18 نوفمبر، 2024 3:43 ص
Search
Close this search box.

البقلبي ابقلبي

وهذا يهودي اجبرته ظروف معيشته ان يتظاهر بالاسلام، ليتخلص من اذى الناس من حوله، فكان يذهب الى المسجد ويشارك المسلمين افراحهم واحزانهم، ولكنه حين كان يمر بالكنيست ويسمع زقزقة العصافير كان يتحسر وينظر بشغف ثم يقول:( مايهمك انا صحيح معاهم لكن البقلبي ابقلبي)، ان الحملة الاجرامية التي قامت بها بعض الجهات الدينية المتطرفة في تصفية بائعي الخمور في بغداد، تعيدنا الى هذا المشهد المتناقض الذي يهدف الى تجريد الناس من دياناتهم واجبارهم على الاسلام، وهذا الامر لم يمارسه احد من قبل لا في زمن الرسالة ولابعدها، ولم يأت حكم في القرآن بقتل من يعمل ببيع الخمور، وهناك في شريعة المسلمين حد لشاربها، فمن اين جاؤوا بقتل الناس على زجاجة ربما رأى فيها بائعها طريقة للعيش ورثها ابا عن جد، هذه الفوضى التي نحياها جعلت من الافكار المتطرفة سيدة للموقف، جميعنا يصرخ القاعدة ويجرّم القاعدة لكن لاندري ان هناك حركات ولدت من رحم الافكار التكفيرية التي تنتهجها القاعدة بدلا من ان تتميز بالعقلانية للرد على فكر القاعدة المتطرف، القاعدة تقتل الناس وبدل ان تقوم الافكار المناوئة لها بحمايتهم فكريا على الاقل تلجأ الى ذات السلوك وتختار للاسف الحلقة الاضعف في المجتمع واقصد اخواننا المسيحيين والايزيديين.
كنت في زمن ما امنعه من مغادرة العراق، لكنه قال حقيقة ومضى قال ان العراق لم يعد بلدا صالحا للحياة، تغرب صديقي المسيحي لكنه فاز بحياته وحياة عائلته، تغرب وترك العراق لقول واحد حيث اكتشف كمال ان طفلا صغيرا يستطيع مصادرة حياته لسبب تافه، حيث هدده بوضعه في صندوق السيارة لانه خرج الى باب داره بالشورت، اقنعته انني سأتكلم مع والد الطفل ولكنه ابى، باع بيته بابخس الاثمان وغادر العراق دون ان يلتفت الى الخلف؛ لقد دافع الامام علي عن المسيحيين والاقليات الاخرى، وحاول انصافهم من بيت المال في الاعطيات وكان يعلم انهم استضعفوا في وطنهم، اما الان فما من علي يدافع عن هذا المكونات الجميلة، ولذا صارت هدفا للعصابات من الذين يريدون ان يضعوا بصمة لهم في الاحداث بعد ان عجزوا عن مواجهة القاعدة، انا اعرف ان العقيدة تحارب بالعقيدة والسيف يواجه بالسيف، اما قتل العزل فهذا دين لم اقرأه من قبل سوى جاء من القاعدة ام من الحركات المتطرفة، وبعد هذا وذاك اين مؤسسات الدولة، واين اجهزتها الامنية، لقد اوثقت هذه العصابات اجهزة الامن ودخلت على محلات الخمور لتقتل من فيها، وهذا كله ناتج عن الفوضى التي نحياها، فوزارة السياحة ومجلس محافظة بغداد غير معنيان بتصرف العصابات الخارجة على القانون اما ارواح الناس وعملهم فهذا لايهم احدا لاننا نخضع لدولة القانون، فاين القانون؟ انها مفارقة كبيرة حين يموت البريء بأساليب عديدة منها المفخخة ومنها العبوات ومن جهة اخرى كواتم الصوت، لماذا يبقى العراقي في العراق، لماذا يعيش في بلد يصادر حياته، ويصادر حريته، جميع الاديان وجميع الافكار لاتؤمن بالقتل، وجميع الناس لهم دينهم فهل من الممكن ان تجبر احدا على ترك ملته بالكاتم او بسواه، وبعد كل الذي جرى للمسيحيين والايزيديين على وجه الخصوص، هل من العدل ان نقتلهم بهذه الطريقة دون الاستماع الى وجهة نظرهم في الامر، الم تشرع الدولة قانونا لتداول المشروبات، كان الاجدر بهؤلاء القتلة ان يبحثوا في التاريخ ليروا خمريات ابي نؤاس ويقرأوا رباعيات الخيام وغزليات المرجع الديني الكبير محمد سعيد الحبوبي وقصيدة الخميني القصيدة العشقية، ليروا بام اعينهم ان الخمرة خلقت منذ خلق الانسان وهناك من الاديان من يبيح شربها وبيعها وتداولها وصناعتها، وحتى ان اجبرتم البعض فستكون القضية سرية وستنتشر اكثر، وسيقول عشاق الخمرة دائما: البقلبي ابقلبي.

أحدث المقالات