في سلسلة محاضرات تراث بغداد كانت لنا محاضره عن انتشار المشروبات فى النصف الاول من القرن العشرين وكيف ان أفضل نوع من المشروبات الروحيه التي يحتسيها البعض من اهل بغداد والاكثر منهم هو العرق العراقي وبشكل يفوق التصوربحيث لا توجد مقبوليه لأنواع المشروبات الروحيه من ويسكي أو بيره أو شراب أو أي نوع من أنواع الخمور وقد استمرت شهرة الخمور نوع العراق في بغداد حتى سنوات متأخره من القرن العشرين حتى كانت الكراده الشرقيه تشتهر بأكبر معمل عرق في العراق في منطقة الناظميه قريبا من نهر دجله وفي منطقة كبيره حتى ان أجزاءً من المعمل السابق مشغوله منذ اجراءات التأميم في ستينات القرن العشرين معمل جلود لصناعة الاحذيه وانواع الجلود الاخرى وقبل نهاية النصف الاول تم تأسيس معملين للبيره في منطقة الزعفرانيه وبمنطقة تطل على نهر دجله وهما معمل بيرة فريده دينا ومعمل بيرة آخر كان أقل شهرة من المعمل الاخر وكانت تأتي أنواع من العرق الارخص من المناطق الشماليه ومن مدينة بعقوبه
وكانت تسمى ( القچغ) أي الخمور التي لا يدفع عليها مكوس او ضريبه وتشتهر بعقوبه بنوعي الخمور (أبو الواوي) و(أبو الكلبچه) وكان سعر القنينه من هذه الخمور لا يتجاوز مائة فلس اي ما يساوي ثلث الدولار ورخص ثمن الخمور في تلك الفتره يعود الى ان الأغلبيه لا يتم دفع الضريبه عليها
وكانت محلات تقديم المشروبات مما يسمى مطعم ومشروبات المنتشره واكثرها في منطقة الباب الشرقي عند منتصف القرن العشرين حتى يمكن احصاء ما لايقل عن عشرة محلات متجاورة او قريبه من بعضها في هذه المنطقه كذلك كان شارع ابو نواس شارعا لمحلات تقديم الخمور المحل بجوار المحل الاخر وكانت هنالك مقاه ومحلات شرب الخمور مقتوحه على نهر دجله بحيث ان من يجلس في هذه المقاهي يستطيع وضع رجله في الماء وكذلك كان مشروب العرق باعتباره مشروبا مفضلا ووطنيا يقدم في الملاهي وكثير من فنادق الدرجة الاولى وكانت محلات تقديم الخمور وخاصة الشعبيه منها لافته داخل المحل وفي مكان بارز بحيث يتمكن رواد هذه المحال مشاهدات ويكتب في هذه اللافته جملتين الاولى ممنوع طلب الاغاني والجمله الثانيه ممنوع البصاق وغالبا ما كان يحصل الهرج والمرج كالغناء بالاصوات العاليه وحالات السكر والمعارك بين رواد المحل وما زال تاريخ بغداد يذكر حادثة ذبح الشقاوه (جواد الاجلگ) للشقاوه الاخر (موس طبره) في احدى محلات تقديم المشروبات وهم على مائدة الشرب في احدى محلات الشرب في منطقة السنك وكان العرق سيد المشروبات في هذه المحلات وكان من عادة جميع المغنين وخاصة قراء المقام او أغلبهم تناول القليل من العرق قبل الغناء وكان يقال لهذه الحاله (دهن الزردوم) اي تهيئة اماكن الجسم التي يخرج منها الصوت لكي يصدح بالغناء واذا لم يكن الغناء جيدا يقال ان العرق غير جيد اذ يقال في هذه الحاله ان شرب(الفل) أي نوعيه رديئه اذ لابد من تناول قدح او قدحين تهيئة للمشروع الغنائي وهذا يذكرنا بقول احد القضاة في تاريخ بغداد العباسي والذي كان يحتسي قدحين قبل الجلوس في مجلس القضاء اذ ينادي صبيه ويقول (يا بني قدحان أصلح بهما معدتي)
