13 ديسمبر، 2024 12:33 ص

البعد الأخر لتحذير أردوغان تركيا وبيان السيد الصدر للحكومة العراقية بعدم المشاركة بالحرب الأهلية السورية؟

البعد الأخر لتحذير أردوغان تركيا وبيان السيد الصدر للحكومة العراقية بعدم المشاركة بالحرب الأهلية السورية؟

*تحصين الجبهة الداخلية ضد أي خروقات أمنية, يجب أن تكون حاليا من أولويات الحكومة العراقية، وليس زج الجيش العراقي والحشد الشعبي في أتون حرب أهلية خاسرة محسومة نتائجها مسبقا, بعد إن تخلى معظم حلفاء النظام السوري عن نصرته. 

**نتمنى أن تستمع الحكومة العراقية إلى منطق العقل والحكمة , بعدم الانجرار وراء الضغوط التي تمارس عليها حاليآ , حتى مع نتائج الاجتماعات والتوصيات التي سوف تخرج من اجتماع وزراء خارجية كل من “سوريا وإيران والعراق” في بغداد اليوم الجمعة 6 ك 1 2024 لغرض التباحث ومناقشة الأوضاع في سوريا، وان لا يكون العراق كبش فداء وطوق نجاة لنظام حكم أشرف على نهايته , ولغرض عدم انتقال ما يحدث في سوريا إلى العراق , وما يزال لدينا “تنظيم داعش” يخرج برأسه بين الحين والأخر لتنفيذ عمليات إرهابية بحق المواطن والجندي والضابط العراقي , وشبح بروزه اليوم في بعض المدن والبلدات والقرى بعد انسحاب الجيش السوري ينذر بخطر قادم لا مفر منه , إلا إذا وأد بمكانه وقبل توسعه من جديد .

 

*** حتى روسيا والتي تعتبر أحد أهم حلفاء نظام “بشار الأسد” تخلت عنه، من خلال تصريح مصدر حكومي مطلع من الكرملين قبل ساعات لوكالة بلومبرغ :” بأن لا خطة لدى روسيا لإنقاذ الأسد، ولا نتوقع أي خطة حاليآ، ما دام الجيش السوري يترك مواقعه ويفر هاربا “.

 

التشاور بواسطة الاتصال الهاتفي الذي جرى بين السيد رئيس الوزراء العراقي “السوداني” والرئيس “أردوغان ” حول ما يحدث في سوريا , وعلى الرغم أن المحادثات تخللتها تأكيد الجانب العراقي على أن :” امن سوريا يعتبر أولوية ومن أمن العراق والحفاظ على النظام السوري من السقوط ” ولكن هذه الرؤية المتسرعة اصطدمت بالإصرار التركي من أن :” دخول العراق قاصدًا لنصرة نظام بشار الأسد لن تأتي إلا بنتائج عكسية , وليست في صالح العراق ” ولأن من أولويات تركيا على امنها القومي الاستراتيجي في العراق وسوريا حاليا هي منع بكل الطرق والوسائل المتاحة من أن تستغل الفوضى في سوريه قيادات ومقاتلين “حزب العمال الكردستاني” من السيطرة والتوسع اكثر على مناطق جديدة بعد انسحابات قوات الجيش العربي السوري وتراجعها نحو العاصمة دمشق.

 

