الفكر؛ أحد الأعمدة المهمة في حياة الإنسان, لتأثيره في تطوير المدارك العقلية, والتعبير عن الهوية, وإبراز صورتها الحقيقية بالمجتمع, وعكس الوجه الحضاري, لأي مجتمع أمام المجتمعات الأخرى, لترك بصمة دالة عن الشخص أو المجتمع للأجيال اللاحقة, لما له من تأثير على جوانب الحياة كافة؛ الأخلاقية والثقافية والتربوية, السياسية والحضارية والاجتماعية.
الحركة الإسلامية؛ منذ انطلاقتها في منتصف القرن العشرين, أولت الفكر اهتماماً كبيراً, لأنه الوسيلة الأساسية القادرة على إقناع المجتمع, وخلق جيل مسلح بالثقافة والفكر والوعي, قادر على مواجهة الأفكار الأخرى, الساعية لتدمير وتفكيك ارتباطاته, نتيجة تقديراتهم الأولية للمستوى الثقافي لأبنائه, أثر السياسات المتعاقبة على إلغاء دوره في الحياة السياسية, ومحو أثاره الفكرية والتربوية, وحرف مسيرته الحضارية, المستندة إلى تاريخ مزدهر.
انطلاقاً من ذلك؛ وضع السيد محمد باقر الحكيم, آليات واضحة للنهوض بالمستوى الفكري, لأبناء الحركة الإسلامية, من خلال تعزيز جذور المشروع السامي, الذي ضحى وجاهد من أجله العلماء والصالحين, كونه الامتداد الطبيعي لحركة النبوة والإمامة, سعى إلى رفد المكتبات العلمية بعشرات الكتب والمصادر, التي قاربت “الستين كتاباً” في مختلف المجالات العقائدية والقرآنية والأخلاقية, والتاريخية والفكرية والاجتماعية, لتكون المنبع الصافي للمثقفين.
فيما كان يشجع على التأليف والتحقيق والبحث والكتابة, ويدعم كل من شأنه تعزيز الدور المعرفي والثقافي والتربوي, لان الثقافة في نظره, تعد الخط المناظر للعمل السياسي, فالسياسة في أساسها تعمد على الفكر, وكلاها يكمل الأخر, وتراجع الجانب الفكري أو انحراف الثقافة الشخصية لفرد, ينعكس على اهتماماته السياسية, والكثير ممن انحرفت بوصلتهم, كان بسبب الثقافة الخاطئة, التي تلقوها أو تأثروا فيها.
أسهم في تأسيس وإنشاء العديد من المؤسسات الثقافية والإعلامية والتبليغية, لدورها المؤثر في تقويم سلوك الإفراد, والمجتمع بشكل عام, فكانت مؤسسة دار التبليغ الإسلامي, من المؤسسات الرائدة في هذا المجال, لتشجيع الطاقات الواعدة, والنخب المثقفة والواعية, نعكس هذا الاهتمام برعايته لعدد من الصحف, والوسائل الثقافية؛ كالمؤتمرات والندوات والمحاضرات, التي تمنح المتلقين المزيد من الخبرات والمؤهلات, لأخذ الدور الايجابي في المجتمع.
ملتقى الأربعاء؛ يعد من المحافل الفكرية المهمة, التي كان السيد شهيد المحراب يرعاها شخصياً في المهجر, لما فيه من برامج تنموية؛ في مجالات القران, والخطابة والتوجيه السياسي, ناهيك عن إنشائه للمدارس الدينية والأكاديمية, التي تقع تحت إشرافه, لإعداد الأساتذة الأكفاء, في مختلف الدراسات الضرورية, لحاجة المجتمع الإسلامي لها, فالإعداد الفكري الثقافي من أولويات إنجاح المشروع السياسي الذي يتبناه السيد الحكيم.
لذا كان شهيد المحراب؛ حريصاً كل الحرص على الاهتمام بالجانب الفكري, وتعزيز الثقافة السياسية الإسلامية, ومواجهة الانحرافات الفكرية والإيديولوجية والسلوكية, التي غزت المجتمعات المسلمة, وأخذت تجرف الشباب, لاسيما غير المتسلحين بالثقافة الرصينة, القادرة على مناقشة الآخرين وإقناعهم بالعقائد والأخلاق والقيم الإنسانية, التي يحملها المؤمن اعتماداً على أطروحة أهل البيت “ع”.