23 ديسمبر، 2024 2:06 ص

البيشمركة و الإعلام!

البيشمركة و الإعلام!

الحديثُ هذا لا يتعلّق بتداعيات وافرازات الإستفتاء , ولا الوضع الراهن – الساخن في الأقليم , ولا حتى عن تنبؤاتٍ بحدوث معركة مقبلة مع البيشمركة , لكنّما ضمنَ اصغر او اضيق زاويةٍ في خطاب العبادي عن يوم النصر و صنوف وتشكيلات القوات التي صنعت النصر , والذي لم يتضمّن اية اشارة الى دور البيشمركة في معركة تحرير الموصل , وهذا ما اثار قياداتٍ سياسية وعسكرية في الأقليم احتجاجاً واعتراضاً على هذا التجاهل , وقد اتخذت هذه الأعتراضات حيّزاً بارزاً في وسائل الإعلام , وفي واقع الأمر فمهما كان من دورٍ للبيشمركة في تلك المعركة , فأنّ مشاركتها او عدمها لم تكن تمنع الجيش العراقي من حسم تلك المعركة الكبرى , وتجدر الأشارة أنّ وحدات من البيشمركة قد احتلت مناطقاً انسحبت او انسحقت فيها داعش آنذاك .!

لسنا هنا بصدد إنكار او اثبات ايّ دورٍ عسكري لمقاتلي البيشمركة في المعارك السابقة , لكنّ صياغة وتحرير التصريح الأعلامي لإعتراضهم على تجاهل رئيس الوزراء لهم كان غريباً وغير مدروسٍ , إذ وردت فيه فقرةٌ او عبارةٌ تقول : < إنّ البيشمركة التي ناضلت لِ سبعين سنة > , فهذه العبارة تستفز الرأي العام العراقي برمّته , فتلك ال 70 سنةٍ كانت البيشمركة تقاتل افراد الجيش العراقي منذ العهد الملكي , وفي فترة حكم الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم , وكذلك الرئيسين عبد السلام وعبد الرحمن عارف , بالإضافة الى النظام السابق , وتسببت بتدمير منشآت وآليات واجهزة مدنية حكومية , بجانب ما تسببت بأستشهاد ضباط وجنود عراقيين , فضلاً عن الجرحى , ولا يوجد انسانٌ في العراق ليعتبر أنّ عمليات البيشمركة تلك تعتبر نضالاً او كفاحاً .! , بل أنّ الإعلام الرسمي العراقي في منتصف القرن الماضي كان يطلق على البيشمركة تسمية ” المخربين , والعصاة ”

وبهذا الصدد ايضاً فقد يحقّ لمقاتلي البيشمركة أن يطلقوا على انفسهم او على عملياتهم الحربية ما يشاؤون , وفيما بينهم وفي الإعلام الكردستاني , انما في هذا الظرف وسواه فينبغي مراعاة مشاعر الشعب العراقي لا سيما في الإعلام وعدم نبش التأريخ المرّ وزرع بذور الفتنة , فبالرغم من معارك السبعين سنةٍ , فلم تتأثّر العلاقات الأجتماعية مع الأخوة الكرد , وكانت متداخلة وبحيوية الى ابعد الحدود . ومرّةً اخرى نشير أنّ قيادة الأقليم التي تستمد قوتها من البيشمركة تحاول عبثاً ” وخصوصاً في الظرف الحالي ” أن تتحدث وكأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكردستاني الشقيق , وكأنّ كلّ فئات الشعب الكردي واحزابه تبايعها بالكامل والمطلق .!

إنّ تنقية الأجواء السياسية بين حكومة الأقليم وبغداد وبشكلٍ خاص بعد المتغيرات التي افرزها الأستفتاء , فأنما تتطلب خطاباً اعلامياً خاصاً ومدروسأً ويحظى بمقبولية الرأي العام على الأقل .

الوضع الراهن مع حكومة الأقليم لايزال معلّقاً وتتداخل فيه عواملٌ واعتبارات سياسية ومالية وغيرها ايضاً , وبلا ريبٍ فأنّ حكومة الأقليم في اربيل او قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني هي في وضعٍ اضعف كثيراً مما كانت عليه قبل ذلك الأستفتاء , ولا تبدو مؤشرات في الأفق لحلّ الأزمة في وقتٍ قريب .

مؤخراً قامت حكومة الأقليم بتسخير وتكليف اعداد كبيرة من المنظمات والجمعيات والمؤسسات المدنية الكردية وغير الكردية ! < ولن نذكر اسماءها هنا > بتقديم طلب جماعي متزامن ! الى رئيس الوزراء برفع الحظر عن الطيران من مطاري اربيل والسليمانية والسماح بالسفر عبرها الى خارج العراق من دون المرور عبر مطار بغداد . ويستطيع المرء بسهولةٍ وسرعة ادراك كيف ولماذا اتفقت وتوافقت هذه المنظمات والجمعيات على رفع هذا الطلب المتناغم في هذا الوقت تحديداً .! , وهل من ظنٍّ أنّ طلبها سيحظى بأية استجابة من رئاسة الوزراء .!

أنّ اللجوء الى الجمعيات والمؤسسات هو قفز على الحقائق والأسباب التي أدّت الى حظر الطيران , وانّ تعنّت قيادة البيشمركة وحكومة الأقليم بتنفيذ شروط الحكومة العراقية قد يجرّ الى اجراءاتٍ عقابية اوسع , والحالة الآنية القائمة مع الأقليم قد تجرّ الى مضاعفات , ولا تتحمّل الإبقاء على الوضع المعلّق .!