22 ديسمبر، 2024 11:40 م

البعد النفسي في حرب العصابات

البعد النفسي في حرب العصابات

تفاوتت ردود الافعال الداخلية سواء تلك التي صدرت عن الجهات الامنية أو التي جاءت على لسان القادة السياسيين أو المحللين الاستراتيجيين، تجاه العمليات الارهابية الاخيرة التي قام بها داعش ضمن عمليات الكر والفر في مناطق (ديالى، صلاح الدين، كركوك، الانبار، شمال بغداد، وحتى جرف الصخر) بين التضخيم والتقليل، والسبب في ذلك يرجع الى حجم ونوع المعلومات والافتراضات التي اعتمدتها كل جهة لتقدير ذلك. عدم الانضباط في ردود الافعال دفعت بداعش لاستثمار ما يجري اعلاميا ودعائيا، فجاءت افتتاحية النبأ العدد (234) بعنوان (انهيار نفسي سريع للرافضة في العراق). وكانتمقالا مهما يستحق التفكيك والتحليل كونه موجه بالدرجة الاولى لمقاتلي التنظيم وانصاره، ولاحتوائه على جملة من المبررات والدلائل التي يسوقها الكاتب لحث عناصر التنظيم لاستثمار (الفرصة التي يسرها الله تعالى والتي عجلت بـ”الانهيار النفسي، وإن الواجب يحتم استغلالها للنكاية وإحداث الخسائر وزيادة الخوف في النفوس مع العمل على توسيع الهجمات، بقصد ابقاء الخطط في الاطار اليومي المتجه للحفاظ على الواقع والدفاع عنه)، وهكذا نوع من الدعاية والترويج يبقى مخيفا لقدرتها على التحفيز والتجنيد، كونها تستند الى جملة من المبررات والدلائل تبدو مقنعة لكل مؤمن بهذا الفكر أو مناصر له أو متعاطف معه. وأهمها:

1. اعتماد معيار ردود افعال القوات الامنية العراقية والاجهزة المعنية تجاه الهجمات الارهابية الاخيرة التي شهدتها بعض المناطق كعامل رئيسي لتقدير الوضع النفسي. فردود الافعال العشوائية وغير المنظمة تعتبر دلائل في نظر الكاتب على “الانهيار النفسي”، وللأسف لوحظ أن بعض ردود الافعال كانت تتسم بالمبالغة (وجدناهم يهولون من بعض الهجمات صغيرة الحجم، لم تتعد بعض الاحيان تفجير عبوة ناسفة او اطلاق نار على حاجز أو ثكنة يقوم بها مجاهد واحد).وهذا يكشف أهمية اظهار الحقائق المتعلقة باي هجوم من الجهات الرسمية، لقطع الطريق أمام الخيال والنوايا الاخرى لمليء الفجوات في صناعة اي خبر.
2. الحملات العسكرية التي اطلقت وتطلق بعد اي هجمات لداعش في اي منطقة جغرافية بقصد المسح والتفتيش والتطهير، للأسف ايضا، لم تسفر عن نتائج ملموسة رغم التحشيد الكبير لها. ونعتقد بان فرص نجاح اية حملة او عملية عسكرية ستكون ضئيلة طالما لم تستند الى استخبارات دقيقة. والمقال يذكر(وجدناهم يحشدون القوات الكبيرة والارتال الطويلة، ويسيرون بها على غير هدى في الصحارى والقفار).
3. اغلب ردود الافعال للقيادات الامنية كانت تشير صراحة الى الافتقار الى المعلومات، مما يترك الكثير من القادة تحت الضغط النفسي الشديد لعدم تمكنهم من التحكم بالامور.
4. الاعتراف صراحة بتاثير تراجع الدور الامريكي، في عمليات الرصد والاستطلاع الامر الذي جعل القادة الامنين (لا يرون ولا يسمعون ولا يعرفون شيئا عن المجاهدين).
5. ضرب أمريكا لقادة الحشد الشعبي، وبروز صراع داخل الحشد حول الموارد والنفوذ.
6. الاحتجاجات المستمرة في مناطق عديدة من العراق شتت طاقة وقوة القوات الامنية.
7. شبح الافلاس الذي بات يهدد الاقتصاد العراقي، في ظل تراجع الواردات وزيادة الانفاق بكل اشكاله.

النقاط اعلاه تؤشر وجود خلل واضح في كيفية ادارة عمليات المعلومات في التصدي للعمليات الارهابية سواء كانت على مستوى العمليات العسكرية او الاعلامية، مما يتطلب المعالجة فالمعركة مع داعش ستطول اكثر من المتوقع.