7 أبريل، 2024 8:33 ص
Search
Close this search box.

البيان الأول و الأخير!! خطبة ابنعوف اليتيمة يوم خلع البشير

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد موجة تظاهرات انتظمت البلاد من أقصاها الي أقصاها و استمرت أربعة أشهر فيما شكل حالة ثورية مكتملة الأركان و الشروط، و أعادت ترتيب المشهد السياسي و الاجتماعي الوطني، و انتظمت في صفوفه كل القوي الشعبية و أسهم فيها كل الناس فرداً فرداً، و قدم المجتمع مئات الشهداء و آلاف المصابين و المعتقلين..
و بعد أن اختبرت السلطة كل وسائل القمع التي في كنانتها، هذا القمع و التنكيل ادارته نيابة عنهم “لجنة أمنية” مثلت فيها قادة الأجهزة النظامية و القوات المسلحة!
اختبرت سلطة الاسلامويين “الكيزان” كل أساليب القمع و ادوات التنكيل و كل حيل التشويه و التنميط و الخدع النفسية و الاعلامية.. في محاولات متنوعة لإحباط حراك التغيير الثوري و الشعبي.. لكن الحراك اثبت أنه بالغ غاياته برغم القمع و التخوين و التشويه، فتكلل بموكب ٦ ابريل الي محيط قيادة القوات المسلحة و ذلك الموكب بدوره توج باعتصام استمر خمسة أيام بلياليهن، و وضحت تماماً نية الشعب في أنه لن ينفض سامره ما لم ينفض سامر عصابة الفساد الحاكمة..
و عندما أخذت الصفوف الدنيا في القوات المسلحة تتململ غضباً، و اتضح جلياً أن “الدعم السريع” و هي القوات التي كونها عمر البشير لتكون حصنه و خط دفاعه الاخير ضد الإسلاميين و ضد العسكر؛ اتضح أنها غير مستعدة لتحمل وزر مذابح جديدة، حينها فقط أيقنت “اللجنة الأمنية” أنه لابد من تغيير كبير و إن كان شكلياً حتي يسلم القسم الأكبر من النظام و حتي يستتب الوضع فيعود لاحقاً لتصفية كامل الثورة و ناشطيها الأساسيين!
و بالفعل فرضت اللجنة الأمنية علي ” اللجنة السياسية” تغييراً و تولت قيادته! تلي رئيس اللجنة الأمنية “نائب الرئيس الجمهورية و وزير الدفاع” الفريق أول عوض ابنعوف بيان اللجنة الأمنية “و بيان الانقلاب الاول و الاخير”!
لكن ما نجح “الأمنيون” في فرضه علي اللجنة السياسية من تغيير يتوقف عند “رأس النظام” لم يتمكنوا من فرضه علي جمهور الشعب الثائر و المعتصم عند أبواب مجمع قيادة القوات المسلحة..
فقد كان البيان الأول علاوة علي أنه جاء متأخراً جداً، فقد جاء كذلك ضعيفاً غير مقنع و مفارق لتطلعات الثوار و مطالبهم المشروعة..
فقد بدأ البيان الموسوم (بيان رقم ١) بديباجة دينية أعادت للاذهان بيانات الطغمة الحاكمة التي تسوقت و تسولت بالدين لثلاثين عاما!
ثم إن البيان عرف الذين يقفون خلفه بأنهم (قيادة الجيش و الشرطة و الأمن و الدعم السريع) وهذا يكشف أن التغيير لن يكون كاملاً و لا جذرياً، فالشرطة و الأمن هما الذين توليا كـِبر القمع خلال أيام الاحتجاجات و الاعتصام، بينما الدعم السريع معروف بأنه مليشيا كونها البشير و سمعتها ملطخة بفظائع دارفور و فظائع احتجاجات سبتمبر ٢٠١٣م!
حاول البيان أن يدغدغ مشاعر الحشود بالحديث عن الظلم و استفراد الاسلامويين بالموارد و السلطة، و ادعاء أن القوات التي كانت تحرس السلطة لثلاثين عاماً عانت ذات الحرمان! و هذا القول لا يحترم درجة الوعي الشعبي التي بلغتها الثورة، و كان اجدي لو أن البيان قدم نقداً للسياسة العسكرية و الأمنية للنظام و اجتهد في تقديم تبرير لتقاعس القوات عن إحداث تغيير طيلة العقود الثلاث برغم توفر كل أسباب التغيير!
حاول البيان أن يستثمر مخاوف الناس من سيناريوهات إقليمية “ليبيا و اليمن و سوريا” لطالما استثمارها النظام “البائد” و ان غلف إستثماره بالحديث عن حكمة الشعب التي جنبته ما أسماه البيان “المزالق”!!
بعد هذه المقدمة و بعد انتقاد أسلوب الحكومة في التعامل مع التظاهرات و الإشادة ب”مهنية و احترافية” قوات اللجنة الأمنية؛ دلف البيان الي لب الأمر و أعلن أن اللجنة الأمنية قررت “اقتلاع النظام” و اعتقال رأسه و التحفظ عليه في مكان آمن! و لست ادري من هي الجهة التي أرادت اللجنة الأمنية إرسال رسالة إليها و طمأنتها بعبارة “المكان الآمن” تلك؛ ربما تكون جيوب الاسلامويين في القوات النظامية و المليشيات الحزبية (الأمن الشعبي و الدفاع الشعبي) و المليشيات الموالية لرموز النظام، لكن علي كل حال كان للرسالة وقع سئ في بريد الشعب المحتشد!
ثم بعد ذلك الاعلان، أشار البيان الي جملة تدابير، اولها قانونية و ادارية داخلية لترتيب الانتقال إلي وضع جديد تم بموجبها إعلان حل أجهزة الدولة السياسية و في ذيلها (الفقرة ١٣) إعلان إطلاق جميع المعتقلين السياسيين،و ثانيها اعلان يتعلق بالالتزامات الدولية و الوفاء بالتعهدات و الاتفاقات الخارجية، و أخيراً ترتيبات متعلقة بالمعاش اليومي و الخدمات و ترتيبات تأمين الانتقال الأمنية و العسكرية.
لم تكن لغة البيان حازمة و لم تكن الاولويات فيه مرتبة ترتيباً صحيحاً “الأهم فالمهم”، كما لم تكن الاجراءات واضحة لجهة أحداث قطع مع ماقبل ١١ ابريل، هذا علاوةً علي التأخير الذي اعتري إذاعته.. لذا رفضه الشارع و لم يجد حتي تحالف المعارضة المتشكل حديثاً “قوي إعلان الحرية و التغيير” فرصة للأخذ و الرد حوله! لذا سرعان ما اضطر الفريق الأول “ابنعوف” الي قرأة خطاب تنحيه قبل مرور ٢٤ ساعة علي إذاعته البيان رقم واحد مفسحاً الطريق أمام تغيير أكثر راديكاليةً.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب