قانونين اخذا ما يكفي من الوقت واشبعا تدقيقا ودراسة، الاول اثبت اهميته وضرورة اقراره لما فيه من فائدة اقتصادية اولا، ولانه يسهم في تقليل الفساد الذي بات متفشيا متوغلا في جميع مؤسسات الدولة ودوائرها ثانيا، وهو قانون البنى التحتية الذي يعتمد الدفع بالاجل للشركات الاستثمارية والصناعية نظير فوائد يتفق عليها المشرع والجهة المنفذة وقد اوجزت الكتل طلباتها ومقترحاتها ببعض القيود الممكنة والمشروعة لاعتقاد الخبراء بانه مناسب في المرحلة الحالية والمستقبلية، فقد فرضت الكتل ان يخضع اختيار الشركات الى مجلس النواب،مثلا، وان يكون التعاقد مشروع تلو مشروع وليس سلة واحدة وان تحدد الفائدة وان يتفق عليها مسبقا وان يعلمها البرلمان وتكون متناسبة مع الواقع…امور مشروعة فالبرلمان شئنا ام ابينا يصيب او يخطأ فهو صاحب القرار التشريعي الاخير كما انه ممثل الشعب،للاسف…
اما ما يؤخذ على هذا القانون هو امرين، الاول: اننا بلد غني ومتمكن من الدفع نقدا ولا يريد ان يعرض البلد الى مديونية قد تثقل كاهله في المرحلة القادمة وهي مرحلة غامضة غير واضحة المعالم، والامر الثاني والمهم والاساس قي اغلب الخلافات هو ان يكون دعاية انتخابية تحسب لرئيس الوزراء الحالي الذي يمكنه، في حال حقق القانون ما يراد منه ان تكون الورقة التي تنهي اللعبة وتحدد الفائز وترفع يده من بين اياد الاخرين، الاخرين الذين تمكن المالكي من تفتيتهم بصورة ذكية مستعيتا بما يملك من ادوات حكومية كونه رئيسا متمردا على البرلمان وبقية الكتل ومنها حزبه الذي عانى من حوادث لم يشهدها طوال الحقبة الماضية قبل زمن صدام ولحد تسنم المالكي، فهو يملك بالاضافة الى الالوية العسكرية التي تأتمر بامرته او اقربائه وهي قوة ترهب الخصوم وتجعل التنافس حذر ومشوب بالمخاطر، يملك ايضا القرار الحاسم فضلا عن علاقة طيبة مع الخصمين المؤثرين في المنطقة بصورة عامة والعراق بصورة خاصة وهما امريكا وايران.
ربما يعتقد القارئ باني انتقد تصرفات القائد الذي يفرض قوته وسياسته، وهو وهم ومجانبة للصواب، فحتى يحقق القائد اهدافه لا بد له من قوة وتمرد على بعض القرارات التي تحتاج شجاعة اكثر من المناقشة، شريطة ان تصب بالنهاية بينبوع المصلحة العام، ولا يمكن ان يكون اتجاها نحو الديكتاتورية طالما الشعب هو من يقرر وهو من ينتصر، حادثة حصلت امامي اثناء عقد النواب مؤتمرا صحفي في قاعة المجلس وجدت ان النائب قبل ان يرتقي منصة التصريحات شيء وحين يرتقي شيء وبعد نزوله شيء اخر، يشعر من يشاهده ممتطيا منصته بانه الفارس الضارب بسيفه رقاب الفساد وعند نزوله تراه يضحك ويستهزء ويسخر، ربما يسخر من الشعب الذي حوله من معدم محروم مبتذل الى كائن يشار له ولا يخاطب الا بمقدمات من قبيل سيادتكم وحضرتكم، فاحسست بسخف اختياري وندمت وتمنيت قطع اصبعي الذي مكن هؤلاء من الاستهتار بمستقبل البلد وحياة ابناءه، فمثل هكذا شرذمة لا يمكن ان ينتظر منهم ان يكونوا نزيهين على طول الخط ويهمهم اتخاذ قرارات من شأنها تحقيق رفاهية وخدمة الا بعد ان يتأكدوا من انها لا تصب بمعين المالكي وبعد ان يتأكدوا ان ما اعطى يزيد او على الاقل يتساوى مع ما اخذ، وهذه حقيقة علينا الاعتراف بها كما اعترف اعضاء البرلمان بان الدولة العراقية القائمة هي دولة مصالح ومساومات سياسية شخصية بمجملها واخر ما تفكر به الوطنية، ولا يمكن مجاملة النار بقولك انها ليست حارقة، لا فهي حارقة وحارقة ولا تحول مجاملتي حرارة النار ولهيبها الى برد وثلج وصقيع.
اما القانون الثاني والذي تم تأجيله للمرة العاشرة،تقريبا، فهو قانون رفضه ظلم وقبوله ظلم ، وبعد ان استثنت مسودة القانون الارهابي، قيل من هو الارهابي واحتاج الى تعريف، فمنهم من قال ان من قاتل الامريكان ليس ارهابيا، واخرين قالوا بان من قتل البعثي ليس ارهابا وقتل القاتل والكافر والسني والشيعي والذي قتل شرطي او جندي ومن سرق وزور، اخيرا لم يصل الى تعريف واضح للارهاب، ولا يمكن اطلاق مبدأ عفى الله عما سلف لان هناك ابرياء قتلوا وسرقوا وظلموا كما ان هناك ولاة الدم، قانون في الوقت الحاضر يعد شائكا، رغم ان في الجانب الاخر ابرياء لا ذنب لهم ومنهم لم يرتكب جرما يستحق وكان ضحية الشبهة او المخبر السري وغيره، وكما ذكرت ان اطلاقه ظلم ومنعه ظلم فهناك عوائل مفجوعة مظلومة فقدت احبتها في دهاليز السجون وكانوا ضحية الطائفية والاشتباه فلا يعقل ان يترك هؤلاء وعوائلهم دون حل كما ان من قاتل الامريكان فقط باعتبارهم محتلين يستحق ان يكون طليقا ، هذا القانون وما قيل فيه من قصص وحكايا وان بعض الكتل ارادت له التمرير لاخراج القتلة والمجرمين، شابه الكثير من الجدل وهو عرضة للمساومة والصفقات السياسية لا محالة فلا يقاس بقانون البنى التحتية الذي وصفه احد النواب بانه قانون الحياة ووصف قانون العفو العام بانه قانون الموت، على اعتبار ان الاول سينعش الاقتصاد العراقي ويوفر للناس احسن الخدمات وهو بمثابة الحياة، والثاني سوف يخرج المجرمين والارهابيين وسيعود الموت والقتل والسرقة الى الشارع.
[email protected]