8 أبريل، 2024 9:02 ص
Search
Close this search box.

التأريخ والتأريخ !

Facebook
Twitter
LinkedIn

التأريخ حالة إنسانية كامله متوقدة بحواسها وأفكارها , ورؤاها وتصوراتها وتقديراتها ووجهات نظرها , وقد تنسجم أو لا تنسجم مع آليات الفعل ورد الفعل , التي تصنع هيكلها على مرّ العصور , والمفردات المساهمة في صناعة أي تأريخ , تتحكم بها طاقات مكانها وزمانها التي تفاعلت معها.
ولا يمكن عزل أي حالة تأريخية عن ظروفها الموضوعية بأكملها!
والتأريخ علم ومنهج وبحث وإستنتاج وإستقصاء نزيه , وخالص من شوائب الإنحياز والتسويغ والتبرير , والتعزيز لوجهة نظر ما أو فكرة ما, لأنه ثري بكل ما يريده الساعي لإبراز أية وجهة نظر أو رأي , وهذا لا يعني أن ما يذهب إليه هو صائب , وإنما تمكن أن ينتقي من المسيرة التأريخية ما يساند رؤيته.
وفي هذا إنتقائية وإنحرافية وتضليل وتشويه لجوهر التأريخ , وقيمته المعرفية وتجربته السلوكية.
فعندما تتسيد الإنتقائية وعدم النزاهة , يفقد التأريخ دوره الحضاري , وكونه تجربة نستخلص منها الدروس للوصول إلى تجاوز ما نراه غير نافع لمسيرة الأجيال والوطن والأمة والعقيدة , والقيم والتقاليد والأعراف التي صنعت الحالة الأرقى.
وعندما يُقرأ التأريخ بنصف عين , أو بعين واحدة , فهذا يعني تسخيره لتدمير الوجود الوطني والإنساني , وتحويله إلى سلاح خطير ضد الحياة المعاصرة لأهله.
ومدرسة الإنتقاء السلبية تتفاعل في أرجاء وجودنا العربي , وتسعى بطاقاتها المدمرة إلى تخريب ما يدل على القوة والقدرة والإنطلاق الصحيح في الحياة.
فترانا نستجمع همتنا لإستحضار السيئات وإنكار الطيبات والأنوار والإضاءات , ونجتهد في تأكيد إرادة السوء والبغضاء , وتحقيق أعلى درجات النكران لماضينا ومسيرتنا الإنسانية الواضحة , ونطرح موضوعات غريبة وندّعي بأنها صحيحة وتمثلنا.
إذ يمكن لأي شخص أن يأتي بما يعزز ما يريد قوله من السوء , وما يريد تقديمه من الخير , ويسند توجهه اليائس أو المتفائل بأحداث التأريخ , وهذا ينطبق على جميع التأريخ الإنساني وليس العربي وحسب.
فالتأريخ مَعين لكل شيئ , لأنه من إنتاج البشر بتفاعلاتهم المتنوعة.
وفيه خير وشر , صدق وكذب , ظلم وعدل , وجميع المتناقضات الأرضية منذ بدء الخليقة وحتى اليوم , وإلا لا يمكن أن يكون تأريخا.
فلماذا لا نتفكر بالحاضر والمستقبل , ونمعن التيهان في التأريخ وننظره بعدسات مشوهة , فنأتي بما هو ضار لمعاني ومفردات وجودنا المعاصر؟
هل لأننا نستلطف العجز ونخشى التفاعل والمواكبة , أم لأنا رسخنا الشعور بالهزيمة في أعماق ذاتنا التي أمعنا في سحقها الأليم؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب