17 نوفمبر، 2024 6:58 م
Search
Close this search box.

البطاقة التموينية تغادر بيوت للعراقيين

البطاقة التموينية تغادر بيوت للعراقيين

أعلنت وزارة التجارة في ( مايس الماضي ) عن انجاز طبع أكثر من مليون بطاقة تموينية للأسر في جانب الرصافة ، مشيرة إلى إن توزيع تلك البطاقات على المواطنين سيكون حال الانتهاء من كل محافظة ، وذكر مدير عام دائرة التخطيط والمتابعة لوزارة التجارة في بيان وزعته ( لوكالات الأخبار ) ، إن الملاكات الفنية للدائرة أنجزت تهيئة مليون و50 ألف و444 بطاقة تموينية و إن الدائرة تواصل العمل بإدخال البيانات بهدف الانتهاء من طبع البطاقات التموينيه لجانب الرصافه من بغداد والمباشرة لاحقا بجانب الكرخ ومن ثم المحافظات تباعا ، وبيَّن المدير العام إن توزيع تلك البطاقات على المواطنين سيكون حال الانتهاء من كل محافظة وبمبلغ ١٠٠٠ دينار للبطاقة الواحدة بعد انجاز طبع البطاقة في مطابع حكومية وبمواصفات عالية يصعب التلاعب فيها وللعامين ٢٠١٧- ٢٠١٨.
ويعد هذا الخبر خيبة أمل كبيرة للعراقيين المشمولين بالحصص التموينية لأسباب عديدة ، أبرزها إن آخر إصدار للبطاقة التموينية كان للعامين 2014 / 2015 ثم شهدت توقفا منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ، وثانيها إن الطباعة ستتم في المطابع الحكومية مما سينتج عنه تلكؤ يشبه ما حصل في تجربة طبع المناهج الدراسية لوزارة التربية والتي انتهت بتدخل مجلس الوزراء ، وثالثها إن الطبع والتوزيع لا يتم بدفعة واحدة وإنما بمراحل ، الأمر الذي ينبأ بحصول تأخر متوقع إذ إننا في منتصف 2017 ولم يتم الطبع سوى لربع عدد البطاقات ، كما إننا لم نشهد توزيع البطاقات المطبوعة التي يزيد عددها عن المليون ، وتؤشر حالة إهمال توزيع البطاقة التموينية منذ 2015 ولحد اليوم عن حالة العجز الذي وصلت إليه وزارة التجارة بعد سلسلة من الأداء الضعيف في الإيفاء بمفردات البطاقة التموينية التي يفترض أن تكون صمام الأمن الغذائي لشريحة الفقراء ومحدودي الدخل من المواطنين ، وضعف الأداء أو الفشل في توفير وتأمين مفردات البطاقة التموينية ليست تهمة موجهة للتجارة ، وإنما هو مؤشر بضوء مستويات الأداء فيها بهذا الخصوص منذ 2004 والذي يتم السكوت والتستر عنه إذ يؤشر :
. عدم القدرة على توفير حليب الأطفال منذ أكثر من 10 سنوات رغم إن بلدنا لا يتبع سياسات محددة لتحديد النسل ، وعدم توفير حليب الأطفال يكبد العوائل تكاليف شراء الحليب بأسعار مرتفعة لأنه أصبح تحت رحمة تجار القطاع الخاص الذين لا قيود على أسعارهم قط .
. ضعف انتظام توزيع المفردات التموينية وخضوعها لمزاجات وتبريرات اغلبها غير مقنعة للمواطن ( الجوعان ) تؤدي أحيانا إلى عدم توفير تلك المفردات إلا بعد مرور أشهر عديدة على مواعيد توزيعها وبشكل يضطر المواطن للشراء من الأسواق المحلية بأسعار مرتفعة .
. انخفاض أو انعدام جودة المواد التي يتم توزيعها بسبب انتهاء فترة صلاحياتها أو تعرضها لأضرار بليغة أو بسيطة بسبب سوء الخزن أو النقل مما يحولها إلى مواد ضارة أو غير صالحة للاستهلاك البشري أو الحيواني ، ويقف الرز الهندي وزيت الطعام كشواهد على ذلك .
. عدم القدرة على توفير كامل المفردات خلال الشهر الواحد مما يجعل بعض المواطنين ينركون استلام بعض المفردات لتقليل المراجعة وهو ما يفتح شهية وكلاء الغذائية للتصرف بحصص المواطنين بذرائع عدم توفر المكان لخزنها أو لتصريفها بدلا من تعرضها للتلف ،
. ضعف الرقابة على الناقلين والوكلاء وبشكل أفسح المجال لبعضهم لارتكاب مخالفات متنوعة منها استيفاء مبالغ خارج الضوابط من المواطنين أو التلاعب في الأوزان أو استبدال المواد الصالحة بأخرى فاسدة واستلام حصص المهجرين والمسافرين وغيرها من الحالات .