 بيان السيد “مقتدى الصدر ” الذي ألقاه في مؤتمره الصحفي الذي عقده في مدينة النجف / الحنانة، يؤيد بشدة ويطلب على : ” ضرورة عدم تدخل العراق حكومة وشعبا , وكل الجهات والفصائل والقوات الأمنية في الشأن السوري , وكما كان ديدن بعضهم فيما سبق” وأضاف :” أطالب الحكومة بمنع التدخل في الشأن السوري , ومعاقبة كل من يخرق الأمن في العراق ” وقال إن : “جماعته وسرايا السلام ما زالت على موقفها من عدم التدخل بالشأن السوري , وعدم الوقوف ضد قرارات الشعب السوري ” هذا البيان وما تضمنه من لغة شديدة التحذير واللهجة للحكومة , وكذلك لجميع فصائل وكتائب “الحشد الشعبي” عدّ ليس بإعتباره طوق نجاة للحكومة العراقية فحسب وإنما يندرج ضد الضغوط التي تمارس عليها حاليا من قبل الحكومة الإيرانية , وكذلك من قبل بعض قيادات “الإطار التنسيقي”وإنما يصلح ليكون ورقة ضغط سياسية تستطيع أن تستخدمها الحكومة لمصلحتها , ضد أي ضغوط تتعرض لها حاليا خارجية أو داخلية , وإستغلال القاعدة الشعبية المليونية للسيد “مقتدر الصدر” الذي قادر بدوره على مساعدة حكومة “السوداني” إذا ما رضخت للضغوط , من انه لديه القدرة العملية من أن يتم التحشيد للجماهير المليونية بالخروج بمظاهرات تطالب وتأييد ما ذهب اليه السيد “الصدر” في بيانه , بعدم التدخل في الحرب الأهلية السورية , وحتى رفع شعارات وتأييد من قبل الحشةود الجماهرية من تنفيذ ما جاء بخطابه حرفيا , وهذا ما يهم الحكومة باعتبار أن هذا البيان يخدم مصالحها ورؤيتها الاستراتيجية حتى ولو لم تنطق بها وتصرح إعلاميآ , لان الوقائع على الأرض وخطورة الموقف والدلالات كلها تشير الى ذلك , وبانه احد اهم أركان الذي تستند إليه لعدم الانجرار إلى حرب عبثية ليس من مصلحة العراق لا من الناحية الاقتصادية والسياسية ولا حتى الاجتماعية والاقتصادية من خوضها حاليا , ومن يريد من الدول المشاركة بهذا الحرب ألأهلية السورية فليتفضل فساحة الصراع مفتوحة على مصراعيها وبدون أي حواجز أو معوقات , ولا يطلب من الغير إرسال أبنائهم لغرض الموت المجاني في حرب لا ناقة لنا بها ولا جمل .

بعض أعضاء نواب البرلمان العراقي قد فهموا اللعبة ولو أن جاءت متأخرة بعض الشيئ من قبلهم , ومع هذا ومن خلال تصريحاتهم للقنوات الإخبارية العراقية , توحي إليك بأنهم قفزوا من سفينة تكتل “الإطار التنسيقي” قبل غرقها في وحل الصراعات المسلحة وتبدلت لديهم المفاهيم والأعراف وأخلاقيات العمل السياسي بوقوفهم بجانب حكومة “السوداني” ومساندته ضد ما يتعرض له من ضغوط خارجية وداخلية لغرض إرسال وحدات من الجيش العراقي القتالية وألوية مدرعة , وكذلك السماح لفصائل وكتائب من “الحشد الشعبي” للاشتراك في الحرب الأهلية في سوريا وأنقاذ نظام “بشار الأسد” والعاصمة “دمشق” من السقوط بيد فصائل المعارضة السورية , وهذا مما يدل على أن التغير نظام الحكم في سوريا أمر وقرار لا مفر منه , وتم اتخاذه من قبل الدول الغربية وأمريكا وحتى إسرائيل , والاهم والمهم ومن خلال متابعتنآ عن كثب نشاهد مدى ما وصل اليه الإصرار  التركي من خلال الدعم العسكري والسياسي التي تتلقاه حاليا مختلف فصائل المعارضة السورية ويتم تأكيده انطلاقًا من تصريح السيد الرئيس “أردوغان” الذي أدلى بها عقب صلاة الجمعة اليوم لصحفيين : ” لقد اتصلنا بالأسد وقلنا له دعونا نحدد مستقبل سوريا معًا وللأسف لم نتلق ردًا إيجابيًا بشأن هذه المسألة” وأضاف :” المعارضة تواصل تقدمها في إدلب وحماة وحمصوالهدف بالطبع بعد ذلك هو دمشق ومسيرة المعارضة هذه مستمرة ونأمل بأن تستمر هذه المسيرة في سوريا دون حوادث أو مشكلات من هذا التصريح وغيره من تصريحات المسؤولين الأتراك التي تؤيد التغير في سوريا يتضح لنا جليا من أنها ستكون لاعبا أساسيا ومحوريا في تشكيل المستقبل السياسي لنظام الحكم في سوريا , واذا جرت الأمور كما هو مخطط لها مسبقآ ومن دون أي معوقات, ويندرج الخطاب التركي كنوع من العقاب السياسي عندما حاولت الحكومة التركية مرارآ وتكرارآ وبالطلب حتى من الحكومة الروسية من التدخل لدى الرئيس “بشار الأسد” لغرض الجلوس معهم لترتيب الأوضاع في سوريا وبما يخدم مصلحة جميع الأطراف, ولكن الرئيس “الأسد” رفض هذا المقترح , واصر على عدم المفاوضات , لذا تم اتخاذ القرار بمساندة ودعم فصائل المعارضة السورية , والآن يناشد نظام الحكم بالجلوس إلى طاولة المفاوضات, ولكن بعد فوات الأوان.

 

التخوف والهاجس الأكبر حاليآ يتمثل في ما قد يحدث داخل العراق خلال الفترة القادمة , من أن يقوم المتشددين من بعض قيادات “الحرس الثوري الإيراني” بمعاقبة الحكومة العراقية لعدم خضوعها لإملاءاتهم وطلبهم بإرسال وحدات قتالية من الجيش العراقي وفصائل من الحشد الشعبي إلى سوريا , ذلك من خلال الانتقام وإعادة سيناريو أحياء ما تبقى من قيادات ومقاتلين تنظيم “داعش” المخابراتي , وعودة مسلسل التفجيرات والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة في الأسواق المكتظة بالباعة والمتسوقين والتجمعات السكانية في بغداد وبقية المحافظات والمدن واستهداف مقرات ووحدات من الجيش العراقي في المناطق النائية , لذا على الحكومة وأجهزتها الأمنية والاستخبارية رفع اقصى درجات الحيطة والحذر , وبالأخص تفعيل وزيادة نقاط التفتيش والمتابعة عند مداخل ومخارج العاصمة بغداد وبقية المحافظات والمدن , وكذلك تشديد الحراسة على جميع السجون التي يوجد فيها قيادات ومقاتلين تنظيم داعش لكيلا تتكرر لدينا مأساة “سجن أبو غريب” , وسجن “الحوت ” بمنطقة التاجي مرة ثانية , عندما هرب المئات من المقاتلين وقيادات القاعدة بعملية أمنية استباقية مدبرة ومتقنة (1) والخوف كل الخوف بأن يتم تفعيل مبدأ عودة استهداف العتبات والمراقد المقدسة في بغداد وسامراء والنجف وكربلاء واستغلال الزيارات الدينية  الموسمية والقيام بالتفجيرات من خلال الأحزمة الناسفة وسط حشود الزائرين .

 

وأخيرآ وليس أخرآ سمه ما شئت:” إرهابي , مقاتل , معارض , متطرف , قاعدي , مدرج على قائمة العقوبات الأمريكية ” ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم , ولكن ما يهمنا من هذا الأمر فقط أن نأخذ البيان المصور لاحد أهم القياديين المؤثرين في المعارضة السورية  حاليآ ” أحمد حسين الشرع – المعروف سابقآ بـ أبو محمد الجولاني” يوم 5 ك 1  2024 وحثه ومخاطبته مباشرة بالاسم  والمنصب :” رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على عدم السماح للحشد الشعبي بالتدخل في سوريا ، ومحذرا من تصعيد التوتر بالمنطقة”  ويضيف :” فكما نجح العراق والسوداني أن ينأى بنفسه عن الحرب بين إيران والمنطقة في الآونة الأخيرة.. نشد على يده أيضا أن ينأى بالعراق عن أن يدخل في أتون حرب جديدة مع ما يجري في سوريا” ويوضح أكثر في بيانه ” في سوريا هناك شعب ثار على هذا النظام .. نرجو ونأمل من الساسة العراقيين وعلى رأسهم السوداني أن ينأى بالعراق عن الدخول في مثل هذه المهاترات، وأن يقوم بواجبه بمنع تدخل الحشد الشعبي العراقي فيما يجري في سوريا بالوقوف في صف هذا النظام الزائل”.

نتمنى على الحكومة العراقية وقيادات الحشد الشعبي , أن لا تأخذهم العزة بالإثم , وأن تدرك أن المصلحة الاستراتيجية في العراق حاليآ تتمثل في كيفية الحفاظ على السلم المجتمعي الأهلي , والحفاظ على الترابط الوطني بين أطياف ومذاهب المجتمع العراقي , لأن هناك ما يزال من يتربص بالعراق شرآ , ويريد أن يخلط الأوراق من جديد  بعودة الحرب الأهلية ( 2006 _2009 ) وإشراكهم في الحرب الأهلية السورية التي تجري اليوم مرغما وطوعا , وهذا ما لا نريد أن نشاهده الأن لا سامح الله في العراق , فيكفي العراق مشاكله الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وما يعانيه المجتمع العراقي.

 

[email protected]