تسعى جميع الدول الى تخفيض نسب البطالة في بلدانها لما لها تأثير خطير على المجتمع ، لقد تجاوزت نسب البطالة في العراق منذ عام 2003 ولحد الان اعلى درجاتها ، حيث كانت نسبة البطالة في العراق عام 2004، 35% وفي عام 2005 انخفضت الى 28,5 فيما كانت نسبة البطالة الى 18% حتى عام 2008، واستقرت عند 15% عام 2010، لتنخفض وفق مسوحات وزارة التخطيط الى 11% عام 2012 . في حين قدرت منظمة العمل الدولية نسبة البطالة ما بين الربع والثلث فيما تشير تقديرات اخرى الى انها تزيد على النص .
وتسعى وزارة التخطيط وفق خطة خمسية اعدتها لعام 2013 الى تخفيض نسبة البطالة الى 6% ، الا ان تلكوء المشاريع وعدم قدرتها على تقليص حجم المعروض من العمل الذي يعتبر اهم عناصر الانتاج ادى ذلك الى انحرافات في مسارات الاهداف التي رسمت نحو تقليل نسب البطالة في العراق .
ان للبطالة تأثير مباشر في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على السواء ، فالبطالة تولد الفقر وبالتالي عزوف الافراد عن التعليم وهذا بدوره يؤدي الى ارتفاع نسب التخلف والامية مما له تأثير سلبي كبير في المجتمع ، وكل هذا فأن اثر البطالة على السلم الاجتماعي مهم جداً ، اذ مع ازدياد نسب البطالة تزداد الاثار الاجتماعية المضرة للمجتمع سواء كانت هذه الاثار ( قتل ، سرقة ، خطف ) فكلها نضعها تحت منظور الارهاب الذي لا يختلف عن من يقتل او يسرق اياً كان .
فالارهاب والبطالة افتان تأكلان المجتمع ، فأذا كانت البطالة منشرة في المجتمع ، فأنها بذلك تُعتبر ارض خصبة للأرهاب ، اي ان من يقود العمليات الارهابية يحتاج الى مورد بشري يستخدمه لأجل تسهيل عملياته الارهابية ، وهذا المورد هو العاطل عن العمل الذي لايجد من يوضفه لأكل الخبز الحلال ، فأن ضاقت على الانسان فأنه يفعل اي شيء للحصول على اموال تضمن له العيش من الناحية الاجتماعية والاقتصادية ، وترجع اسباب ارتفاع نسب البطالة في العراق الى :
١- زيادة عدد السكان بعد نيسان 2003 وعد مجابهة هذه الزيادة بمشاريع استثمارية للمورد البشري (رأس المال البشري ) .
٢- تفاقمت ازمة البطالة بسبب تراجع معدلات النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية .
٣- الفساد الاداري والمالي الذي له تأثير مباشر على الاداء الاقتصادي على المستوى المحلي والقومي ، وهو ايضاً يعتبر اكثر خصوبة وحاضنة للأرهاب .
٤- تعطيل عمل القطاع الصناعي والزراعي وخصوصا بعد 2003 ، حيث تحول الاقتصاد العراقي الى اقتصاد السوق الذي فتح الابواب على مصراعيها اما السلع الاجنبية دون مراعاة المنتج المحلي .
٥- تردي دور الدولة في محاربة البطالة عن طريق اقامة مشاريع تأخذ بنظر الاعتبار كثافة العمل وليس كثافة رأس المال .
٦- تخوف وهرب رأس المال الوطني والاجنبي الى الخارج وعدم اقامة مشاريعه بسبب الوضع الامني المتردي .
ان ما افرزته مشكلة البطالة من اثار اجتماعية واقتصادية وسياسية خطير جداً على المستوى القومي والمحلي فلا بد من وضع بعض الحلول الاستراتيجية المهمة التي من شأنها تقليل معدل البطالة في العراق ومنها :
١- تنويع الاقتصاد وعدم اعتماده على منتج واحد وهو النفط ويعتبر من السلع الاستراتيجية المهمة والذي يتم استغلاله بأستخدام العنصر التكنلوجي اي “كثافة رأس المال ” وليس العمل ، فأستغلال عدد من المشاريع الصناعية والزراعية يؤدي الى تقليل نسب البطالة بشكل عام والبطالة المقنعة بشكل خاص .
٢- توجيه عوائد النفط الخام نحو مشاريع استثمارية محلية نحو استخدام العنصر البشري اكثر من التكنلوجي .
٣- بما ان للعراق مورد بشري فضلاً عن المورد المادي ، فيجب تطوير وتأهيل وتدريب هذا المورد ليكون اكثر قدرة على العمل .
٤- زيادة الانفاق على المرافق الصحية والتعليمية وانشاء مدارس الامية التي ارتفعت نسبتها الى 40% ، وذلك بأعتبار التعليم مصدر رئيسي لتقدم عملية التنمية التي ينتج من خلالها شعب مترف ومستوى معاشي عالي للأفراد .
٥- مع توسيع القاعدة الانتاجية فأن زيادة الضرائب على السلع الاستهلاكية النهائية وتخفيض نسبة الضرائب للسلع الاستثمارية او الوسيطة الداخلة في العملية الانتاجية من شأنه حماية المنتج المحلية وبالتالي استمرار عمل المشاريع وازيادة انتاجها من السلع والخدمات وتسد بذلك حاجة السوق المحلي ومن ثم التصدير ، وينتج عنه عائد رأسمالي وليس عائد ريعي كالنفط المصدر .
٦- منح اعانات للعاطلين عن العمل ، وفتح دورات للتعليم المهني الذي ينسجم واحتياجات سوق العمل في العراق .