرمة، نور من العلي الأعلى، غلام هاشمي لم يسجد لصنم قط، ليلة منام للفداء، وراية بيضاء يهاجر بأثرها رسول الرحمة (صلواته تعالى عليه وعلى آله) لينتشر الإسلام بأرجاء المعمورة ويظهر الدين كله، صديق أكبر، وفاروق أعظم، لاتأخذه في الحق لومة لائم، فتوته غير متناهية لا تعرف حدوداً للإباء، والشجاعة، والإخلاص، والحب في الباريء عز وجل، صولاته في معارك الأمة ببدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وصفين، والنهروان، والجمل، فإنه لدينا لعليٌّ حكيم.مارقون على الدين، ومنافقون في الإيمان، وناكثون لعهد نبيهم الكريم، مبغضون لحق علي وآل علي في الوصاية، والولاية على الأمة، وحلبة صراع على الحكم والخلافة، ويتناسون بيعة الغدير وحديث الثقلين، يرغبون في لقمة ابي سفيان الدسمة، ويحجمون عن خلافة علين لأن التزهد والتقوى الذي عليهن لا يعني سوى التقرب الى الباريء عز وجل، فإعتزلهم سلامة للخط الإيماني، وحفظ المجتمع الإسلامين الذي ما زال بمراحله الأولى، متيقناً بأن جرح المخالفة لأمر النبي، هو جرح للعدالة نفسها. سقيفة بني ساعدة دارت فيها حرب عالمية مصغرة، أرادت وبقوة النيل من أمير المؤمنين علي، وتعمدوا عدم إحضار القلم والدواة للنبي، بزعمهم أن الرجل ليهجر، حتى لا يكتب عهده الذي قدمه أيام غدير خم، لكن حقدهم الأعمى وطائفيتهم المقيتة،
تركت الرسول لتصعد روحه الشريفة، وهو في حجر وصيه وخليفته من بعده، رغم أنوف الحاقدين من أشياع قريش وساداتها المنافقين، لكن الإمام علي (عليه السلام) أدرك أن الإسلام عرضة للخطرن فتركهم يخوضون التجربة، ولبئس ثوى المتكبرين.فوق الباب النازف، والمسمار اللعين في صدر سيدة النساء فاطمة الزهراء، ترك الإمام علي (عليه السلام) الأمة، وهي غارقة في الضلالة والغي، بعد أن خالفوا أمر نبيهم بخلافة ولي المسلمين، وقائد الغر المجلين يعسوب الدين، وباب مدينة علم الرسول الأمين، فساد الظلام الأسطورين ونزع عن الدين عباءته البيضاء، حتى أزاحها علي أيام دولته العادلة، التي لم تشهد البشرية مثلها، جمهورية للعدل، والمساواة، والنزاهة أبداً، فكانت كل الأشاء تتحرك فوق الأرض، وتحت السماء تنادي يا علي.
العدالة تنهض مع علي وتسير معه، إنجازاته نوعية، وإنتصاراته ساحقة، ومعجزاته ماحقة، وعلومه نهج للبلاغة والفصاحة، في ذاته العلوية المقدسة ترى الحكمة، والعلم، والتدبر، يقضي المسلمون معه أوقاتاً نوعية، وهذا الحب وهذه العلاقةن لا ترضي أصحاب المطامع الدنيوية والمكاسب الشخصية، فكان عبد الرحمن بن ملجم المرادي عليه اللعنة، منفذ الإرادات القذرة، والحقيقة أن المشكلة ليست في وجود هذا الشيطان، بل في مَنْ سمح له بالتمدد الى الحد، ليتجرأ على قتل يعسوب الدين علي (عليه السلام).التاسع عشر من رمضان وحتى الحادي والعشرين، أيام للجراح طالها شهيد المحراب الأول، الإمام علي (عليه السلام) فبكى المنبر، وناحت ليلة القدر، فالجبناء يخططون، والشجعان يستشهدون، ففاز أمير المؤمنين، فقد ولد في بيت العلي الأعلى الكعبة المكرمة، وإستشهد في مسجد الكوفة المعظم، لبيت أُذن أن يرفع فيها إسم الباريء عز وجل، وأمست أيامه الثلاثة من الجرح الى الوفاة، مضمخة بدماء أبي السبطين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيا لينتا كنا معه فنفوز فوزاً عظيماً.