7 أبريل، 2024 9:05 ص
Search
Close this search box.

البطاقة التموينية الالكترونية .. متى والى أين ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

الحصة التموينية ليست جديدة العهد على العراقيين ، فقد بدا استخدامها النظام البائد عام 1990 ليغطي عن أخطائه في الدخول بمغامرات الحروب ، وهي وسيلة تم إتباعها ليس لإشباع البطون وإنما لكتم الأفواه التي كانت تتساءل عن الذنب الذي ارتكبه الشعب ليعاقب بالحصار الاقتصادي بعد غزو الكويت بموجب قرار ( مجلس الأمن الدولي ) رقم 661 الذي صدرفي 6 آب 1990 ، وقد تم تنظيم تلك الحصة بموجب البطاقة التموينية التي تحوي على عدد محدود من المفردات الغذائية لتوزع على العراقيين والمقيمين كافة كل شهر ، وبغض النظر عن جودة وكفاية تلك المفردات فان من المفروض أن ينتهي اجلها والعمل بها لزوال مسوغاتها بعد 2003 ، حيث تم ( تحرير ) البلاد وإسقاط النظام ونزع التوجهات العسكرية التي كانت تستنزف اغلب موارد العراق ، كما تم السماح بتصدير النفط بشكل اعتيادي وإنهاء العمل بالنفط مقابل الغذاء الذي أنشاه الأمين العام للأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن 986 ، ووعد المحتلون بان العراق سيكون على خير ما يكونوسيشهد استقرارا وازدهارا في المجالات كافة بما فيها القطاعات الاقتصادية بعد إعادة تصدير النفط بالكميات المتاحةوالعمل بجولات التراخيص النفطية وارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية ، ولكثير من هذه الأسباب وغيرها فقد كان المفترض انتفاء الحاجة من العمل بالبطاقة التموينية وتوزيع مفرداتها لكي يتمتع الشعب بثرواته ويأكل أبنائه من فرصالعمل التي يجب أن تتاح للجميع بعد الاصلاحات الاقتصادية ،سواء التي وعدت بها أمريكا والمانحين او الحكومات التي تعاقبت على أدارت البلاد بعد نفاذ دستور 2005 .

ولكن اغلب هذه الأحلام لم تتحقق ولذلك ( عادت حليمة لعادتها القديمة ) ، من خلال استمرار العمل بالبطاقة التموينية ومفرداتها الغذائية ، التي شهدت خلال العقدين السابقين العديد من الملاحظات والشبهات والانتقادات سواء ما يتعلق بجودة مفرداتها او توقيتات توزيعها او مدى كفايتها والاهم من ذلك هو تحديد فلسفتها وأهدافها فهل هي للفقراء أم لتوفير الأمن الغذائي للجميع ؟ ، ورغم النقد والتساؤلات التي طرحت بخصوص البطاقة ومفرداتها من حيث الجدوى والتكاليف والمردودات او بعض التفاصيل ، إلا إننا نجد إن استمرارها كان حلا من الحلول للعديد من المشكلات والظواهر السلبية التي سادت في الأسواق المحلية خلال السنوات السابقة والحالية ،فرغم إن استمرارها لم يكن أفضل الحلول إلا انه أسهم في إنقاذفئات واسعة من الشعب من الجشع والاستغلال الذي كان من الممكن أن يتعرضون له من قبل البعض سيما وان البلد مربظروف أمنية وبنونية مختلفة ، فالتموينية خلال السنوات الماضية لم تكن بأفضل الأحوال ولم تتطور عن بداياتها ولكنها أسهمت في استقرار الأسعار اقلها للمفردات التي تتضمنها ، كما أنها حمت ووفرت لنسبة مهمة من الشعب الحد المتاح من المفردات من خلال التمويل الحكومي بعد تعرض البلد لكثير من المواقف ومنها التقشف والوضع الأمني ونقص الإيراداتوانتشار الفساد ، كما حمت أسواقنا ( نوعا ) من حالات الارتفاع العالمي للأسعار التي حصلت بسبب الزيادة بأسعار النفط وجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما رافق اقتصادالعالم من كساد ، وخلال السنوات الماضية استمرت التموينية برضا ( جزئي ) من المواطن واستطاعت الصمود رغم الأصواتالتي كانت تنادي بإلغائها او استبدالها بتعويضات نقدية لما تشكله من أعباء مالية وإدارية ، والحق يقال إن استمرارها كان و لايزال ضروريا للمحافظة على توازن الأسعار في الأسواقوتوفير الأمن الغذائي للمواطن خاصة للمواد الأساسية التي تمكن العائلة من تدبر ابرز المتطلبات ، ومن الأقوال السائدة أحيانا إن دخول بعض المفردات الغذائية لبطون المواطن أفضلمن ذهابها لكروش السراق حتى وان كان ذلك ليس بالتمام والكمال .

