لم يكن الهدف من زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى قطر مؤخراً إلا لتهدئة روع ملوك وأمراء ومشايخ الدول الخليجية وتبديد مخاوفهم من نتائج الإتفاق النووي الإيراني مع الغرب . فقد كشفت التصريحات التي أدلى بها الوزير كيري عقب الزيارة بتقديم حزمة من التطمينات الأميركية لدول الخليج إزاء هذا الاتفاق منها ما يتعلق بتقديم الحماية الكاملة من أية تهديدات إيرانية محتملة قد تهدد أمن الدول الخليجية وإستقرارها ، والعودة بشكل فوري لفرض العقوبات الإقتصادية على إيران في حالة إرتكابها أية مخالفة للإتفاق النووي ، فضلا عما هو أهم بالنسبة للطرفين الأميركي والخليجي إلا وهو التسريع في بيع وتسليم بعض أنواع الأسلحة الأميركية المتطورة ، وهي النقطة الأهم بكل تأكيد فهذا يعني ضخ عشرات المليارات من الدولارات لحساب الشركات الأميركية المنتجة للأسلحة وإنقاذها من حالة الركود الإقتصادي الذي تعيشه حاليا في وقت تنهار فيه أسعار النفط العالمية كل يوم، وتتفاقم فيه أرقام العجز في الموازنات المالية لدول الخليج ، مما سينعكس ذلك سلباً على الأوضاع الداخلية لتلك الدول . دعونا نقف عند رسالة التطمين الأخيرة والأهم من بين كل الرسائل ونتسائل لما كل هذا الإنفاق الخيالي في مجال التسليح والتهافت الخليجي على شراء أسلحة ومعدات عسكرية متطورة وقد تعهد الغرب بحماية دولهم وعروشهم ؟ يبيعون النفط بسعر التراب ليشتروا الأسلحة الأميركية بقيمة الدم خوفاً من إيران ويتخذون من إسرائيل حليفاً وصديقاً ردعاً لإيران ويضربون سوريا ويدعمون الإرهاب في العراق إضعافاً لمحور تقوده إیران ویقصفون الیمن مخافة وصول الحوثيين المقربين من ايران الى السلطة . فاذا كانت أميركا قد تعهدت بتوفير الحماية لهم من أي هجوم إيراني محتمل ، وانهم قد إسترخوا للتطمينات الأميركية، فلماذا هذا الإندفاع نحو شراء صفقات أسلحة جديدة ؟ ولماذا هذا الرعب من إيران وقد أكدت مرارا ً إن إتفاق فيينا لا يشكل أي ضرر لجيراننا، بل أنه مكسب لإنهاء حالة من التوتر دامت سنوات طوال، وحان الوقت لحوار إقليمي في منطقتنا حول جميع القضايا الشائكة ، وإن الفوضى والإضطرابات لا تمنعها الحدود ، فلا يمكن ضمان أمن اي بلد في ظل شرق أوسط مضطرب . هذه الصورة التي أثارت الرعب في نفوس الدول الخليجية يقابلها هدوءً وحكمة عاليتين من الطرف الإيراني عندما قامت الدول الخليجية بصفقات كبرى لشراء الطائرات والصواريخ في ذروة الأزمة الإيرانية مع الغرب . كما إننا لم
نشاهد حكام الخليج على ما هم عليه الآن من هلع وخوف عندما أمتلكت باكستان مفاعلاً نووياً للأغراض العسكرية ونجحت في إنتاج رؤوس نووية قادرة على أن تصل لأية نقطة في الخليج ، بينما سارعوا الى التواطؤ مع المخططات الأميركية لإحتلال العراق وتدمير طموحاته النووية والعسكرية والتي كانت تهدف لتحقيق حلمهم ألا وهو ردع إيران، وتحقيق التوازن العسكري مع إسرائيل نيابة عن كل العرب. لذا أعتقد أن الغرب قد نجح بشكل باهر في تحقيق أحد أهدافه الاستراتيجية في إستخدام البعبع الإيراني لإبتزاز العرب وإستعبادهم من خلال تشغيل شركات صناعة السلاح الغربية وإفراغ خزائن الدول الخليجية .