18 ديسمبر، 2024 8:36 م

البعد الأخر لإيران لفتح قنوات الاتصال مع رجل الأعمال اللبناني قبل تسونامي صقور إدارة ترامب

البعد الأخر لإيران لفتح قنوات الاتصال مع رجل الأعمال اللبناني قبل تسونامي صقور إدارة ترامب

* يؤمن الكثير من أنصار ومؤيدي وصقور أدارة الرئيس ترامب وبعد الفوز برئاسة ولاية ثانية بأنه أصبح حاليا يمثل ” الأب الروحي ” للتيار اليمين السياسي المتشدد , الذي يدعو صراحة الى “عودة أمريكا عظيمة” ويعتبرونه في الوقت نفسه أمتداد للآباء المؤسسين لأمريكا , وكذلك امتداد لشخصية الرئيس الراحل ” رونالد ريغان / 20 ك2 1981 ـ ـ 20 ك2 1989 ” صحيح ان ترامب يعتبر حاليا كأحد الشخصيات السياسية المثيرة للجدل ,الذي قدم من عالم التجارة والمال الى عالم السياسية وعمل خلال فترة رئاسته الاولى على تنفيذ سياسات مؤثرة  تهدف مجملها  إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي، وتقليل العجز التجاري ، وتقوية القوات المسلحة بكافة فروعها وصنوفها ، واتخاذ سياسة صارمة للهجرة , بالإضافة إلى ذلك يعتبرونه اليوم  أحد أقطاب المقاومة ضد التيارات التقدمية وتعزيز الهوية الوطنية الأمريكية.


** من يظن حاليآ بأن الرئيس ترامب لديه عصا سحرية قادر على أن يوقف الحروب المفتعلة والمشتعلة فورآ وبدون أن يقدم أي تنازلات أو غنائم للأطراف المتحاربة فهو واهم , لان الجميع يريد ان يرى غنائمه وامتيازاته تتحقق مثلما حققها على أرض المعارك ,وليس من خلال الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية ؟ ما يهمنا الآن ليس وقف الحرب بين روسيا النووية وأوكرانيا , لأن هذه حساباتها معقدة جدآ وليس في وارد أن تقدم روسيا تنازلات بدون أن ترى الثمن يدفع لها مقدمآ على طاولة المفاوضات .

لكن ما يهمنا في هذا المقام طريقة وكيفية وقف الحرب المستعرة والدائرة الآن بين إسرائيل وحزب الله اللبناني من جهة , ومن جهة اخرى بين اسرائيل وحركة حماس , وكما وعد بانه سوف ينهي هذه الحرب ؟ وإذا قلنا بأن السيد ترامب عندما يستلم منصبه رسميا منتصف نهار يوم الاثنين 20 ك2 2025 لا يعلم ما الذي سوف يفعله أولآ ,ومن ستكون له الأولوية في سلم اهتمامات إدارة مكتبه الرئاسي , لن نكون نجافي الحقيقة , مع كم الملفات التي تركتها ادارة بادين , وتجديد مختلف قضايا خلافاته القديمة مع كل من الصين والتمرد الفرنسي / الألماني وحلف الناتو والاتحاد الأوربي الذي اوجس الأخير خيفة من ما الذي سيكون عليه ردة الفعل بعد تسلمه المنصب رسميا.

الوعود الانتخابية شيء وتطبيقها على ارض الواقع حرفيا وكما يراد لها أن شيء أخر ومغاير تماما , فهناك الأهم والمهم والاولوية , فاذا قلنا بأن وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني هو الاولوية ,لكن سوف تكون على حساب مصلحة لبنان أم إسرائيل ؟ بالطبع الإدارة الامريكية الجديدة تعتبر مصلحة إسرائيل أولآ ولا يعلوها أية مصلحة أخرى , ومن جهة أخرى وقف الحرب في غزة ,وأنها فكر حركة حماس عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا , وقلعها من عقلية المواطن الفلسطيني , ولكن ليس بهذه السهولة واليسر التي يحاول ان يروج لها اليمين الإسرائيلي في كل مناسبة , لان الفكرة لا يستطيع أحد اغتيالها ووداها إلى غير رجعة , بل على العكس فإنها تتطور وتتكيف بمرور الزمن مع الأوضاع والمتغيرات بكافة مناحي الحياة صحيح أنها قد يتم خنقها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ,ولكنها قادرة على النهوض من جديد بفضل البيئة الاجتماعية التي ما زالت حاضنة وتؤمن بها مرة اخرى.

