8 أبريل، 2024 6:18 ص
Search
Close this search box.

البيشمركة تجسد التعايش السلمي كجزء من مهماتها الوطنية والقومية

Facebook
Twitter
LinkedIn

مع تنامي الوعي القومي بين ابناء الشعب الكوردي والقيام بالثورات والانتفاضات كردة فعل على تقسيم ارضه بين دول المنطقة طبقا لمعاهدة سايكس بيكو الموقعة بين بريطانيا وفرنسا دون اخذ رأيه ، نظم قادة الثورات الكوردية مقاتليهم على شكل وحدات ومجاميع نظامية سميت فيما بعد بقوات البيشمركة.
ومنذ ذلك الحين وليومنا الحاضر ظل اسم البيشمركة رمزا للمقاومة والصمود وعنوانا للشجاعة والبطولة ونكران الذات للذود عن حياض الوطن والنضال من اجل الحقوق القومية للشعب الكوردي ودفاعا عن الكرامة الانسانية.
ان دور قوات البيشمركة البطلة لم يتلخص بحمل السلاح والوقوف بوجه الانظمة الدكتاتورية التي ارادت ان تمحوا شعبنا الكوردي من الوجود وصهره في بودقة الشعوب الاخرى في المنطقة ، بل كان لتلك القوات دور فاعل وريادي في مجالات الحياة الاخرى مثل تشكيل الوحدات الطبية لمعالجة الجرحى والمدنيين من الامراض المختلفة اثناء الثورات ، او مساعدة الفلاحين في انتاج المحاصيل الزراعية وحتى انشاء المدارس في الكهوف والوديان اثناء الثورات لتدريس ابناء تلك القوات نفسها و القرى النائية التي كانت تحت سيطرة قوات الثورة ، فضلا عن الاهتمام بالجانب
الثقافي والفني بجميع تفرعاته وكل مايخص الحياة اليومية للمجتمع الكوردستاني.
الا ان تلك القوات ومنذ نشأتها كان لها هدف مقدس اخر ناضلت من اجله وقدمت تضحيات جساماً له ،الا وهو الدفاع عن جميع المكونات التي تعايشت معه منذ القدم على ارض كوردستان من اقليات قومية ودينية مختلفة ، كمساهمة في عملية التعايش السلمي التي اضحت احدى السمات البارزة للشعب الكوردي المحب للسلام والوئام.
لقد جسدت وترجمت قوات البيشمركة مساهمتها في عملية التعايش السلمي على الارض بالدفاع عن اشقائهم من العرب والتركمان والمسيحيين والارمن وغيرهم وكل من تعايش معهم على مر الزمان وخاصة منذ قيام جمهورية مهاباد وثورة ايلول فضلا عن ثورة كولان وماتلاها والى يومنا الحاضر، حيث دافعت عن القرى والاراضي العربية والتركمانية واراضي الاقليات الدينية المختلفة وعن كرامتهم كما دافعت عن الارض والكرامة الكوردية ايمانا منها ان لكل انسان على وجه الارض حق الحياة بغض النظر عن كل المسميات القومية والدينية والتوجهات السياسية ولذلك لم تتوان قوات البيشمركة في دورهم في ارساء التعايش السلمي وسعت جاهدة لتعالي القيم الانسانية.
بعد سقوط الصنم وماتلاه من اوضاع امنية متفاقمة والقتل على الهوية الطائفية والقومية في العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى ، كان لتلك
القوات دور فاعل ومشرف في المشاركة في استتباب الامن والاستقرار وردع المتطرفين للحفاظ على السلم الاهلي في مناطق خارج اقليم كوردستان ونظرا لثقة كل الاطراف السياسية العراقية بتلك القوات الوطنية والمدربة على مختلف صنوف القتال تمت دعوتهم للحفاظ على مقرات الحكومة والوزارات ومجلس النواب وجميع المرافق الحيوية المرتبطة بهيبة الدولة وسيادتها و بحياة الناس.
ونظرا لمهنيتها وحياديتها ادت مهماتها بشكل عال بحيث اصبح تواجد تلك القوات في المناطق الساخنة في العاصمة بغداد اثناء الحرب الطائفية مبعث ثقة واطمئنان الاهالي.
وخلال السنتين الماضيتين من الهجمة الارهابية الهمجية لتنظيم داعش الارهابي على سوريا والعراق وتهديد حياة جميع القوميات والاقليات الدينية والاثنية ومن ثم امتداده نحو دول المنطقة واوربا وعندما اضحى التنظيم تهديدا خطيرا على الامن والسلم العالميين ، اخذت قوات البيشمركة على عاتقها مهمة اكبر واوسع و تجاوزت الحدود السياسية بين الدول لتدافع عن العالم الحر والانسانية جمعاء ودرء الخطر عنها والوقوف امام التحديات التي شكلها الارهاب على حياة شعوب المنطقة والعالم ، كما اكد ذلك العديد من رؤساء الدول و الشخصيات السياسية العالمية.
على سبيل المثال شاركت قوات البيشمركة البطلة بتحرير عدة قرى تركمانية في محافظة كركوك واهمها قرية بشير التي تعرضت لأشرس حملة بربرية
واستشهد العديد منهم على يد عصابات داعش الارهابية فضلا على اسر عدد من نسائهم واطفالهم ومن ثم سبيهم وبيعهم في اسواق النخاسة التي اسسوها للتجاوز على كرامة الانسان، وفي محافظة نينوى حررت قوات البيشمركة العديد من القرى العربية والتركمانية والمسيحية والشبك والكاكائية وغيرهم وفي سنجار قدمت قوات البيشمركة البطلة تضحيات جساماً من اجل الدفاع عن الاراضي والمناطق والقرى الايزيدية الذين تعرضوا الى حملات ابادة جماعية على يد الارهاب حيث قتل من قتل وشرد من شرد واسر من اسر وخاصة النساء والاطفال والفتيات اللاتي تعرضن الى ابشع انواع انتهاكات حقوق الانسان ، حيث اخذن سبايا للعودة بالبشرية الى عصر الرق والعبودية.
وعلى المستوى العالمي اصبح البيشمركة عنوانا للدفاع عن الكرامة الانسانية وسدا منيعا امام التحديات والمخاطر التي بدأت تهدد شعوب العالم وما الدعم والمساندة العالمية لتلك القوات في حربها ضد الارهاب الا دليل واضح على دورها الانساني ، كل هذا لم يات من فراغ بل هو جزء من النهج الانساني السليم والقويم الذي رسمه البارزاني الخالد خلال عقود من الكفاح المسلح والذي لم يخرق مبادئ حقوق الانسان حتى اثناء الحروب والقتال ضد القوات التي كانت تهاجم خنادق البيشمركة والمدنيين في القرى والمدن معا والتي ارتكبت مجازر وحشية ضدهم في الانفالات سيئة الصيت واستخدام الاسلحة الكيماوية المحرمة دوليا.
لذلك على الحكومة العراقية ان تنظر الى تلك القوات كجزء من منظومة الدفاع العراقية كما جاء في الدستور العراقي وصرف رواتبها وتجهيزها بما تمتلك من امكانيات وقدرات عسكرية للاستمرار معا في الدفاع عن القيم والمبادئ الانسانية العليا ، والعالم الحر والشعوب التواقة للحرية ايضا مدعوة لدعم تلك القوة ماديا ومعنويا للقيام بواجباتها في ارساء السلم والامن العالميين. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب