23 ديسمبر، 2024 8:07 ص

البعض يملك بيانات ومعلومات ولكنه لايملك المعرفة

البعض يملك بيانات ومعلومات ولكنه لايملك المعرفة

هنالك مراحل لبناء المعرفة ، وتستخدم في ذلك عناصر او مستلزمات معينة .
العنصر الاول هو البيانات data التي تتحول عند معالجتها وتبويبها الى معلومات information ، والمعلومات عند توظيفها وتحليلها تتحول الى معرفة knowledge …
اذن هذه هي مراحل بناء المعرفة لانها ليست هبة مجانية يحصل عليها الفرد او الجماعة..
لامعنى للرياضيات بدون بيانات لانها لاتحكي حكاية او سرداً انشائياً.
كذلك الامر في الفيزياء والكيمياء والطب ( الطب يعتمد على المشاهدة الاحصائية في تقدير نتائج استخدام الادوية المختلفة اكثر من البحث المختبري).
تكميم العلاقة بين الاشياء أمر حاسم للبحث العلمي في ميدان العلوم الاجتماعية والعلوم الصرفة..
لايمكن ان نقول في الاقتصاد بأن النمو كان جيداً بل يجب ايراد رقم للنمو ، يتم تحليله ومقارنته مع الامكانيات المتاحة ومع الرقم المستهدف ، وبعدها نحكم على كونه جيداً ام غير جيد..ربما لاتتوفر موارد لتحقيق نمو اكبر !!
مع كل ذلك الذي تَقدّم ذكره، يُلاحَظ ان بعض الكتّاب يملكون بيانات او ربما معلومات مختلفة ، لكنهم لايملكون المعرفة .
لذلك فانهم لايعرفون كيفية توظيف تلك البيانات والمعلومات وقد يسيئون استخدامها ويسببون التشويش عند نشرها واستخدامها..
يتناولون ارقاماً معينة دون ربطها بغيرها من العوامل والمتغيرات ، ثم يطلقون احكاماً!!
الصين تملك اكبر عدد من السكان في العالم ، لكنها تخشى قلة الايدي العاملة !!
تناول عدد سكان الصين فقط دون الأخذ بالاعتبار معدلات النمو الصيني وخططهم للمستقبل، يقود الى الاستنتاج الفوري بأن عدد السكان الصينيين كثير ويصعب اطعامهم “ومن الضروري” خفض العدد !!
يأخذ بعض الناس نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في دولة صغيرة وقليلة السكان وتصدر ربع صادرات العراق من النفط ، ويقوم بالمقارنة مع العراق الذي يبلغ عدد سكانه ٨٠ ضعفاً مقارنة بسكان تلك الدولة الصغيرة ويطالب الحكومة بأن تجعل العراقيين مثل سكان تلك الدولة.
لايعلم هذا الشخص بأن نصيب الفرد من الناتج لاقيمة له على صعيد التنمية ولايعكس التوزيع العادل للدخل على ارض الواقع…
لو كان يعرف مظاهر وشروط ومعايير التنمية (كمعرفة)
لما ذهب الى ذلك الاستنتاج..
لكنه اسلوب سهل للادانة والتقريع.
أحد الاشخاص من اعضاء البرلمان العراقي كان يتحدث قبل ايام بحماسة وحزن وألم ( مُفتَعل) عن عذاب العراقيين بسبب رفع سعر صرف الدولار ( كنوع جديد وبائس وفاشل من اساليب الدعاية الانتخابية)…
وقال : هنالك ألف طريقة لسد عجز الموازنة بدون اللجوء لرفع سعر الصرف!!
كان يحاول ان يظهر بمظهر المخلص والمنقذ الذي يجب اعادة انتخابه من أجل حل المشاكل..
وهو يعلم لماذا لاتستطيع الحكومة الحصول على كل مواردها !!
كنت اتمنى ان يقدم لنا هذا الرجل الوطني طريقة واحدة وليس الف، لمعالجةالوضع كما يراه..
لكنه لايملك المعرفة ، لديه رقم حصل عليه من الجريدة او منشور معين ، ورفعه مثل الراية ..