القرآن الكريم مثلما هو مليء بالبطاقات الخضراء التي تسمح للعباد بأخذ ما ينفعهم في الدنيا من الطقوس العبادية لكسب مرضاة الله في الدنيا والآخرة وما ينفعهم من التعاملات الإجتماعية لهم فيها معايش ومنافع وفوائد في حياتهم اليومية ،، فيه ايضا بطاقات حمراء تخص تصرفات وسلوكات الوان البشر وضروب الأشياء ولكنني هنا ساقتصر على البطاقات الحمراء التي خصصها الله لكي تُشهر بوجه كل من يتجاوز على النبي محمد (ص) في ان يلزم حده ولا يتعداها ولا يشكك ولا تأخذه به الظنون وهي كثيرة ولكنني سأذكر بعضها والهدف الإلهي منها هو تأكيد عصمة النبي من أي خطأ ناتج عن اتباع هوى النفس او متاتي من غواية الشيطان له :-
1- البطاقة الأولى :- وهي سورة النجم وهذه السورة من بدايتها الى نهايتها في آياتها الـ( 62) يؤكد الله سبحان فيها عصمة النبي المتمثلة في عدم الإنصياع لهوى النفس وعدم طاعة الشيطان والسير على طريق الشائن وهي تؤكد بما لا يقبل الشك ان جبرائيل عليه السلام كان يرافق النبي (ص) طوال حياته من يوم بعثته الى يوم وفاته لم يتركه لا في حلِّه ولا في ترحاله ولا في يقضته ولا في نومته 0
واكتفي منها بالآيات الخمس الأولى لتحصيل الغرض العام منها في عصمة النبي (ص) بأنه لا يخطأ ابدا فجبرائيل معه ليلاً نهاراً يصوب له اقواله ويصحح له مساره بامر من الله ووفق مشيئة لله وإرادته ، لذلك فكل تهمة اتهم البعض بها رسول الله (ص)هي مردودة على صاحبها وهي ذنب يعاقب عليه يوم القيامة وهذا ما تبيَّنه سورة النجم بشكل واضح ومنها قوله تعالى :- { وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (3) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ (4) عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (5)} 0
2-البطاقة الثانية :- قوله تعالى :- { وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ }(الحشر: 7)
ما اعطاكم النبي من اشياء من مال ونحوه فخذوه منه وما امركم به من الأفعال والأقوال فخذوه منه مثل الأوامر الخاصة بالعبادة والتعاملات الأجتماعية فيما بينكم وما نهاكم عنه من اخذ الاشياء المادية فلا تأخذوه وما نهاكم عنه من عبادات لم يأتِ بها هو ولم يأمركم بها فلا تعتمدوها 0
3-البطاقة الثالثة :- قوله تعالى في سورة الأحزاب :- { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } ( الاحزاب/36)
أي:- لا ينبغي ولا يليق، ممن اتصف بالإيمان بالله واتصف باليقين في معرفته ، إلاّ الإسراع في مرضاة اللّه ومرضاة رسوله وعدم عصيانهما قيد انملة ، لآن في طاعة الله ورسوله الهرب من سخط اللّه ورسوله واجتناب النار، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة { إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ْ} من الأمور، وحتَّما به وألزما به { أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الله ربه ولا بد من طاعته وأن الرسول أولى به من نفسه ، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر اللّه ورسوله 0
وكان الهدف الإلهي من هذه البطاقات الحمراء هو توفير الحماية لنبيه الكريم من المتطفلين المستهزئين برسالته والعابثين بمضامين القرآن والسنة النبوية الشريفة وفقا لأهوائهم وتوجهاتهم الولائية على خلفية العاطفة المشبوبة بهوى النفس والطمع في الدنيا0
فعلى سبيل المثال إذا قال احدهم ان النبي اخذ يهذي وقد جانبه الصواب وقفت بوجهه سورة النجم وردَّته قائلة إن النبي لا يهذي ( إن هو إلاّ وحي يوحى ) وتتصدى له أيضا الآية (36) من سورة الأحزاب وقالت له إن رسول الله (ص) لا يهذي وإنه إذا قضى امرا إنمَّا كان ذلك بوحي من الله وليس من عنده لذلك عليك ان تأخذ به ولا تعصيه وإلاّ كنت من الضالين ضلالا مبينا كماجاء في هذه الآية 0
ثم اعترضت طريقه الآية (7) من سورة الحشر مطالبة إيِّاه ومن اجل مصلحته أن يأخذ ما اعطاه النبي (ص) من الأشياء وان ينفذ ما أمره به واجتناب ما أمر بتركه لآن ذلك من التقوى ، فإن رفض وعاند النبي (ص) فقد ارتكب ذنباً يكون من خلاله عرضة لعقاب الله والله شديد العقاب كما ورد في هذه الآية 0