السياسة الخارجية الإيرانية دائما تتصف بالبراغماتية الاستراتيجية وبعد النظر للمستقبل , والتي نستطيع ان نوصفها بالمكر والدهاء ومع الابعاد السياسية المتعددة التي تنطلق من تصريحات مسؤولي الحكومة الايرانية في التعامل مع مختلف القضايا الإقليمية والدولية واستطاعتها من التكيف مع الظروف المتغيرة والمتسارعة في المنطقة  مما ينعكس في قدرتها على سرعة التكيف مع هذه المتغيرات الدولية والإقليمية وبالاخص رأيناها سابقا  في المفاوضات النووية ورفع العقوبات الاقتصادية وتحرير الارصدة المجمدة في البنوك الغربية , وكذلك قدرتها على استغلال حسن التعامل مع الأزمات الإقليمية , وهذا ما نشاهده ومتابعة ما يحدث حاليا في كل من لبنان وسوريا واليمن والعراق وتترجم أسلوب المكر والدهاء من خلال ما رأيناه قبل الانتخابات الامريكية ومستوى التهديدات والوعيد من قبل القيادات العسكرية والسياسية  بحيث كان صداها مرتفع للغاية من خلال الاصرار من قبل المسؤولين وبمختلف مسمياتهم بتوجيه ضربة عسكرية موجعة ومؤلمة وواسعة لاسرائيل وتنفيذ الوعد الصادق /3 , ولكن بعد اقتناع هذه القيادات بان فوز ترامب بكرسي الرئاسة اصبح امر مفروغ ولا مفر منه , هدأت بصورة ملفتة للنظر حدة هذه التهديدات , بل على العكس تحولت الى افق اوسع لفتح قنوات حوار ,وانهم مستعدين لتقبل جميع الاراء ومناقشتها , وخير مثال ودليل خاطب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي كان موجه إلى الإدارة الأميركية الجديدة، قائلاً جربوا معنا  ” العقلانية القصوى والحوار وسنكون مستعدين لتقبل اي افكار تطرح لغرض مناقشتها ” .

بعيدا عن الصخب والضجيج التصريحات الإعلامية و وبهدوء تام خلف الابواب , هنا يأتي الدور لفتح قنوات اتصال من قبل المسؤولين الإيرانيين مع رجل الاعمال اللبناني الامريكي وصهر الرئيس ترامب السيد “مسعد بولس” وكذلك التنسيق وإشراك رئيس مجلس النواب اللبناني السيد “نبيه بري” وبما يمتلكه السيد “بولس” حاليآ من أدوات وروابط وثيقة واسعة في الأوساط السياسية والاقتصادية في كل من لبنان وأمريكا , وبالاخص انه ارتبط اسمه سابقا بعدة ملفات سياسية ومشاريع اقتصادية , مثل تلك التي تتعلق بالعلاقات بين لبنان وإيران وفضلًا عن عمق واتساع علاقاته مع مختلف الدوائر السياسية الأمريكية وبالاخص بعد أن أصبح صهر الرئيس ترامب . على الرغم من ان علاقته كانت تتسم ببعض الغموض بسبب الروابط الاقتصادية والسياسية التي كان يتمتع بها مع شخصيات سياسية واجتماعية لبنانية فعالة ومؤثرة.
مما حد بعدها ان استغلت الحكومة الايرانية في فترة من الفترات هذه العلاقة وفتحت معها ابواب الحوار والتفاهم لغرض التحايل على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها , وذلك من خلال بعض العمليات التجارية التي تهدف إلى تسهيل تدفق الأموال والموارد بين لبنان وإيران , اين انهم لديهم معرفة سابقة بهذه الشخصية السياسية الاقتصادية , فان ايران وبعد تكليفه بالملف اللبناني من قبل الرئيس ترامب فان إيران  ستحاول حتمآ وبكل جهد التنسيق والتباحث معه شخصيا وبدون تحفظات , حول اقناعه لغرض تغير استراتيجية ترامب قدر الامكان لصالحها , والتي كانت معروفة لهم سابقا بممارسة الإدارة الامريكية أقصى قدر من الضغط الاقتصادي والدبلوماسي , ومن خلال فرض عقوبات قاسية ومتشعبة ومتنوعة استهداف معها قطاعات حيوية ورئيسية وبشكل مباشرة مثل النفط والقطاع المالي والبنوك والتجارة الخارجية ووصل إلى محاولة عزل إيران دوليًآ قدر الإمكان.
 
