18 ديسمبر، 2024 6:15 م

التأريخ: يصنع الحاضر والمستقبل معا

التأريخ: يصنع الحاضر والمستقبل معا

التاريخ بالإضافة الى دروسه؛ يصنع الحاضر ويلقي بعوامله.. لصناعة المستقبل.. في لحظة الحاضر الذي في لحظته هذه، يصبح ماضيا، وتلقي تلك اللحظة بظلالها على المستقبل.. الماضي مسؤول عن صناعة الحاضر والحاضر بدوره يصنع المستقبل…كل امة لها خصوصيتها التي صنعها التاريخ الموغل في القدم.. لذا فان مجموع القيم وما إليها تشكل روح الامة اي امة حضارية.. اي تشكل زخم معنوي في الفعل والحركة لجهة السمات والمميزات والصفات وانتاج التحَول.. محاولة ازالة هذه القيم.. والروح.. هو اعتداء واستلاب …هذا لا يعني باي شكل كان عدم التناغم مع الحداثة، بل ان العكس هو الصحيح تماما. التأريخ ليس له نهاية ابدا، بل هو مستمر في تغييراته وتحولاته الكونية، وايضا في تغييراته وتحولاته للأمم التي تشكل بمجموعها البشرية على ظهر الكوكب. قد تنتصر امبراطورية على امبراطورية منافسة، إنما التأريخ لا يتوقف عن الفعل والحركة في انتاج المتغير الذي يتولد من الحاضر، ويولد عوامل تغير الحاضر من رحم الحاضر الى حاضر جديد يختلف عن الحاضر. هكذا هو مسار التأريخ، وهو مسار ابدي. المنطقة العربية تعرضت ولم تزل تتعرض الى هزات عنيفة جدا، هزت اليقينيات من جذورها، وهي يقينيات ترتبط عضويا بالتاريخ وفي الوقت ذاته، لا ترتبط بالتاريخ لجهة تطوره على مسار العصرنة والحداثة، لذات التاريخ وليس شكلا مغايرا له ابدا، من حيث زخم الحركة والفعل وانتاج واقع جديد ينسجم مع إرادة الانسان في الحرية والتحرر، والبناء والانتاج.. وهذه الهزات لها؛ عوامل ذاتية، تم تنشيطها بإرادة ذاتية وخارجية من دون اتفاق، بل تلاقي مصالح. كما ان هذه الهزات العنيفة جدا، أو قل الدموية التي أتت على كل جميل في الوطن العربي، رغم سياسة دكتاتورية الانظمة العربية الرثة الحاكمة لأوطان هذا الوطن العربي، الا البعض منها، ليس لناحية دكتاتوريتها، بل لناحية رثاثتها، والتي هي اقل من ربع اصابع اليد الواحدة، هذه الانظمة هي التي شكلت كل العوامل الذاتية لهذا الخراب، الذي، حتما؛ سوف ينتج واقعا جديدا حداثويا في ظل التحول الكوني في المعمورة، وان طال زمن الانتظار. توقفت كثيرا؛ قراءة وفحصا للتقرير السياسي للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني…التقرير عميق في طروحاته، بل عميق جدا.. يشكل بداية لتحول عالمي على الرغم من ان التقرير ركز على سلمية السياسة الصينية في الحاضر والمستقبل. هناك طرحان مهمان جدا في التقرير وهما؛ اولا صيننة الماركسية، وثانيا اعتبار الحزب الشيوعي الصيني القائد الاوحد للصين الدولة والشعب معا، طبعا وكما جاء في التقرير بقيادة شين جين بينغ، واعُتِبرَ الثورة الاجتماعية هي في نفس الوقت ثورة الحزب الذاتية، وهي قيادة شمولية للحزب والقائد. هذه هي نفس ما وقع فيه الحزب الشيوعي السوفيتي الذي خسر بسببها المعركة الكونية مع الامبريالية المتوحشة. إنما هناك اختلاف كلي بين الاثنين.. تأريخ الشعب الصيني يختلف كليا عن تأريخ الشعب الروسي. الصينيون يتعاملون مع لحظة الحاضر بعوامل تكويناتها ببرغماتية ومرونة فائقة، لذا عندما تستوجب هذه اللحظة ان تغير القيادة الصينية من سياستها الداخلية؛ سوف تعمل على احداث التغير المطلوب. سياسة الصين في المرحلة التي اعقبت ماوتسي تونغ، تختلف تماما عن ماوتسي تونغ، وهذه السياسة هي التي ساهمت مساهمة فعالة جدا بما صارت ما عليه الصين في الوقت الحاضر، وقد تخلى الحزب عن اعتبار الاشتراكية مرحلة من مراحل بلوغ الشيوعية، بل اكثر من هذا؛ اعتمد اقتصاد السوق الاشتراكي وليس السوق الموجه كليا، بل جزئيا كاطار عام.. وسياسة الصين في تلك المرحلة ايضا تختلف عن سياسة شين جين بينغ بدرجة كبيرة جدا. الصينيون يدركون ان اللحظة التاريخية التي ينتجها الماضي والحاضر معا؛ تصنع المستقبل؛ عليه فانها؛ سوف تغير من سياستها واقصد هنا سياسة الحزب الاوحد والقائد الاوحد، عندما تستوجب لحظة التاريخ منهم اي من القيادة الصينية؛ التغيير لو جزئيا في الذي يخص الذي سبق في هذه السطور المتواضعة.