أمضى العرب أكثر من قرن وهم يمعنون بالكتابات الخانعة , التبريرية التفسيرية الراكعة للحال , والمستسلمة لكل مآل.
وعلى مدى عقد ونصف من هذا القرن الوثاب , إزداد العرب إمعانا في الكتابة بمداد الإنصفاد والتكبل بإرادة الآخرين , والسعي الجاد لتحقيق مصالحهم وبوتيرة فائقة وتعجيل غير مسبوق.
فكم كتب العرب عن معاهدة سايكس- بيكو , والآن يتحدثون عن الإمعان في تمزيق ما أوجدته تلك المعاهدة , وما يسود جميع تلك الكتابات والأحاديث , أن العرب بلا إرادة , ولا حول ولا قوة , إلا الإذعان والرضوخ وتنفيذ مشاريع تفرض عليهم.
عُقد مؤتمر واجتمع فيه المسؤولون العرب وتم إملاء خارطة المنطقة عليهم , وما نبس واحد منهم ببنت شفة , سوى قول “نعم” وسيتم التنفيذ على أحسن ما يُرام!!
وما يحصل , صدى الذين أذعنوا للآخرين , وكأن رؤوسهم تحت أقدامهم!!
وفي خضم الويل والقهر والتدمير العربي – العربي , يغيب سؤال يخشى الكثيرون من طرحه , ألا وهو : أين مصالحنا , ولماذا لا نسعى لتحقيقها , وكيف بنا نكون أدوات لتحقيق مصالح الآخرين؟!
فلا توجد مجتمعات بهذه المواصفات في الدنيا , إلا في أرض العرب , الذين باعوا كل شيئ , وتحولوا إلى سبايا في مزادات الفتك الحضاري الشديد.
لماذا لا يفكر العرب بمصالحهم؟!
الآخرون من حقهم التفكير بمصالحهم , وعندما يجدون قطيعا من الكراسي المستسلمة لما يريدونه ويطمحون إليه , فأنهم يستثمرون فيهم أعظم إستثمار.
فلماذا نلومهم ونتباكى ونتظلم , والعيب فينا وليس فيهم؟!
لماذا نضع المسؤولية الكاملة على القوى ذات المصالح , ونحن ما عرفنا مصالحنا , ولا إحترمنا إنساننا , ولا وفرنا له أبسط الخدمات والحاجات الضرورية لحياة حرة كريمة؟!
فالمجتمع العربي بأكمله في مأزق الإنسحاق والإنطحان برحى المصالح , والعيب في ساسته ومثقفيه ومفكريه وعمائمه , وقادته والتابعين لذوي البرامج والأجندات.
فهل علينا أن نقيم نصبا تذكاريا لسايكس وبيكو , ونترحم عليهما لأنهما منحونا فرصة لمدة قرن , ما عرفنا كيف نستثمر فيها , ونبني دولنا العربية المتحدة المتفاعلة بحرية وآليات دستورية ذات قيمة معاصرة , كما فعلت العديد من المجتمعات التي كانت محتلة؟!!
العيب فينا ياعرب , فلا يجوز لنا أن نلقي باللائمة على الآخرين , ونعيش في وهم المؤامرة , ونحن العاجزون على التآمر من أجل مصالحنا , والماهرون بالتآمر عليها!!