. ادعاء وكلاء التموينية بعدم وجود جدوى اقتصادية من العمل بوكالاتهم مما يجعلهم غير متواجدين في الوكالات ، الأمر الذي يتقاطع مع مراجعات المواطنين واضطرار البعض لترك حصصهم التموينية وادعاء الوكلاء بان حصصهم قد سقطت بسبب عدم المراجعة للاستلام .
. إسقاط حصص تموينية كاملة من استحقاقات المواطنين من قبل الأجهزة المعنية في وزارة التجارة ، فحسب ادعاءات بعض وكلاء التموينية بان التجارة أسقطت حصص تشرين الأول والثاني وكانون الأول من عام 2016 كما أسقطت حصص آذار ونيسان لعام 2017 بدعوى ان التخصيصات المالية لا تكفي لتغطية احتياجات عام كامل ، رغم إن المواطن لم يستلم حصته لعام كامل قبل التقشف وبعده .
. انحسار المبادرات التي كانت تطلقها وزارة التجارة كتوزيع طحين الصفر في أشهر المناسبات وتوزيع العدس وبعض المواد في رمضان ، فهناك إصرار على تقليص مفردات البطاقة التموينية وحصرها بعدد محدود من المواد لا تعادل 25% من عدد المواد السابقة ولا يتم توفيرها بشكل كامل في أي من الاشهر الماضية وبشكل ينذر بان عصر البطاقة التموينية على وشك الانتهاء .
ويبدو إن البطاقة الوقودية التي تستخدمها وزارة النفط لتقنين توزيع المنتجات النفطية على المواطنين ( النفط الأبيض ) ، قد إصابتها عدوى البطاقة التموينية إذ نفذت القسائم الخاصة باستلام النفط منذ نهاية 2016 إلا إن وزارة التجارة التي تتولى توزيع البطاقة الوقودية مع البطاقة التموينية لم تصدر أي تعليق على الموضوع ، كما إن وزارة النفط وهي الجهة المعنية بالتوزيع تلزم الصمت أيضا إذ لم يصرحوا بإلغائها كما لم يبادروا لاستبدالها ، ومن الأمور التي مررت بها وأثارت العديد من التعليقات والاستهجان ، هي قيام احد وكلاء الغذائية بتوزيع حصة شهر أيار من العام الحالي ، فأثناء مراجعة احد المواطنين لاستلام حصته الشهرية ابلغه الوكيل بان المواد المجهزة لحصة هذا الشهر هي مادة زيت الطعام فقط ، وعندما أراد المواطن استلام المادة ابلغه الوكيل بان عليه دفع مبلغ 15 ألف دينار باعتبار إن عدد أفراد أسرته 10 وسعر الحصة 1500 دينار للفرد الواحد ، واستشاط الموطن غضبا حيث قال كيف توزع علينا ( الحكومة ) زيت الطعام بسعر 1500 دينار لكل علبة والسعر نفسه في الأسواق المحلية وبجودة أفضل من المواد الحكومية ؟! ، وقد استفسر المواطن من الوكيل عن أسباب رفع سعر حصة الفرد من 500 دينار إلى 1500 دينار فأجابه الوكيل إنها اوامر التجارة ونحن أصبحنا نقطع بهذا السعر ونسدده منذ الشهر الحالي ( ايار2017) .
لقد اشبعتنا التجارة وعودا بتحسين مفردات البطاقة التموينية وقد رضينا بكل الإجراءات اتخذتها لتقليل عدد المشمولين بالمواد التموينية ، ولكن واقع الحال يشيرالى إن الأداء يزداد سوءا يوما بعد يوم ولا نعلم هل إن هناك من يريد إن يخرج الشعب للشوارع مطالبا بإلغاء الإجراء المتعلق بتوفير الغذاء الذي اتبعه العراق منذ 1990 ، ومن الغريب حقا أن نسمع بوجود حالات للفساد في التموينية التي تخصص لها مليارات الدولارات سنويا ، دون نلمس إجراءات قد اتخذت بحق الفاسدين المزعومين كما لم نلمس اتخاذ أية قرارات تفضي لمعالجة الخلل في البطاقة التموينية ، رغم إنها تدار من قبل جهاز إداري كبير هي وزارة التجارة وتشكيلاتها المعنية التي تنفق فيها مليارات الدولارات من الموازنة التشغيلية والموازنة الاستثمارية كل عام لدفع الرواتب والمخازن والنقل والمختبرات والمكاتب القخمة والسيارات العادية والمصفحة ، ونعتقد إن الوضع المزري وغير الفاعل للبطاقة التموينية يتطلب تدخلا حكوميا عاجلا لوضع معالجات جذرية ، فأما أن تستمر التموينية لتحقق أهدافها الفعلية بعيدا عن الشبهات وبمستوى الجودة المطلوبة وآما أن يتم إلغائها لإيجاد بديل مناسب يصب في مصلحة المشمولين بها ، إذ ليس من المعقول أن يستمر الوضع بشكله الحالي الذي لا ينفع المستهدفين ويسيء لسمعة الحكومة وقد يحقق المزايا والمنافع للفاسدين فحسب .

أحدث المقالات