23 ديسمبر، 2024 11:32 م

التأريخ دروسٌ وتوبيخ

التأريخ دروسٌ وتوبيخ

التأريخُ هو سِلسِلةٌ مِنَ الأَحداثِ مرتبطةٌ بزمن.فقد قالوا قديما: “لا عزة لقوم لا تأريخ لهم”.   
 فمِنْ قبلِ أن تُكتَشَف الكتابة, تم متابعة الباحثونَ في التأريخ, لمعرفةِ ما كانَ في تِلكُم العصور الغابرة, صُعوداً من ذلك الحِين لعَصْرنا الحاضر. دَوَّنَ الإنسانُ, أغلبَ ما مَرَّ به من أحداث, ولِكُلِّ حُقبةٍ أحداثُها, رجالَها ودروسَها. إذا فالتاريخُ مدرسةٌ تُعْلِمْنا بِما كان, وعلينا استنباطَ الدروسِ والعِبَرْ, لغرضِ الاستفادةِ منه, ففيه من الحِكَمِ الكثيرة.
لَقد قامَ البائِسونَ المُتَمَلقون, بتغيير بعض الحقائق! وأرادَ آخَرين طَمْسَ ما جَرى في عَصْرِهِمْ, لا لشيءٍ إلاّ لإِرضاءِ ذَوي النُفوذ والمُتَسَلطين, ومِنَ الطبيعي أَنَّ ذلِكَ, لم يَحْصَل بدون مقابل, مَعَ غَضِّ النَظَرِ عن كُثرةِ الأموالِ أو قِلَتِها المدفوعة من قبل ما يسمونهم في بعض الأحيان, الحُكامُ أو الأمَراءِ, لنَقصٍ في سيرتِهم, ولمعرفَتِهِم أنّهُم ليسوا أصحابَ حق, بمحاولةِ استقراءٍ للتاريخِ الإسلامي, نجدُ حالاتٍ عَديدةٍ, بالرغم من الحديث الثابت “إنما بُعِثتُ لأتَمِّمَ مَكارِمَ الأخلاق”  فقاموا بمُحاولاتٍ لطَمسِ آثارِ الرسول الكريم صلى الله عليه وآله, فَقَدْ قامَ بعضٌ من المتُسَلطِينَ بِمَنعِ كِتابةِ الحَديثِ النَبوي, ودَسِّ ما يبغون في البعض الآخر, الذي نَقَلهُ الناقَلون من ألصَحابه. وكَمثال على ذلك هذا الحَديثُ النبوي وانظر كيف تلاعبوا به” أنا مدينة العلم وعليٌ بابها” فقد غيروه إلى” وعاليٌ بابها” نكرانا لما قام به عليٌ بن أبي طالب عليه السلام, أما لماذا؟ فهذه واقعة كربلاء نعرف منها سببا من أسباب واقعة ألطف الأليمة. ولست هنا في سرد قصة المقتل وكيفيتها, إنها معروفة للجميع, ناد السبط الشهيد من جاء لحربه, فلم يجهلوا نسبه وخاطبهم ألست ابن بنت نبيكم؟ قالوا بلى, فدعا الحسين عليه السلام الله عز وجل على من حاربه وصم أذنيه وتبع هواه, فقال بعض المؤرخين إنه عليه السلام قد دعا على شيعته, كأن الناس ليسوا عرباً, فالشيعة تعني أتباع, فكيف يدعوا على من تبعه؟ ودواليك من هذه التأويلات.
لقد فهم البعض من قصة الحسين عليه السلام إنها حرب على عرش الحكم الدنيوي, بالرغم من أن الخطبة واضحة حيث قال فيها” ما خرجت أشرا ولا بطرا وغنما خرجت لأجل الإصلاح في امة جدي” هذا معناه أن المسيرة قد انحرفت عن مساها ولا بد من التصحيح وإرجاع الأمور إلى ما أراده الله جلت قدرته ورسوله صلى الله عليه وآله.
وما أشبه اليوم بالبارحة فقد خرج أهل العراق من سبات دام عقود عديدة لكي ينتخبوا من يمثلهم وليحكم بالحق وانبرى الكثير مناديا بأنه هو من يحكم بالعدل وليس غيره مُستَخدِماً شتَى الوسائل قديمةً أومستحدثه, مستغِلاً جَهلَ البعضِ وفقر الآخرين وتحزب المتحزبين , لقد ظهر تيار إسلامي هو الأخطر كما في دعاية الدولة العباسية” يا لثارات الحسين” وما إن استلم السلطة نسى الشعار الجاذب للمواطن ساعيا خلف العرش الزائل والتشبث فلا خدمات تذكر ولا انجازات واضحة أو سياسة حسينيه حيث لا نكران الذات بل أنانية مقيتة وجفاءٌ لِمَنْ هُمِ الظَهيرُ السانِد, لقد انحَرفَتِ العمليةُ السياسيةُ في العراق, لوجودِ نفس المتَسلطِين وآرائِهِم مَعَ اختلافِ المسمياتِ والوجوه. فهل هي كربلاء جديدة؟
إن كانت كذلك فعلى الجميع أن يبحثوا عن حُسَيناً لإنقاذِهِم, فلم نرى عبر السنين, غير يزيدا وسفاحا, لم نرى من يِعرفُ الحُسَين بالرغم من  وجوده بين الجموع عبر الزمانِ, في أي مكان والعلةُ بالبحث عن الفِكْرِ لا الشِعار, والاختيارُ لِمَن يريدُ الخَير, ليسَ بالشيءِ العِسير, ومَنالُهُ قَريب, إن أرادَ المواطن أن يريح ويستريح, فحاجِزُ الخَوفِ قد كُسِر, والطاغيةُ لا مَحالةَ قد هُزِمْ.
[email protected]