ورغم إن وعودا كثيرة أطلقت لتنظيم وتطوير العمل بالبطاقةالتموينية إلا إنها لم ترى النور بتعاقب الحكومات ، وبعد مباشرة حكومة السوداني بتنفيذ برنامجها أعلنت عن خطتهالتطوير العمل بالبطاقة التموينية ، أولها التوسع بعدد وجودة مفرداتها وثانيها استقرار تجهيزها وثالثها الحرص على توزيعها كل شهر ورابعها حصر المستفيدين منها واستبعاد بعض الفئات للاستفادة من تخصيصاتها وخامسها إبعادهاعن الفساد والشبهات وسادها إسنادها للشرائح الأكثر فقرا في المجتمع وسابعها تحولها إلى بطاقة الكترونية ( ذكية ) ، واستبشر الكثير خيرا بتلك الوعود ورغم القناعة النسبية في تنفيذ بعض هذه الفقرات والبعض الآخر لا يزال رهن التخصيصات المالية وغيرها من الظروف التي تسعى التجارة لتجاوزها بما يرقى لمستويات تحقق الغرض منها في هذه الأوقات ، إلا إن التساؤلات تتكرر عن مصير تحويل البطاقة إلىالكترونية يمكن من خلالها حصول المواطن على حصصه من المنافذ التي يختارها وانتظام التوزيع بمواعيد محددة والسيطرة وحجب حصص المسافرين والمتوفين والحؤول دون استغلال بعض الوكلاء في استيفاء مبالغ كيفية ، فضلا عن تبسيط إجراءات النقل والإضافة والحذف والتي تكلف المواطنينالكثير من الجهد والوقت والمال ، وهو مشروع وطني واعد ومهم وتم البدء به في منتصف العام الماضي في جانب الكرخ من بغداد وبعض المحافظات وكرست التجارة ودوائرها جهود كبيرة لتنفيذه وتحملت الكثير من النقد ، وتحقق منه اكتشاف الكثير من حالات عدم الاستحقاق ، إلا انه متوقف منذ شهور فلم ينفذ في جانب الرصافة وفي بقية المحافظات ، والبعض يرى بان الوضع الحالي تحول إلى وبال على المشمولين إذ يقولون إنجميع المتغيرات بشان البطاقة القديمة والجديدة متوقفة ومنها الإضافة والنقل والفصل ، وعند مراجعتهم للمراكز التموينية يخبرونهم بان المباشرة بالمتغيرات التموينية وفعالياتها متوقفة لحين اكتمال النظام ، والنظام لم يكتمل منذ عام ولا يعلمون متى يكتمل لكي يكون نافعا بالفعل ولا يسبب إضراراللناس ، وهناك الآلاف من الحالات المتوقفة والمتعلقة بمعيشة المواطنين الخاصة بالبطاقة التموينية بسبب عدم تكامل تحويلها الكترونيا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب