23 ديسمبر، 2024 3:06 م

البعضُ يقول … وأنا أقول

البعضُ يقول … وأنا أقول

يقولُ البعضُ أن الشيعة أساسُ خراب البلد ، ويقولُ البعضُ أن السنة أساسُ خراب البلد ، ويقولُ البعضُ أن الأكراد أساسُ خراب البلد … وهكذا . وأنا أقول لا الشيعة ولا السنة ولا الأكراد أساسُ الخراب ، بل أولئك الفاسدون الفاسقون من الشيعةِ والسنة ومن العرب والأكراد الذين تسلطوا علينا بمنطق برايمر الخبيث وتستروا امّا بعباءات الدين أوبعباءات الوطنية المزيفة ليسرقوا كل شيء في هذا البلد وليحطمّوا كل شيء جميل في هذا البلد . وان خجلت العاهرُ من نفسها يوما ما ، فهم لم ولن يخجلوا ، بل انهم فقدوا أدنى درجات الخجل والحياء . منذ عشر سنوات ونيف والعراق يعاني ما يُعانيه من انتكاسات كبيرة في مختلف المجالات بسبب وجودهم وتحكمهم بجميع مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ولكي يكون وجودهم ثابتا راسخا لا تزعزعهُ عواصفُ التغيير ، كان لابدّ لهم أن يصنعوا من نسيج المجتمع المتنوع المنسجم صروحاُ وهمية بمسميّات طائفية أو عرقية وليكسبوا من خلال هذه الصروح تعاطف المغفلين البسطاء و دعم المنتفعين المتصيدين بالماء العكر . ووجدت بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية و( اسرائيل ) وبعض الدول الاقليمية مثل ايران وتركيا ودول الخليج هذا الأمر منسجماً مع حساباتها القديمة والحديثة ومتماشيا مع سير معادلاتها الموضوعة لتمزيق وحدة العراق وجرّه الى خنادق التبعية والذيلية ، وهم يدركون جيدا ماذا يعني العراق . وكدليل على ما أقول يمكن للباحث عن الحقيقة أن يرى كنهَ الانسجام بين مكونات الشعب في أروقة كثيرة كالمدارس والجامعات والأندية الرياضية والأسواق وما شابه ، وسوف يرى صعوبة بالغة في التمييز بين الشيعي والسني وبين العربي والكوردي ، بل سوف يجدُ الكثير من البيوت العراقية التي ضمت تحت سقوفها أزواجاً من الشيعة والسنة ومن العرب والأكراد . ومازال هذا الانسجام المنطقي يتجدّدُ يوما بعدَ يوم بعيداً عن افتراضات السياسيين العمياء . ربّما نجح أولئك الفاسدون في وقت ما بفرض هذا الأمر علينا لتعزيز بقاء صروحهم – كا أسلفت سابقا – ولكن العراق بأطيافه وألوانه المتشكل منذ سنين كثيرة لا يمكن أن يستسلمَ لهذا المنطق الغريب الفاسد ، ولا يمكن أن تدومَ حسابات المشوهين نفسيا وفكريا طويلا طالما أن العراقيين تطبعوا على التوافق والانسجام الذاتي منذ سنين كثيرة ، ووجدوا بهذا الانسجام قوتهم التي افتخروا وما يزالون يفتخرون بها . وليس لهم أية مشكلة في التعايش المجتمعي السلمي ، ولكن مشكلتهم الآن تتمثل كيف لهم أن يتخلصوا من عناترة التفريق والتمزيق والتقسيم ، من الذين لا يعرفون سوى سكب الزيت على النار لاشعال العراق من شماله الى جنوبه ومن غربه الى شرقهٍ ، من أجل أن يكون لصروحهم الهشة النتنة بقاءٌ دائمٌ يستحوذون من خلالها على الجاه والمال والعيش المترف حتى وان أصبح البلدُ حطاما .