18 ديسمبر، 2024 11:05 م

احس ان الكون انكفأ على نفسه وتلملمت اطرافه واختلفت زواياه ,هكذا انكفأت نفسي الى اعماقها واظلمت بوارق امل او بصيص من امل توقد ذات يوم كما تطبق الاجفان عيون الجمال ويموت الشعاع في النواظر ,كما تسدل الستائر على النوافذ المشرعة للنور بعد اغلاقها لتسبح في الظلام الدامس.
كنت اكتب للأمل, كنت اوقد الشموع ,كنت اترنم له الحان الاغنيات العذبة واستنبت في صحراء اليأس انقى واطيب البذور, لكني لم احصد الا الشوك والصبر والحزن ,لذا اعترفت بالحقيقة المرة وهو ان علقم اليأس الواقعي افضل بكثير من العيش في اوهام امل مستحيل.
……………
احد ما يطرق النافذة المؤصدة بوجه الضوء والريح وكل ما يمت للحياة فانا اخترت ان احيا وحيدا ,اجل اخترت البقاء وحيدا بعد ان فارقني الامل وبعد ان تشرب اليأس اوردتي وشراييني وبعد ان سكن الموت ذاكرتي فصرت والفناء سواء …
لم اجب ولم انهض .
اردت ان اظل كما انا فليس لي رغبة في ان اغير خطتي لكن الطارق كان عنيدا فما اضناه طول الانتظار ولا اصابه الملل من مواصلة الطرق على النافذة بل اشتدت قبضته يعالج مزلاجها او تحطيم زجاجها.
هالني ذلك العناد ووجدتني دون ارادة مني انهض مغضبا صارخا :
من هناك …؟
انا طيف من عالم آخر.
ليس بي حاجة الى اي كائن سواء من هذا العالم او من اي عالم آخر.
لكنك قرأت قصتي وعلمت احداثها وهالك ما صرت اليه وما نالني من غدر, لذا اتيتك طيفا اوضح لك الامور.
فكرت مع نفسي وتساءلت في شيء من العجب والاندهاش هل يمكن ان يأتي ذلك الطيف …ولم احر جوابا للسؤال لكني ودون ارادة مني فتحت النافذة على مصراعيها وهتفت مرَّحبا بعد ان غمرني الضوء وداعبني نسيم عليل .
..مرحبا سيدي …
مرحبا بك …وان كنت طيفا لكني اطمع ان تحدثني بأحداث ذلك الزمن وتفيض في شرح كل ما اجدني متألما لأجله.
دخل الطيف واحتل مكانا في احد اركان غرفتي ترافقه هيبة تشعرني بالاحترام لذلك الضيف الغريب.
سمعته
-انا وليد زمن غير هذا الزمن …عشت قبل عشرات القرون ,كنت ملكا بل امبراطور, لم يختلف اثنان في شجاعتي وجرأتي وحبي لبلدي وان كانت للحروب اسبابا جعلت المناوين لي يضمرون لي غدرا وقتلا لم احسب لهما ذات يوم حساب.
راجعت افكاري وانا اتابع كلماته التي لم تنطق بها الشفاه ولكنها ترتسم في مخيلتي كأنها اللوحة وهنا اصابتني الدهشة فمذ قليل من الوقت تركت الكتاب ورقمت الصفحات بعناوين مختلفة من اجل الافاضة في معرفة احداث معينة من تاريخ هذا الذي ذهب ضحية غدر اقرب الناس اليه الذي اصطفاه لنفسه, صديقه الذي كان بالنسبة له صديقه الحميم, فما كان مني الا ان هتفت كمن يسارع للسبق بأحجية ..
اهلا بالإمبراطور يوليوس قيصر العظيم.
اومأ لي برأسه محييا (هل قلت برأسه )آسف انه طيف مجرد طيف لكني هكذا حسبت بل ولاح لي انه يضم ذراعيه الى صدره محييا زيادة في الاحترام والتقدير مما زاد بذلك دهشتي واستغرابي من تواضع هذا الذي دانت له الرؤوس منحنية ولكنه مع هذا الكبرياء لم يسلم من الغدر.
نظرت اليه مشجعا طالبا بكلام كأنه الهمس ان يواصل الحديث وبينت له انني بغاية الشوق لأسطر احداث مرت به وعاشها حقيقة لتعرف الاجيال ماذا حدث ولأي سبب كان ذلك الحدث وماذا كانت النتائج.