بينما كنت ارتشف فنجان قهوتي في مقهى بن رضا علوان الكائن في الكرادة الشرقية رن جرس هاتفي فأجبت على الاتصال الذي وردني من صديقي . قبل ان انطق بكلمة واحدة تفاجأت بصوت صديقي القلق وكلماته المتبعثره قال لي ( كماال اسف لا استطيع المجيء الان الغ الموعد فأنا الان في المستشفى برفقة “البيت” وحالته صعبة جدآ ) انتهت المكالمة دون ان اتفوه بحرف واحد ولم افهم ماذا يفعل برفقة البيت في المستشفى ، تساءلت في نفسي هل البيت يمرض ؟ قطعآ لا فالبيت جماد لا يمرض ولا يموت ، بعد ان ألغى صديقي الموعد وذهب برفقة البيت الى المستشفى ، تجولت في شوارع الكرادة وصولآ الى “جبار ابو الشربت” وقفت امام الكاشير لأدفع له ثمن عصير الرمان ، كان يقف بجانبي رجل طويل القامة ذو بشرة سمراء يرتدي نظارات طبية من نوع (Ray Ban)، رن جرس هاتف هذا الرجل وهو من نوع I Phone 6 Plus . (اه … متى احصل على واحد منه ؟) على كل حال شاهدت من المتصل على هذا الرجل فقد وقعت عيني على شاشة الهاتف دون قصدآ مني او فضول ، فوجدت انه “البيت” يتصل بـه ابتعد الرجل من امام الكاشير وقف جانبآ وبدأ الحديث بهدوء يفصح ويكشف النقاب ان البيت مسيطر على مجريات الامور ، فاليوم الازواج يطلقون على زوجاتهم مصطلحات عجيبة وغريبة فالبعض يقوم بحفظ رقم هاتف زوجتة ويطلق علية تسمية “البيت” او “الداخلية” او “ام الجهال” فكثيرة هي المسميات ، وتجد نفس الاشخاص الذين يطلقون على زوجاتهم تسميه البيت ، كانوا في السابق قبل الزواج يستخدمون كلمات اخرى مثل (My love , My soul , sweet heart) هنا استعمال كلمة البيت مجاز لا حقيقة والاستعمال المجازي كما يعرفة اصحاب اللغة هو استعمال الالفاظ في معنى اخر لم يوضع لها ، ولكنة يشابه ببعض الاوجه المعنى الذي وضع اللفظ له ، فقد كثر استعمال المجاز في كلام العرب ، شعرآ ونثرآ ، في امثالهم وخطاباتهم و رسائلهم ، ومثال ذلك قول الشاعر : قامت تظللني ومن عجب … شمس تظللني من شمس ، نجد ان كلمة “الشمس” استعملت في معنيين احدهما المعنى الحقيقي للشمس والثاني انسان وضاء الوجه يشبه الشمس في التألق ، اما موضوع الحقيقة والمجاز في القرآن الكريم فقد شغل الدارسين قديمآ وحديثأ وجرى في ذلك سجال طويل على اعتبار ان القرآن كله حقيقة وان اشتمل على المجاز ، كما ان فريقآ أخر اساء التمييز بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي الوارد فيه ، فأدى بهم ذلك الى سوء فهم في تفسير النصوص القرأنية ، كما ادت تفسيراتهم لمعاني الالفاظ الى سوء في
عقيدتهم فعند تفسيرهم لقوله تعالى (وسع كرسية السماوات والارض) (البقره/255) فقد فسروا (الكرسي) تفسيرآ ماديآ ، فقالوا ان لله كرسيآ عظيمآ مصنوعآ من الخسب ، فأستعمال المعاني المجازية ليست ظاهرة وليدة اليوم بل منذ القدم فالعرب يكثرون من استعمال المجاز في كل امور حياتهم حتى ذهب بعض علماء اللغة الى القول : ان اكثر اللغة مجاز لا حقيقة فيقال : جاء الصيف وانهزم الشتاء ، واخيرآ اتصل بي صديقي ليخربرني ان “البيت” بصحة جيدة وانجب “مشتملآ” صغيرآ .