23 ديسمبر، 2024 5:27 ص

البطالة وسُبل معالجتها..

البطالة وسُبل معالجتها..

هناك عدة سبل يمكن من خلالها معالجة مشكلة البطالة في العراق ،وهذه السبل مرهونة بمزيد من الاصلاحات الاقتصادية على مستوى القوانين الاقتصادية والسياسات الاقتصادية واعادة هيكلة البناء الاقتصادي للبلد على مستوى القطاع الزراعي والصناعي على اقل تقدير، كذلك يمكن عن طريق استقلال المؤسسات الاقتصادية المتمثل بعملها وعدم تدخل العامل السياسي الذي يجير لمصالح شخصية. على العموم هناك بيانات رسمية صدرت عن وزارة التخطيط والتي اكدت تجاوز نسب البطالة في العراق منذ عام 2003 درجات عالية ومتفاوتة بين سنة واخرى ،حيث كانت نسبة البطالة في العراق عام 2004، 35% وفي عام 2005 انخفضت الى 28,5 فيما انخفضت النسبة الى 18% حتى عام 2008، واستقرت عند 15% عام 2010، لتنخفض وفق مسوحات وزارة التخطيط الى 11% عام 2012 .
ان هذه البيانات عن نسب البطالة لها اهمية كبيرة في النظريات الاقتصادية، لأن البطالة وما ينتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة، تبين مساوئ سلوك الافراد المؤهلين للعمل ولا يجدون فرصة العمل ،كما تؤدي إلى استنزاف الموارد المالية للدولة عن طريق انفاقها للعاطلين عن العمل.
ان ابرز اسباب تفشي ظاهرة البطالة هي عدم وجود توازن بين القطاعات الاقتصادية واعتماد العراق على المنتج الريعي (النفط) وعدم تخصيص الجزء الاكبر من موارد النفط نحو الانتاج المحلي، فضلاً عن استخدام اسلوب العمل كثيف رأس المال وهذا ما لا يتناسب وطبيعة الاقتصاد العراقي الذي يتميز بأسلوب كثيف العمل (كثافة المورد البشري)، كذلك ان الانفاق الكبير على المستلزمات العسكرية قد ادى الى اهمال قطاعي الزراعة والصناعة، اذ ان هذين القطاعين هما الركيزتين الاساسيتين لتشغيل اليد العاملة وبالتالي التقليل من ظاهرة البطالة، فيجب انت تكون هناك دفعة قوية نحو اصلاح هذين القطاعين لأنهما متلازمين ومتشابكين في العمل وكلاهما بحاجة للآخر في مستلزماته وانتاجه، كما ان الاهتمام بهذين القطاعين يؤدي الى تشغيل اكبر عدد من الفوائض العمالية المعطلة.
يمكن ايضاً معالجة مشكلة البطالة عن طريق تحديد الجزء الاكبر من تخصيصات الموازنة لأغراض الاستثمار، اذ ان تخصيصات الموازنة العراقية التشغيلية تفوق تخصيصات الموازنة الاستثمارية بنسبة تربو على ٧٥٪ من اجمالية تخصيصات الموازنة الاتحادية؛ وهذا يشكل سببا آخر لتفشي ظاهرة البطالة ،وفي نفس الوقت هو حلاً اذا حصل العكس.
ان انفتاح العراق نحو العالم الخارجي وتوسيع نطاق اقتصاد السوق عن طريق الاستثمار الاجنبي المباشر الذي يُستقطب من بعض الشركات الاجنبية من شأنه ان يؤدي الى تشغيل اليد العاملة المحلية وبالتالي التقليل من هذه الظاهرة، لكن المشكلة الاساسية الآن هي زيادة الانفاق الحكومي على الرواتب والاجور لتشغيل اكبر عدد ممكن من اليد العاملة ،ان هذا الانفاق ادى الى ارتفاع المستوى العام للأسعار، وهذه الزيادة في الانفاق الحكومي من المؤمل ان تؤدي الى تقليل هذه الظاهرة ،كما نصت عليها القوانين الاقتصادية ،(زيادة الانفاق الحكومي يؤدي الى انخفاض حجم البطالة) لكن ما يحصل هو زيادة الانفاق الحكومي تقابله زيادة في معدلات البطالة ،وهذا ما يفسره انتشار ظاهرة البطالة المقنعة في مفاصل الدولة بسبب تعطل الجهاز الانتاجي للبلد، لاسيما نحن بلد نستهلك اكثر مما ننتج.
ان هذه الزيادات المستمرة في الانفاق الحكومي اذا ماجوبهت بزيادة السلع والخدمات المحلية سوف لن تؤثر على تقليل حجم البطالة، كما نص عليه القانون الاقتصادي. لذا يتوجب على الادارة العراقية الجديدة التوجه نحو استخدام اسلوب الاستثمار كثيف العمل وتفعيل عمل قطاعي الصناعة والزراعة وبشكل جدي وفق خطط مدروسة ونظام لمراقبة التخصيصات التي تصرف لهذين القطاعين لنتمكن من ضمان سلامة الاموال التي تصرف لهذه القطاعات وبالتالي التقليل من هذه الظاهرة الخطيرة.

*[email protected]