23 ديسمبر، 2024 10:29 ص

البصريون …كذبة التحالف الشيعي الكردي …ووطنية الأكراد الضائعة …

البصريون …كذبة التحالف الشيعي الكردي …ووطنية الأكراد الضائعة …

لا يكون منصفا ولا منطقيا كل من يفكر أو يعتقد أو يقول بان للأكراد وطنية ، فالوطنية هي الانتماء لأرض الوطن ومجتمعه وتاريخه وتراثه ، والأكراد بعيدين كل البعد عن هذه الإبعاد ، بدليل انهم دخلوا في صراع مع كل الحكومات العراقية منذ سقوط ما سميت بدولة مهاباد  ، فحلمهم بدولة وأمة قومية “وهذا حقهم ” يكون الحاجز الدائم بينهم وبين الانتماء الوطني للعراق ، وألان وعلى مختلف المناصب العليا التي  يتبوؤها بدء من السيادية كرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية ، ونيابة مجلس الوزراء والبرلمان ،  لم يخرج أي من هؤلاء ليجامل  الشعب العراقي ويقول ” انا وطني عراقي وقوميتي كردية” …
هذه الحقيقة ، لا ينكرها إلا من في عينه غشاوة وهذه الغشاوة هي مصالح  فئوية وحزبية ضيقة ، وبصلافة وبلا مستحى يغطيها هذا البعض بعبارة ” التحالف الشيعي الكردي ” وهذا بصفاقة وانتهازية يخول نفسه وكيلا عن الشيعة  ، مع ان الشيعة كمذهب لا يمثله السياسيون ولا المدنيون ، بل ومنذ مئات السنين ، تمثله المرجعيات الدينية الشيعية في النجف ، أذن أي حديث يخرج عن المرجعيات  الموقرة بتمثيل الشيعة  لا يكون الا دجلا وانتحالا وتزويرا  … والمرجعيات الدينية الشيعية وان كانت في زمن سابق أفتت بحرمة قتال  الأكراد … لكنها لم تفتي ولن تفتي ” منطقيا” بالتحالف مع الأكراد على حساب مكونات الشعب الأخرى و لن توصي بمثل هذا التحالف ثمنه العراق كوطن .
الأكراد … مع بايدن بتقطيع العراق … دولة كردية ودولة شيعية ودولة سنية ،لكنهم وبحساباتهم البرغماتية  المعروفة والتاريخية ، يعرفون جيدا بأن الوضع الإقليمي الحالي لن يسمح لهم بذلك ، فتركيا صديقتهم اليوم ستكشر لهم أنيابها غدا ، وإيران ترفع فيتو  قوي ، وفشل حلم الامتداد السوري  بكابوس جبهة النصرة ، والعم سام بزعامة بايدن لم ينير الضوء الأخضر بعد …. هذه الأمور لا مخرج  منظور لها حاليا  ، وتتطلب زمنا لا يقل عن 25 الى 30 سنه لترسي على بر ، اذن وبكل بساطة الأكراد  دخلاء ” خطار “على الدولة العراقية ، وما قاله لي سياسي محنك ذات يوم ، هناك جهتان تنخران العراق ” حشرة أرضة ” … الأكراد والكويت …  فهدف الاثنان بقاء العراق ضعيفا دائما “والقول للسياسي ” ليتم حلبه بطريقة جائرة وانتزاع مايمكن انتزعاه منه وهو في ضعفه ، والاثنان ” الكويت والأكراد ”  على ثقة ومعرفة تامه ، بان العراق إذا أتيحت له فرصة التقاط أنفاسه والتعافي  ، يبقى مصدر قلق وتهديد لهما ،بضمن ذلك وجودهما ككيان .
عندما سئل السياسي الوطني الشريف صلاح العلي في سحور سياسي عن  رايه بالطالباني ، أجاب وبدون تحفظ … رجل برغماتي مصلحي وانتهازي ، وذكر بان الطالباني كان على وشك زيارة الدكتاتور المقبور عام 2003 وان الأخير ولغاية سقوطه كان يصرف راتبا شهريا للطلباني ، وما شهدناه من تطورات سياسية بدء من التغيير لغاية يومنا هذا وكل من يتابع المسار السياسي للطلباني سيجده بنفس اللون ، على سبيل المثال ، موقفه من سحب الثقة عن المالكي بعد ان كان باعتراف الجميع هو المبادر فيها ، وموقفه من تهريب واستضافة طارق الهاشمي واستمراره بصرف راتبه من ديوان الرئاسة بعد ثبوت إدانته من المحاكم العراقية ، وقبل هذا وذاك ،موقفه  المشين ابان   اندلاع التصفيات على الهوية الطائفية عام 2006 و2007 لابل وهو الرئيس لم يسعى الى فرض اي  مبادرة سلام او صلح بل كان يخرج  بخطاب دائم على الفضائيات ويعلن أن الصراع ” سني شيعي ” أي يزيد النار اشتعالا  لان مصلحته تتطلب استمرار هذا الصراع ..وبالتالي يغنم مكاسب من أضعاف المكونين وفق مبدأ برغماتي أصيل ” فرق تسد “.
