5 نوفمبر، 2024 6:19 م
Search
Close this search box.

التاريخ أهم الرواة

التاريخ أهم الرواة

-1-
للتاريخ ذاكرةٌ قويّة لا تُفلت منها الاحداث ،ولا الروّاد أصحابُ الأعمال الانسانية وصنائع المعروف …

انها لا تختزن هولاء وحدهم ، وانما تختزن معهم أضدادَهم ..!!

وما عليك إلاّ انْ تتذكر قول الشاعر :

وانما المرءُ حديثٌ بَعْدَهُ فكنْ حديثاً حسنا لِمَنْ روى

وأهم الرواة هو التاريخ …

ومن هنا فانك تستطيع أنْ تكون انشودته العذبة، وأنْ تُورّث الأمجاد والمناقب ، لا لبنيك وأهلك فحسب، بل لشعبك وأمتك ..

فطوبى للنبلاء .

-2-

وأصحاب المروءات موجودون في كل عصر ومصر، ولكنهم لا يشكلّون الغالبية المطلقة من الناس ..!!

وكما قال ابو الطيب المتنبي :

الظلمُ من شيم النفوس فانْ تَجِدْ

ذا عِلةٍ فَلِعِلَةٍ لا يَظْلِمُ

-3-

وحين نستعرض أصحاب المناصب العليا على مدار التاريخ ، فاننا لا نلمح الاّ نادراً، مَنْ استجمع غُرّ المناقب والسمات ، وكان الرمز الكبير للخير والإحسان .

ولعلَّ في ارتقاء المناصب ما يُفسد الطباع، ويقود الى اجتراح ما تتقزز منه الأسماع …

-4-

وبعضُ الأقلام تنحاز لأصحاب المناصب دون سواهم، فتغدو ناطقة بفضائلهم، وجميل صفاتهم وأعمالهم ..،

فللكراسي تأثيراتهُا الكبيرة على تجّار الحروف ..!!

وهذا الداء نعاني منه اليوم ، كما عانى منه الموضوعيون على مدار التاريخ …

ونحن نسمع اليوم أنَّ بعض المفتونين بأنفسهم ، يبذلون الأموال الطائلة -المنهوبة من الشعب طبعاً – لشراء المحطات الفضائية ، والمواقع الالكترونية والاعلامية ، لتنبري في مضامير تلميع صورهم ..!!

-5-

ومن المفيد هنا ان ننقل ما قاله ( ياقوت الحموي) عن (عبد الله بن طاهر بن الحسين) – وهو أحد كبار رجال بني العباس –

قال :

” كان عظيما في دولة بني العباس ،

ولا أعلم أحداً بلغ مبلغه فيها ..،

وكان أديبا شاعراً سجاعاً جوادا ممّدحا ،

وكانت إليهِ الشرطة ببغداد ، وهي أجلّ ما يلي يومئذ …”

من هذا يتضح أنّ الرجل كان صاحب منصبٍ خطير ، وصلاحيات أخطر .. ولكنه لم يستغل المنصب لابتزاز الناس وايذائهم ، بل سميّت أيامُه (الكفاية)، لأنه تعهد بكفاية جيرانه وتأمين احتياجهم للخبز .

قال ياقوت :

( راى يوماً دُخاناً مرتفعاً كريهَ الرائحةِ فتأذى به ،

فسأل عنه ، فقيل له :

” أن الجيران يخبزون بالبعر والسرجين ، فقال :

إنّ هذا لمن اللؤم ،

أنْ نقيم بمكانٍ يتكلف الجيران شراء الخبز ومعاناته ،

اقصدوا الدور ،

واكسروا التنانير ،

وأحصوا جميع مَنْ بها من رجل وامرأة وصبي ،

وأجروا على كل واحد منهم خُبْزَهُ ،

وجميع ما يحتاج اليه …”

انّها لأريحيّه عابقة بالشذا ، تكشف عن نبل ومروءة وحُبّ للقيم وللناس…

والسؤال الآن :

كم هم اولئك المسؤولون عندنا اليوم، الذين تمور في نفوسهم مِثْلُ تلك الأحاسيس الانسانية ، وتجود أنفسُهم بما جادت به نفس عبد الله ؟!!

ولا شيء في الميزان السياسي والاجتماعي والاخلاقي يفوق حُبَّ المسؤول للمواطن ، على أنْ تكون آثار الحب واضحة المعالم، وليست مكتومةً في القلب …، يبرزها للعيان البذل والعطاء والخدمة الصادقة، والتفكير المتواصل آناء الليل وأطراف النهار ، بالطرق والوسائل المُوصلة الى توفير السلامة والكرامة والعيش الرغيد للمواطنين .

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات