السياسيون ذوو الوزن الثقيل الذين حملوا هموم شعبهم على اكتافهم هم الذين ارتقوا الى سلم الشهرة وهم قلة قليلة, اما السياسين ذوي الهش البنيان الذين يشترون اصوات الناخب “بالبطانية” قد شارفتهم الذروة وقد بهتتهم حلاوة المنصب وفتنتهم روعة الجاه والسلطان,فراودتهم انفسهم وهم في نشوة الجذل الى ان يرقوا ما بقي امامهم من درجات باقصر الطرق واسرعها ولو يثبوا وثبا ,واذا صح عزمهم على ذلك زلت به اقدامهم وتكاد تهوى في الدورة الانتخابية القادمة.
وعندما استحضرتني ذاكرتي في الربط بين فلمي الراقصة والسياسي والراقصة والطبال ونهاية الفلمين بنهاية ماساوية وربط الحادثتين (بالبطانية والسياسي) وما تنتهي هذه القصة بعد اسابيع معدودة,حيث ان قصة الراقصة والسياسي للكاتب الكبير احسان عبد القدوس والقصة تتناول بعض انواع الظلم والتعسف في استعمال السلطة وضياع الاخلاق من غير شرعية للعلاقة بين الراقصة والسياسي معروفة والكشف عن اسرار وخبايا كبار المسؤولين في الدولة وان القصة تنبات بانهيار دولة الفساد والانحراف وتساقط السياسي الفاسد ووضع الاصابع على الجرح.
اما قصة الراقصة والطبال حيث يتولى الطبال “عبده “تدريب راقصة المولد “مباهج” وتحويلها الى راقصة مشهورة تعترف بحبها “لعبده” ولكنه يرفض الزواج منها فهو يخشى ان يشغله الزواج عن مستقبله الفني, تتعرف”مباهج” على المعلم “هريدي” الذي يغدق عليها المال الكثير وتاسس فرقة خاصة بها,يندم”عبده” على موقفه من”مباهج” وعندما يعرض عليها الزواج ترفض, يفشل “عبده” في تقديم فاصل عزف بالطبلة دون راقصة وينهار ويدمن المخدرات وعندما يتردد على ملهى “مباهج” تطرده ويصاب بالجنون…وهذا نهاية السياسي الذي يتوقع شراء صوت الناخب العراقي(ببطانية) هي نفس نهاية الطبال”عبده” ونهاية السياسي “صلاح قابيل” مع الراقصة…فسوف ينهار ذلك السياسي الفاقد لشرعيته كنهاية ذلك الضابط المخابراتي المكلف بشؤون الفرفشة والانس والليالي الحمراء الذي انحرف عن منهجه وواجبه الوطني المكلف به.
ان استخدام تقنيات الاحتيال والتسويق اللا اخلاقي البخس في توزيع”البطانيات” في التعامل مع شعب حي احس ولو مؤخرا ,وفرصته الاخيرة في التغير لما هو احسن واصلح لاختيار الشخص الذي يحمل المؤهلات الاخلاقية والعلمية ويجد في نفسه الاخلاص والتفاني والتضحية لخدمة الشعب الذي يوصله لسدة الحكم عن طريق صناديق الاقتراح,وهناك مصطلحا دارجا على مثل هكذا سياسي(بالسختجي) حيث لايجد في نفسه الثقة للوصول الى منصة الرقي الا عن طريق”البطانية” او غيرها من الهدايا البخسة.و”السختجي” هي كلمة تركية كان يطلقها البغداديون في دواوين الدوائر الحكومية لما يتسمون باللسان الطويل واللين كما هو حال بعض السياسيين العراقيين وعند الاستفسار من الدواويين العثمانية عن مفهوم ومعنى الكلمة ظهر ان معنى “السختجي” المحامي باللغة التركية وعلاقة “السختجي” بالبطانية ,تبين ان البطانية كلمة تركية بمعنى(battaniye) اسمها مشتق من اقليم (بتان) الذي عرف بهذا النسيج وهي نسيج سميك من الصوف تستخدم للتدفئة والوقاية من البرد, خاصة كغطاء عند النوم ولا نعرف ان السياسي الذي يوزع “البطانية” في بداية الصيف وليس بداية الشتاء وقد يكون مصابا بعمى الالوان وعمى المناخ والطقس وحيث ان المواطن ليس بحاجتها حيث ان عشرات البطانيات تمتلكها حتى العوائل الفقيرة وعلى اعتبار انها رخيصة الثمن لا يتجاوز سعرها25 الف دينار.
وللبطانية استخدامات عديدة فهي تستخدم في لعبة “المحيبس” الشعبية, وتستخدم احيانا بلف تابوت الميت -آلة الحدباء –(كل ابن انثى وان طالت سلامته….لابد يوما على آلة الحدباء محمول), ولها استخدام المعاشرة”تحت البطانية” لكنها تكتم الانفس,وهناك نوع حديث من البطانيات تسمى “البطانية الهزازة”ذات الالياف الكهربائية.
فعليك ايها السياسي الابتعاد عن تقنيات الاحتيال الحديثة”البطانية” واللحاف وغيرها لان الشعب بحاجة الى امان وتوحيد ونبذ الطائفية لا بحاجة بطانيات…فعليك ان تتزود بالعلم والمعرفة والخبرة وان تصبح من اصحاب الكفائات فسوف تبقى رابضا في مكانك لا تتزحزح قيد انملة…وافرض نفسك على المجتمع ان حملت تلك الصفات التي ذكرناها…..يرحمكم الله يافقراء الارض وصيفا سعيدا والى بطانيات صوفية حديثة, وشر البلية مايضحك…..!