ينطلق علماء السياسة في تعريفهم للنظرية السياسية أنها جهد أو نوع من أنواع الفكر السياسي، وتعنى بنقل الظواهر المختلفة التي تقع فعلا في عالم السياسة إلى نطاق العلم الواقعي المتفق مع العقل والإطار الواقعي أو العملي في علم السياسة أو العلوم السياسية لا يشغله ما ينبغي أن يكون عليه المجتمع السياسي، وإنما يبحث في طبيعة الظاهرة بوصفها أمراً واقعاً. وهنا تكمن أهمية النظريات السياسية في كونها تعمد إلى ايجاد علاقة أو رابط بين سبب ومسبب, وبرغم أن النظرية السياسية تعد بمثابة عمل بنائي لكونها تبدأ بالمشاهدة الحسية للظواهر السياسية ثم تكشف عن القوانين التي تحكم هذه الظواهر- إلا أنها قد لا تهدف، أو بمعنى أدق لا تستطيع في معظم الأحيان إحلال شيء ما محل ما يقابله في الواقع السياسي وهذا المذهب او الرأي لا يمكن رفضه او التحامل عليه وانما هو محل للأخذ والرد وليس بالضرورة ان يكون صادقا في كل ما ذهب اليه كما لا يمكن نفيه بالمرة ولو طبقنا ذلك على الرؤى والافكار السياسية التي تتبناها الكتل السياسية في المشهد العراقي لوجدناها تدور في فلك هذا الرأي مع فوارق بسيطة يمكن اجمالها بالإمكانيات والموروث الفكري وقد تكون اغلب هذه الكتل او الجهات مقتنعة بما تفعل او بما تملك من امكانيات الا جهة واحدة وهي (التيار الصدري) فهو وان لم يكن يصدق عليه انه تيار سياسي على اعتبار انه ينحدر من خلفية دينية كانت مازالت هي السائدة فيه وهي التي تتولى زمام القيادة والادارة فيه الا انهم قد دخلوا بالمعترك السياسي وتعاملوا مع اطرافه اذن فلابد ان نتعامل معه على انه تيار سياسي لا يختلف عن بقية التيارات في الساحة العراقية الا فيما ذهبنا اليه آنفا فالملاحظ ان التيار ينظر الى ما يريد تحقيقه(وهذا واضح لكل متابع) بعين مثالية فهو لا يمتلك من المقومات التي تعينه على تحقيق ما يريد فهو يريد دولة ديمقراطية إسلامية اتحادية مستقلة ذات حرية واسعة منضبطة ومع ذلك فهو لا يمتلك من الادوات التي تمكنه من تحقيق ذلك فسياسيو التيار اناس جاءت بهم المرحلة وهم لا يمتلكون سوى الولاء لقيادتهم وهم بعيدون جدا عن المكر والخداع السياسي ويتعاملون مع الامور بعين شرعية وبراءة الذمة وغيرهم ينظر للأمور بعين (فن الممكن) وهم يحرصون بتصريحاتهم ان يناغموا جماهيرهم ولا يهمهم ما يتم اخذه على تلك التصريحات من مآخذ المهم انها تكون مفهومة من قاعدتهم فمثلا تجد في تصريح لاحد نواب كتلة الاحرار حول رئيس الوزراء حيث يقول(ان رئيس الوزراء يريد ان يكون سوبرمان او بربا شاطر) واخر يصرح علنا وامام وسائل الاعلان في موضوع ترسيم الحدود مع الكويت حيث يقول(ليقوم الكويت بضم مدينة البصرة له حتى يرتاح من المشاكل) وغيرها من التصريحات لذلك فعلى التيار امران لا ثالث لهما وهما اما ان يسير بركب الكتل السياسية والتي تعمل ليلا ونهارا على ان تحصي المغانم وليست لها علاقة بالوطن ارضا وشعبا او يتعامل مع الامور بأكثر واقعية ومن خلال ما يمتلك من امكانيات اكثر مما هو عليه الان فلا اعتقد ان احدا يشك بوطنية التيار الصدري ولا احد يشك بعروبة التيار الصدري ولا احد يشك بصدق نواياه ولكن كل ما يحتاجه هو بالدرجة الأولى تبسيط و تفصيل للواقع من منطلق الملاحظة و التعايش مع الحدث وكذلك العمل على الارتقاء بممثليهم وحثهم على التطور والابتعاد عن الانكفائية لان ما يملكون من الارضية الخصبة لا اعتقد انه يملكها غيرهم واعتقد ان ذلك ليس بالصعب في ظل ما يعيشه العالم من تسابق فكري وثقافي وان تكون طموحاتهم ومطالبهم تتلاءم مع قدراتهم وان يبتعدوا عن المثالية التي لن تكون لهم نافعة في هذا الوقت بالتحديد .