أما البرزاني … فهو لم يعترف يوما بدولة عراقية ويهدد دائما بخيار الدولة الكردية ، وينهج كذلك بعلاقاته الخارجية ، بل  واعد جيشا جرارا تحت مسمى ” البيشمركة ” لدولته الموعودة ، ولا يتوان بين الفينة والفينه من التهديد بإمكانيته للمواجهة المسلحة مع الجيش الاتحادي ، وهذا لوحده يعد خرقا للسيادة  الوطنية ومن يزعزع سيادة بلاده لايكون وطنيا ، كما انه ونتيجة لسذاجة وضعف من يدعون بالمكون “الشيعي ” سوق نفسه عليهم حامي حمى الأكراد تحت مسمى المناطق المتنازع عليها ، بينما واقعا وضمن الدستور شؤون تلك المناطق  من شأن سكانها ،هم أصحاب الخيار بانتمائهم  ولم يوكلوا البرزاني ليكون وكيلا عنهم …
مسار الأكراد عموما بعد التغيير … شق الصف الوطني … بالتلويح بالصراع بين العرب السنة والعرب الشيعة ، مستغلين انتماء الدكتاتور المقبور للمكون السني ،واظهروا تكتلهم مع دعاة المكون الشيعي لاحبا بعيون الشيعة ، ولكن  شعارهم نحن معكم ضد السنة … بشرط ان نحصل منكم على مانريد … وكان لهم ما أرادوا ، فلغموا الدستور الذي كتبوه بغياب المكون السني ، بادارج القوميتين ، وحق تقرير المصير ، والمادة 140 ، وموافقة ثلاث محافظات او رفضها بغض النظر عن نفوس تلك المحافظات أي فصلوا الدستور وفقا ” للدكمة” الكردية .
ومنذ اقرار الدستور وليومنا هذا … لا شعار للكرد سوى الحصول على اعلى المكتسبات من الحكومة المركزية باستغلال صراعها مع المحافظات الغربية ،ووقع من يدعون بتمثيل المكون الشيعي فريسة سهلة لهم ، فهم يستغلون ضعف الحكومة المركزية في الأزمات فيأتون للتفاوض معها لكن بمثل ” إذا رأيت  نيوب الليث بارزة  فلا تحسبن ان الليث يبتسم “.
الأكراد يستلمون 17%  من الميزانية العامة ، وهم مستقلون تماما باستثمار ثرواتهم النفطية عن المركز ،ويتصرفون بإنتاجهم من النفط لحسابهم ، بل والأكثر من ذلك استغلوا الحكومة المركزية لكي تدفع للشركات الأجنبية مبالغ الاستكشاف والإنتاج  ،  وقد تم تسويق إنتاجهم النفطي دون علم الحكومة المركزية ودون ان يسددوا أية أموال للخزينة المركزية وفقا للدستور ، اي ان إنتاجهم النفطي مباح لهم وحرام على بقية العراقيين ، وهم لازالوا حجز العثرة لإقرار قانون النفط والغاز إلا إذا صيغ وفق مصالحهم … بل وبكل تبجح يطالبون الحكومة بدفع رواتب لجيشهم الجرار من البيشمركة … مع إنهم يهددون السيادة الوطنية به فهو الجيش الموعود للدولة الكردية… وهو غدا محرر المناطق المتنازع عليها وفقا لتصورهم من الاستعمار العراقي …
95% من الموازنة العامة من ريع الإيرادات النفطية و80% من هذه الإيرادات تأتي من إنتاج حقول البصرة ، اي البصرة البقرة الحلوب التي تطعم العراق ، لكنها لا تحصل بالمقابل الا على 3% من الميزانية العامة مع ان عدد سكانها يتجاوز تعدادا نفوس الإقليم الكردي ، وبالإعاقة المستمرة من الجانب الكردي والحكومة لانجاز الإحصاء العام للسكان بقي عدد نواب البصرة بحدود 23 نائبا وفق البطاقة التموينية لما قبل عام 2003 مع ان نفوس البصرة قد تجاوز ذلك ، ولو اجري إحصاء اليوم لحصلت البصرة على 40 مقعدا في البرلمان القادم ، وبالتالي يكون لها قوة قرار في تشكيل الحكومة القادمة وفي احتلال مناصب سيادية ،  وهو ما لا يقبله أصحاب القرار السياسي الحاليين ومالا يقبله الأكراد أيضا ، لانه سيضعف حضورهم وقوتهم البرلمانية وهوس بقائهم كبيضة القبان .