وكانت من مستلزمات الاحتفالات والليالي المفرحه وفي المناسبات واوقات الطرب والغناء هو العرق المستكي بشكل عام وعرق مسيح من الفعل ساح بشكل قليل وكان احسن البائعين في بغداد واشهرهم يعقوب طياره وانطوان مسيح وكان هنالك معمل تقطير العرق الاهليه لأدور عبودي ومعمل تقطير مسيح وكان البغداديون اليهود يشربون العرق فقط ويتولون تقطيره في بيوتهم وهم اصحاب خبره في ذلك وكان المواد تستحلب ليكون العرق طعما طيبا ويخلط (الحيوه) اي السفرجل الاصفهاني ويجب توفر أفخاذ الدجاج واللوز وقشور البرتقال مع المستكي لتخفيف حدة مرارة المستكي المستورد من اليونان ويضاف أحيانا ورق نبع الرارنج الذي يعطي للعرق نكهة ولونا خاصا وقد تشترك عدة عوائل يهوديه في التقطير ثم يعبأ في أوانٍ زجاجيه ويكتفي المتذوق للعرق بطرف اللسان ويشربون العرق صرفا في حين ان الكثير يخلطون معه الماء اذ ان كثيرا ممن يتناولون العرق يشربونه صرفا اذ يعتقدون ان الماء مع العرق يضر المعده ويفضلون الموالح من فستق واللوز ويشربه اليهود بالاستكان وليس بالكأس او القدح ولا يتناولون الاكل بعده مباشره والغالب ان يكون هنالك سمك مسگوف او باچه او مشويات وخاصة محلات بيع السمك في ابي نواس فقط في ذلك الزمان ومن المشهورين في شواء السمك خزعل وعبود السماچ وايوب العبيدي وعلي الرادود ومما يذكر ان الشيخ بلاسم الياسين اصطحب خزعل السماچ مرتين عند ذهابه الى لندن لسگف السمك
ويذكرالدليل الرسمي لمملكة العراق لسنة 1936 ان صناعة النبيذ في العراق منذ العصور القديمه من العنب الجيد الممتاز وتحسنت انواع النبيذ العراقي حتى تفوق على أجود أنواع النبيذ المستورده وتأسست معامل مشروبات روحيه كثيره ويذكر الدليل ان عرق بغداد من النوع الجيد درجة كحوله كدرجة كحول لندن الرسميه وقد تأسس لاستقطار الكحول معمل عظيم كما يقول الدليل ويعرف هذا المعمل هو معمل تقطير مسيح يجهز اكثر مناطق العراق بالعرق وللحكومه رقابه كبيره على معامل الكحول ومنتجاتها
وفي الدليل الرسمي ذكر محلات بيع المشروبات وجميعها في شارع الرشيد في بغداد وهي محلات ابراهيم عبود والياس انطوان والياس بطرس والياهو عزرا وانطوان الياس وايوب توماس وبطرس يوسف وججو بطرس وحبيب جرجيس وخضوري مير ودارد جرجيس وزيا سامونا وسلمان صالح وصالح الميخانه چي وصالح قبحه وصبي سلوم وطوبيه مروگي وعبدالله معلم وعقوبي يوسف وعزرا مير وفرح الياس ومروگي ميخا ومنصور مروگي ومنصور هرمز ومنگر ديك وموسى شاؤول وميخا دوده ونعومي فتوحي وهرمز جوجه وهرمز منصور ويوسف جرجيس ويرسف حنا ويوسف خمو ويوسف عتيشا ويوسف فرنسيس
اما الجهات التي تتولى استيراد الخمور من الخارج فكانوا في شارع الرواق ابراهيم سلطوني وأندرو واير وشركاؤه وسليم وانور موسى وشركة الفيحاء التجاريه وفي شارع المستنصر الشركه الافريقية الشرقيه المحدوده والياهو خزام واوروز دي باگ وجورج عزريا وشركة فرانك ستريك وگرجي صالح وشركة ما بين النهرين وصالح ومخزن دنكور ومخزن التجهيزات البريطاني وفي شارع الرشيد حسو أخوان وفي سوق الصفافير يعقوب يوسف عاني .