ان يتوجه رئيس الحكومة العراقية الى واشنطن لمناقشة اليات تطبيق اتفاقية الاطار الاستراتيجي بين البلدين،مسألة لا تغتفر، لكن دعوة رئيس القائمة العراقية الدكتور اياد علاوي لعلاج ركبته من الالام التي خلفها وجع ضربته من قبل ازلام صدام اواسط السبعينات، كما تقول ميسون الدملوجي القريبة منه،مسألة فيها وجهة نظر،اما دعوة نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن لكل من رئيس اقليم كردستان مسعود برزاني، ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، لزيارة واشنطن، فان في الامور امور اخرى لغايات تعرفها واشنطن ، قبل العارفون في بغداد ، لتحديد خارطة التائهون في دروب واشنطن !!
والسؤال المطروح : ما الجديد الذي تسعى واشنطن لاخراجه الى العلن بعد موجة من الانتقادات لسياساتها، التي تحولت من الانسحاب المسؤول وفقا لمبدأ الرئيس باراك اوباما، الى انسحاب ذليل، ترك العراق فرصة سائغة للنفوذ الاقليمي،مما اجبر واشنطن على اعادة رسم خارطة طريقها، وتستخدم فرضيات الانتخابات التشريعية المقبلة، لإعادة رسم علاقاتها من قيادة عراقية تتوافق ليس مع بعضها البعض اكثر من توافقها من السياسات الاميركية المطلوبة في المرحلة المقبلة.
مشكلة هذا التناقض ما تأسيس دولة وبين دولة احزاب، يؤكد حقيقة التعاطي الاميركي متعدد الاطراف مع القيادات العراقية،لإيجاد ذات المعادلة التي تعامل من خلالها السفير بول بريمر،الحاكم المدني الاميركي مع هذه القيادات في تشكيل مجلس الحكم، لاسيما تلك التي وصفها في مذكراته بأقذع الاوصاف، وهي اليوم ترى في الخروج الاميركي من العراق نوعا من التحرير، في وقت كانت هذه القوى تستعين ب” المحتل الاميركي” لتغيير دكتاتورية صدام ، فاذا بها تتحول الى دكتاتوريات ما بعد الانتصار على الولايات المتحدة واغراقها في المستنقع العراقي لصالح اهداف شمولية اسلاموية ، لصالح ولاية الفقيه الايرانية .
كل ما تقدم يعيد قراءة الصورة الواقعية للخارطة السياسية العراقية ما بين رغبات اميركية واقليمية وداخلية ، لكل منها ميولها واتجاهاتها ، تغيب عنها حقيقة موقف الناخب العراقي في الانتخابات المقبلة ، وهي الحقيقة التي تجهل الولايات المتحدة قراءتها بالشكل الصحيح ، عندما اخطأت قراءة الشارع العراقي عند الانتخابات التشريعية الاولى عام 2005 في اقناع الناخبين للاقتراع ل” الرجل القوي” اياد علاوي ، فانتهت الانتخابات كما ارادت قائمة الائتلاف الوطني التي تشكلت من لجنة الستة بمعرفة مكتب المرجع الشيعي الاعلى اية الله السيستاني .
مشكلة واشنطن اليوم انها تسعى لتكرار ذات الاخطاء في مزاوجة موقف المرجعية الدينية مع رغباتها ، في وقت ابتعدت النجف وسيدها عن السياسة واكتفت بمنهجها الارشادي لمقلديها ، وظهور اية شخصية تحمل مواصفات وشمائل هذه المزاوجة مستعبد حتى الان ، واي مرشح جديد يمكن ان يظهر اميركيا ، ليس بالضرورة هناك موافقة عليه من المرجعية الدينية ، فيما يبقى المرشح الاوفر حظا بموافقتها ربما لا يحظى بقبول اميركي .
لذلك يتكرر في التصريحات البرلمانية ان الانتخابات المقبلة سترسم مستقبل العراق لمدة ربع القرن المقبل ، ما بين هذا التناقض على فرضيات تكرار فوز من توافق عليه مرجعية النجف، وان رفضته واشنطن ، فالمراهنة على صناديق الاقتراع تبقى بيد مقلدي مرجعية النجف وليس ثلة من الليبراليين العراقيين ، المشتتين وسط زعاماتهم المتضاربة .
ومن هذا المنطلق ربما تسمع واشنطن تعابير مختلفة خلال استقبالها القيادات العراقية ، والسؤال هل تستطيع فرز الافضل لمستقبل علاقاتها مع بغداد واربيل ، او تكتفي بالحد الادنى من تطوير استراتيجي للنموذج المصري عراقيا ، حيث لم تجد في جيشه رجلا مثل ” السيسي” كما لم تجد في منظمي التظاهرات رجالا مثل منظمي الحراك الشعبي المصري .. لعلها تجدهم في المستقبل المنظور .