الايام والاسابيع القادمة سوف نكتشف عن مدى التنازلات والثمن الذي تستطيع الحكومة الايرانية تقديمها لادارة الرئيس ترامب مقابل الحفاظ على برنامجها النووي ورفع العقوبات الاقتصادية وعودتها الى المجتمع الدولي والتخلي عن الفصائل والأحزاب الولائية ووقف الحرب بين حزب الله اللبناني واسرائيل , وبالاخص بعد الضربات المركزة والمدمرة والتي ما تزال تنتهجها عقلية اليمين الاسرائيلي تجاه لبنان لغرض فرض أمر واقع على الأرض وزيادة نسبة فرص شروط التفاوض لصالحها مقابل إيران التي ستجد قد تجد نفسها مرغمآ على القبول بهذه الشروط وبأقل الخسائر تفاديآ لغضب صقور إدارة الرئيس ترامب وما يضمرونه خفية وعلانية تجاه إيران .

وأخيرآ وليس أخرآ ونتمنى أن نكون على خطأ , ولكن مع الأسف الواقع شيء والتنميات شيء آخر , فقد اثبت لنا الأحداث والتجارب السابقة بما لا يدع مجال للشك أو التاويل عكس هذه التمنيات , بأن تكون الحكومات التي اتت بعد الغزو والاحتلال , لديها من استقلاليتها التامة لاتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية بعيدآ عن أية تدخلات خارجية من خلال أدواتها في هذه الحكومات , ولكن جميعها كانت عكس التوقعات والأمنيات . الآن حكومة السوداني تحاول جاهدة على إيجاد أرضية مشتركة لفتح قنوات حوار مباشرة مع إيران وأمريكا , وأن ينأ بالعراق من أن يكون ساحة لتصفية الحسابات فيما بينهما , ومع محاولة حثيثة بغرض إقناع مختلف الفصائل الولائية المسلحة ــ مرجعيتها السياسية والدينية ولي الفقيه الخامنئي وصقور المتشددين من رجال الدين وقيادات الحرس الثوري المتحكمين بجميع مفاصلها ــ لغرض تهدئة الأوضاع وعدم قصف اسرائيل بالطائرات المسيرة والصواريخ , ولكن الاخيرة من خلال تصريحات القادة العسكريين والمسؤولين بالحكومة سوف لن تغفر لهذه الفصائل الولائية ما تفعله بين الحين والآخر من خلال شن هجمات عليها , فهي اليوم أقرب أي وقت مضى لتلقي الضربة , وعاجلا ام عاجلآ ستكون من ضمن بنك الأهداف التي تم تحديدها مسبقا لغرض قصفها من قبل الطيران الاسرائيلي , عندما تحين ساعة الحساب , أو تكون حاليآ ما بين قوسين أو أدنى.