رئيس الدولة العراقية ، ووزير الخارجية ، ونائب رئيس البرلمان ، ونائب رئيس الوزراء ، واكثر من أربعة وزراء وبحدود 120 سفيرا ، كلهم أكراد ، كم عدد البصريون الذين يحتلون مناصب سيادية ، للأسف ولا احد … كم يستلم هؤلاء الأكراد من ميزانية الدولة العراقية من رواتب ومخصصات ومكافئات … حتما تكون بالمليارات اذا لم تكن بميزانية مفتوحة خاصة بما يتعلق برئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية ، وكل هذه المليارات ستستثمر في الإقليم الكردي ، ومدفوعة وتسدد من نفط البصرة ، ولو أضفنا هذه الرواتب والمخصصات الى ميزانية الإقليم ، لتجاوز ما يحصل عليه الأكراد 25% من الميزانية العامة مقابل 3% فقط للبصرة ، فلينظر البصريون هذا حصيلة التحالف”الكردي الشيعي “، البصريون ينتجون النفط ويجوعون ، والأكراد يمتلكون مقدرات نفطهم بالكامل ويستحوذون على ربع خيرات إنتاج البصرة ، وبالتالي لماذا لا يرفعون شعار ” ليحيا التحالف الكردي الشيعي “. 
لكن غاية هذه المقالة ، ليس بيان ما يتعرض له البصريين من سلب لحقوقهم من الميزانية العامة ، بل والأخطر من ذلك بكثير ، لقد اثبتت من  ما سبق بان الأكراد فاقدي الوطنية كعراقيين ، وبالتالي تسليمهم مناصب سيادية في الدولة العراقية كوزارة الخارجية ، يعد تفريطا وتجاوزا في الحفاظ على السيادة الوطنية ، وهذا ما حدث بالفعل ، فالاتفاقات التي ابرمها هوشيار زيباري مع الكويت ،  حملت جورا كبيرا تجاه البصريين ، امتدت الكويت على حساب اراضي البصرة الى ناحية سفان بينما نحن كبصريين نعرف بان حدود الكويت تقع  عند سورها القديم وفق وثيقة انتزعها من الانكليز عبقري السياسة العراقية ” نوري السعيد ” … ولازالت هذه الوثيقة تؤرق الكويتيين ، علاوة على نزع أراضي البصرة ،منح زيباري الكويتيين ثلاثة حقول نفطية كبيرة ،  لكن هذه العطايا الزيبارية الكردية للكويت ، لم تكن بلا مقابل ، فقد حصل زيباري خارج الاتفاقيات المعلنة وخلف الكواليس كما يقال  على تأييد تام من الكويت لدعم أقامة الدولة الكردية بالاعتراف بها حال تشكيلها ،  وبالتعاون مع الكويت على بقاء الدولة العراقية بعد انفصال  الإقليم دولة ضعيفة ،  وبتحويل أموال طائلة من الكويت لاستثمارها في الدولة الكردية القادمة ، وهذا ما ينطبق على كل المعاهدات  الدولية التي ابرمها مع الدول الخارجية ، والتي لم تصب الا في مصلحة الدولة الكردية القادمة ، لذلك من صوت على زيباري وزيرا لخارجية ، بصم بأصابع يده على تفتيت سيادة ودولة العراق ، يذكرني هذا برسم كاريكاتيري للفنان قديم  وضع تحته عبارة ” كاكا وكلمبة وجليب الماي ” ، اما الثمن المباشر الذي قبضه الزيباري ومعه هادي العامري وزير المواصلات ، فهي حقيبة لكل منهما ملئت بملايين الدولارات ادعى الاثنان بعد انكشافهما بأنهما أرجعوها للكويتيين .لم يعد إمام البصريين من خيار ، لاستعادة حقوقهم المستلبة من الدولة العراقية على مر التاريخ ، غير خيار واحد ، ان يكون مستقبل مدينتهم  ، تاج الخليج ، فينسيا العرب ، والبصرة الفيحاء ، بقرارهم ، ولن يتمكنوا من ذلك الا ان يكونوا إقليما …