منذ الأيام الأولى لحركته السياسية في خارج العراق وداخله, كان السيد محمد باقر الحكيم؛ منفتحاً على أبناء الشعب العراقي كافة, لم يقتصر على طائفة معينة, ومسعاه توحيد الصف الوطني, والخروج برؤيا عراقية موحدة, إزاء الممارسات الإجرامية للنظام السابق, فيرى إن توحد كلمة وموقف العراقيين جميعاً, الطريق الأفضل لإسقاط نظام صدام.
بدأت دائرة مشاوراته تتسع, لتستوعب أبناء المذاهب والقوميات والطوائف الأخرى, ليسمع منهم رؤيتهم في سبل المواجهة النظام, الذي لم يسلم منه بيت عراقياً, إلا وقد اكتوى بنار ظلمه وجبروته, لاسيما أبناء الطائفة السنية, فإعدام الرموز الدينية والسياسية السنية المعارضة في الداخل, وتفجير بعضهم “بسلاح الديناميت”, يعد من أفضح الأساليب الإجرامية ضد المعارضين لسياسته, ما جعل الجبهة السنية المعارضة تتوسع ضده.
القضية الكردية؛ ومعاناة الشعب الكردستاني, كانتا من أولويات مساعيه للدفاع عنهم, وكشف ممارسات النظام في التعامل معه, خاصة بعد مجازر الأنفال وحلبجة, كان شهيد المحراب حريصاً على توطيد العلاقات مع كل الإطراف الكردية, بكافة توجهاتها؛ القومية واليسارية واللبرالية والإسلامية المعتدلة والمتشددة, من أجل توحيد الصف القومي, ضمن الخطاب الوطني العراقي المعارض, ونجح بذلك لاسيما بعد إحداث الاقتتال بينهم عام 1996.
لم تغب عن خواطره؛ وكان يستأنس في جعلها من القضايا المهمة في كل المحافل السياسية والإعلامية, التي يتبناها المجلس الأعلى, إلا وهي قضية الأقليات العراقية الذين عانوا الكثير من سياسات القمع والتسلط, التي مارسها النظام السابق ضدهم, خصوصاً في مسالة التهجير والنفي, والإعدامات الجماعية ضد أبناءها, وإن نكرة السلمان جنوبي محافظة المثنى, خير شاهد على المقابر الجماعية ضد أبناء الأقليات.
حفظت ذاكرته صورة شيعة العراق خلال ثمانون عاماً, من الظلم والطائفية والقمع والتشريد, ونهب الثروات والإعدامات, وتدمير الحوزات وقتل العلماء والكفاءات, كل ذلك كان مدعاة لتصدر القضية الوطنية أطروحاته, وبيان رأي الشعب العراقي في الداخل والخارج لأساليب النظام الديكتاتوري, لاسيما قضية بقاء أبناء رفحا 13 سنة في صحراء السعودية, متحدين التعسف والطغيان, لذا كان داعماً لأولئك النخبة كونهم رمز وطني.
فيما كان يؤكد خلال كل لقاءاته على الأصعدة كافة؛ على وحدة الشعب العراقي في مواجهة التحديات, رافضاً كل دعوات التقسيم والتبعية, كان يدعو إلى عراق اتحادي تعددي ديمقراطي, يحدد أبناءه نظام الحكم فيه, معتبراً فكرة الأقاليم الحل الأمثل للحد من معاناة التسلط الحزبي والفئوي, وفيها تحترم كل التوجهات والثقافات والسلوكيات, الدينية والقومية والأيدلوجية, يحكمها دستور دائم, وحكومة ممثلة لكل العراقيين.
لذا كان السيد شهيد المحراب؛ مهتماً بإعطاء القضية العراقية البُعد الوطني, وإبراز مضامينها للعالم, وعرض المعاناة لم يقتصر على فئة محددة, وطائفة واحدة, إنما ينقل كل إحداث “الوطن الجريح”, كما يحب أن يسميه, ليضعها على طالة النقاشات من أجل الوصول لنقاط مشتركة, لإسقاط نظام صدام, وتحرير العراق من حقبته السوداء.