23 ديسمبر، 2024 2:07 م

-1-
لا نذيع سراً اذا قلنا :

إنَّ الكثير من الحكّام الذين يُحيطون أنفسهم ببطانةٍ لا تُحسن الاّ فنّ التقرب الرخيص منهم ،وصولاً لتحقيق مصالحها ومآربها ، يظلمون أنفسهم قبل ان يظلموا الناس …

إنّ بطانة السوء تُوقِعُهم في مطبّات رهيبة ، وتدعوهم الى اجتراح الكثير من الاخطاء ،من خلال تعطيلها الكامل لمقتضيات الموضوعية والعقلانية ، وحجب الحقائق عنهم …

ونستطيع القول بملء الفم :

فتش عن الخطايا والاخطاء الكبرى التي قارفها الطغاة والسلطويون –عبر التاريخ – تجد أنَّ وراءها الطراز الفاسد من بطانة السوء، الذين لاينفكون عن (تزيين) القبيح لأسيادهم ، وإبعادهم عن القرار الصائب والموقف الصحيح ..!!

-2-

قالوا للزعيم الراحل عبد الكريم قاسم :

ساوِ بين المرأة والرجل في الميراث، خلافا لما جاء في القرأن حيث أنَّ حصة الذكر ضعف حصة الانثى طبقاً لقوله تعالى :

( لِلذَكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثييْن)

وبرّروا قولهم بان الاية المباركة تقول :

(يُوصيكم الله في أولادكم …)

ولا إلزامَ في الوصية …!!!

وهكذا أوقعوه في ورطة مخالفة القرآن ، وأوقعوا البلد في أَشدِّ المآزق إحراجاً …

وكانت هذه القضية مثاراً للفصام النكد بين المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف متمثلة بالامام الراحل السيد الحكيم – رضوان الله عليه- وبين الزعيم عبد الكريم قاسم ، وكانت سببا لنقمة المسلمين عموماً عليه…

-3-

ويحدثنا الاستاذ السيد أحمد الحبوبي في كتابه الممتع (أشخاص كما عرفتهم) عن البطانة التي أحاطت بالرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف فيقول :

” كان عبد الرحمن عارف ضعيف الشخصية ،

بسيط التفكير ،

تغلب عليه الطيبة ،

ولا ينزع الى الشر ،

وكان للمحيطين به تأثيرهم الواضح على قراراته الرسمية وغير الرسمية،

ودائما ما يعمل هولاء من اجل مصالحهم الخاصة، وتحقيق رغباتهم الشخصية التي قد لايحدها حَدّ ، أو يوقفها قانون ، ويتدخلون في شؤون الوزارات وتُسّنُ القوانين وفق مصالحهم ،

ولم يستطيع وزير أو حتى رئيس وزراء أنْ يقف امام طلبات أو رغبات أو مصالح هذه الحاشية المسيطرة على رأي وفكر الرئيس …

وعندما كنتُ أنا وغيري من الوزراء يضعون هذه الحقائق، أمام طاهر يحيى كان لا ينكرها ويُظهر تذمره وعدم رضاه ، ولكنه كان عاجزاً في صدها أو ايقافها …

واذكر مرة ان اتصل بي تلفونيا سعيد صليبي (آمر الانضباط العسكري) ورجاني أن أوافق على مشروع قانون الفروسية، الذي سيُعرض على مجلس الوزراء لإقراره لأنّ له مصلحة … باعتباره يملك (طُولة خيل) تجري في مضمار السباق ….

سألتهُ ومَنْ أعلمك ان المشروع سيناقش في مجلس الوزراء ؟

فسمعتُه يضحك ويقول :

( احنا حكومة استاذ )

فأجبتُه :

انني سأعارض المشروع لأسباب أخلاقية واجتماعية ووطنية فأجابني :

(بكيفك – استاذ …. لكن القانون سيطلع )

فاتصلت بطاهر يحيى، ونقلتُ له ما جرى بيني وبين سعيد صليبي فسكت ولم يحرجواباً …)

الطُولة هي اسطبل الخَيْل –

-4-

وقد شهدنا في العراق الجديد العديد من فضائح بطانات السوء ..!!

حتى أنَّ المسؤول التنفيذي الأول في الدولة أصرّ على ان يكون الى جواره وهو يستقبل رؤساء الدول والحكومات المختلفة -أحد كبار الأميين بَدَلاً من احضار كبار الخبراء …!!!

وكان لهذا الأميّ الكبير وأشباهه، أدوارُهُم المحمومة في ايصال العراق الى القاع في مضمار الفساد المالي والاداري .

-5-

وبصراحة :

فنحن لا نتوقع حدوث تغيير حقيقي نحو الأحسن في أوضاع البلاد والعباد، ما لم يتم إبعاد كل العناصر السيئة من الحواشي والبطانات، التي لا يهمها شيء قدر اهتمامها بالحفاظ على مكاسبها ومنافعها ، بعيداً عن كل الحسابات الوطنية والقانونية والسياسية والأخلاقية والحضارية ….

*[email protected]